أقلام حرة

صادق السامرائي: لماذا ننظر إلى الخلف؟!!

صادق السامرائيالخطو للأمام يكون مرهونا بالنظر للخلف، وكلما تقدمت المجتمعات قل نظر أبنائها إلى الخلف، وأمعنوا بالنظر للأمام، تلك ملاحظة جلية، فالنظر إلى الخلف يشير إلى الشك بوجود مخاطر.

فعندما تسير في مكان عام في المجتمعات المعاصرة، وتنظر للوراء، ستثير حفيظة الذين حولك، لأنهم يحدِّقون في الأمام برؤوس منتصبة، لا تلتصق نظراتها بالأرض التي تدوسها أقدامهم.

وفي مجتمعاتنا يسود النظر إلى مواضع الأقدام برؤوس منكسة، وكثرة التلفت والفزع من أي صوت أو حركة، مما يشير لغياب الأمان وعدم الإطمئنان وسيادة الخوف والهلع، وهيمنة الظلم وفقدان قيمة وحقوق الإنسان.

كما يوحي بأن الشخص مُطارد، وفي هلع وتوجس من الآتيات، ولإنعدام الثقة بيومه وغده، وكأنه يتحرك على شفا حفرة من الذل والهوان.

وبإقتراب آخر فالمجتمعات المدثرة بماضيها، والمشوَّهة الوعي والإدراك لتراثها، والمعجونة بالعواطف والإنفعالات السلبية المتصلة بأحداث ماضوية، أشبه بالأوهام والهذيانات المفترسة لوجودها بأبعاده ، تندحر بماضيها، خصوصا عندما يقدَّم إليها كأبعد من خيال، لا تستطيع الإقتراب منه فعليا وعمليا في حاضرها.

أي تتحول إلى مجتمعات مطارَدة بماضيها، مما يسهل صيدها وإيقاعها في أحابيل التنكيل بوجودها، وتخميد أنفاسها.

ومن الواضح أن أعداء الأمة  خبروا اللعبة، وأجادوا إدارتها وتمريرها على الأجيال، لأسرها بما تتطلب مصالحهم ومطامعهم، فدحروها بماضيها المجيد، فبدل إستلهام معانيه والإنطلاق بإرادته العزومة نحو آفاق العصر، تحوّل إلى مصدر للنكبات والتصارعات ومحق أبناء الأمة ببعضهم، فأحضروا ما يبرر لهم العمل على الإحتراب الفتاك، والتفاعل التدميري وصناعة الخراب، فهذا السلوك الذي عليه أن يدوم، فالأمة مرهونة بويلات الماضي الذي شنّعوه وهو خير من ماضي أمم الأرض!!

فهل سنحافظ على النظر إلى أمام، لتتسع آفاق رؤيتنا فنكون؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم