أقلام حرة

صادق السامرائي: نعم نقرأ!!

صادق السامرائيتسود الأوساط الإعلامية أن الناس لا تقرأ، وما نكتبه لا تأثير له في الواقع لأنه لا يُقرأ، ونسبة الأمية في مجتمعات الأمة عالية، وغيرها من الإدّعاءات والشائعات المغرضة، الرامية لتأمين الشعور بالإحباط والدونية والإنكسار، وتعزيز التبعية والخنوع لإرادة الآخرين.

فهل صحيح أن أبناء الأمة لا يقرأون؟

هل قارنتم بين عدد الجامعات في مجتمعاتنا قبل نصف قرن والآن؟

هل قارنتم عدد الإذاعات ومحطات التلفزة والصحف والمجلات بأنواعها منذ عقود واليوم؟

الذين يكتبون بسلبية ويوهمون الناس بأنهم لا يقرأون لا يمتلكون دليلا واضحا، ولا إحصاءً يشير إلى ذلك، وإنما يتحدثون بلغة الرجم بالغيب.

ويبدو أنهم يعممون ويخشون الإشارة الجريئة والتشخيص المبين، فالذي لا يقرأ الكراسي المتوهمة بالمعرفة، وهي من أجهل الجاهلين وفي غفلتها تعمه وتدين.

نعم أصحاب الكراسي لا يقرأون والناس تقرأ، ولكي تقمع إرادتها تتهمها بالجهل والأمية وعدم القراءة، وتحاول أن تستهلك أوقاتها بالجري المرهق وراء الحاجات الأساسية للحياة لكي تمنعها من القراءة، فمَن يقرأ ضد الكرسي الذي لا يقرأ.

علينا أن ننصف المواطن، فهو أكثر وعيا أضعاف المرات مما سبق، والذين يتوهمون بأن المواطن يجهل، فهو من الجاهلين والمتصومعين في زنزانة المعرفة الوهمية.

فعلى الذين يكتبون أن يقدموا مواد تزيد من ثقافة المواطن، لا أن تستهين به وتسوّق له بضاعة بائرة منتهية الصلاحية وتتهمه بأنه لا يقرأ!!

نعم الكثير مما يُكتب لا يُقرأ لأنه يستخف بالمواطن، ويتفاعل معه بفوقية ونرجسية وتعالي مريض، والكاتب يستعمل أدوات تنفيرية وأساليب تطرد القارئ من أول سطر.

فالعيب في الكُتاب الذين لا يعرفون كيف يكتبون ما هو جدير بالقراءة، خصوصا في زمن النشر السهل والسريع، الذي جعل كل مَن يحشو السطور يتوهم بأنه قد كتب!!

فهل نعرف كيف نضع الأفكار في كلمات؟

وهل لدينا قدرات التعبير الجذاب الجميل عمّا نريد قوله؟

إن الكتابة صنعة وفن وإبداع وموهبة، وليست إمساك بقلم وركض على السطور، أو إجادة الضرب على "الكي بورد"!!

فهل لنا أن نكتب ما يُقرَأ؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم