أقلام حرة

أكرم عثمان: العصا لا تكن في دولاب مركبتنا

اكرم عثمانإن الشخصيات التي تبني وتسهر وتعمل وتكابد الحياة بكل صلابة وقوة يكتب لها سجل من التجارب البراقة والناصعة من النجاح والصعود أكثر من أولئك الذين يبحثون عن مبررات وأوهام التردد وغياب الجرأة والوعي بالمسالك والخطوات، فديدنهم هواجس ومخاوف وزلات وإنزلاقات.

فمن أخطر ما يبدو للمرء عند التفكير في بواطن الأعمال والسير قدماً لخطوة يخطوها أو مسلك ينتهجه في حياته المهنية والاجتماعية أن يقدم المبررات والموانع التي تعطل الموكب وتضع العصا في دولاب سيره ومركبته، فقمة الإحباط والسيل من التراجعات والتقهقر ينتابه ويحيط به، ومن ثم يستعيد ذكريات مؤلمة خلت من فشل وإخفاق وتخاذل الناس من حوله، فيبدأ التراجع وتتوقف ساعة الانطلاق عن النشاط أو الفعل.

إن العديد من البرامج والمشاريع كانت فكرة عظيمة ومبدعة ونادرة الوجود والحضور إنما عند  النظر إليها بالمنظار القاتم والسواد الكالح تبخرت وذاب بريقها وأصبحت أثراً بعد عين، فتراجع المشمرون والمتهيئون والمستعدون عن تنفيذ أفكارهم وطموحاتهم وإبداعاتهم من أن ترى النور أعمالهم أو تلمس الواقع التجريبي لتصبح ممارسة وتطبيق فعلي للأحلام والرؤى التي راودت وتراود أصحابها ومفكريها.

فأصبح الواحد منا يردد أقوال الآخرين وتخاذلهم فمنهم من قال جربنا وفشلنا، ومن أحبط مسعى غيره بدعوى أن هذه المشاريع خاسرة ولا يكتب لها النجاح والاستمرار، ومن من قال أنها لا تصلح لمجتمعاتنا ولا لظروفنا وآخرون أحبطوا مسعى غيرهم بقولهم رح تخسر فلوسك ومجهودك على الفاضي وبدون طائل، كلمات واهية ربما كان فيها بعض الحق والصواب، إنما جلها تيئيس وتطفيش وانعكاس للخواء والخور والانهزام النفسي والذهني للعقول والأفئدة الضعيفة والمتهالكة.

من المهم أن نبدأ بالتخطيط للأفكار البناءة التي تضع قدماً راسخاً وثابتاً نحو الأهداف التي نسعى إليها لبلوغ النجاح والتميز في الأداء، وأن نستعين بأصحاب الخبرات والتجارب البناءة والناجحة التي سطرت في تاريخها ممارسات وأعمال متميزة، وأن نضع تصور وخطط بديلة وحلول للمستعصيات من الأمور منها، فلا  نجعلها معول هدم وتقهقر عن أيه مشوار نريد أن نعبره أو طريق نشقها.

فالإيجابيون يقدمون ولا يتراجعون لديهم هموم إيجابية وطاقة دافعة نحو العمل، فالحركة بركة والميل سيصبح أميالاً والخطوة ستكون خطوات، والتجربة تصبح تجارب، والفكرة تتحول إلى أفكار ومشاريع وممارسات وأعمال تصفق لها أيدي الناظرين إليها، والأمل الذي يحدونا سيتحقق بمشيئة الله إن أصلحنا دولاب حركتنا ورممنا ما يعترض سبيلنا وعالجنا ضعفنا بحكمة وروية.

دمتم سالمين

 

د. أكرم عثمان

مستشار ومدرب دولي في التنمية البشرية

9-12-2021

 

في المثقف اليوم