أقلام حرة

عماد علي: لا تنبهروا بمظاهر اقليم كوردستان

عماد عليهي كحال الشخصيات، فان السلطات ايضا متنوعة الكيانات والتفكير والتوجه والعقلية والفلسفة والاسلوب والتركيب، ويكون تاسيسها وفق مقومات النشاة والظروف التي تاسست عليها وجوهر المنفذ والمتنفذ فيها، فمنها تقليدية ساكنة غير متحركة ولا متغيرة، ومنها مظهرية بحتة لا تمتلك جوهر حقيقي وحتى بعيدة عن واقعها هي وتغطي كل سلبياتها امام الاخر باساليب خداعة ولا تُظهر غير الايجابيات القليلة التي تملكها امام اعين المشاهد الاخر غير العالم بما تحويه، وهناك مقلِدة للاخر نصا دون اي اعتبار للظروف الذاتية لها وخاصة ما يمسح وجهها الملطخ امام الرؤية والمتامل، ومن الامثلة لهذا النوع الذي يمكن ان نضربه هنا هي سلطة اقليم كوردستان وهي مظهرية تقليدية بحتة لا صلة لها بالواقع والشعب الكوردستاني ولا بظروفه الموضوعية ولا الذاتية. وهناك طبعا من السلطات تكون واقعية عقلانية لا تقليدية ولا مقلٌدة ولا مظهرية وانما مقيمة لما هي عليه من الارض والواقع والشعب والامكانيات والقدرة والوسائل وواقع شعبها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، فهي تختار سلطة مناسبة فكرا وقلسفة واهم اهدافها حياة الناس قبل اي مظهر كان وتضع الانسانية امام منظورها قبل اي شيء اخر، كما هي حال اوربا والدول النامية الحديثة.

بداية يجب ان اقول ما انا عليه فكرا وفلسفة لكي لا ادع المجال لمن يمكن ان يُزايد ويتهمني كعادتهم بالعمالة والتبعية ان لم تعجبهم أرائي وتوجهاتي تجاه ما يحصل عند تقيمي لما هو الموجود في هذا الاقليم البائس شعبا والخادع لعين السائح زيفا. تعجبت من خبير قانوني كبير كطارق حرب وهو يعتبر ان اقليم كوردستان اصبح جنة بميزانية صغيرة جدا! يا للعجب من هذا الراي المظهري الظاهري ايضا، وهو يقول هذا كعادته ويتكلم بعفوية وبسطحية عن الامور وان لم يكن هناك من يضاهيه خبرة قانونية وليس هناك مثيلا في خبرته معرفته الدستورية وفي القانون فقط ودون ان يجهد نفسه ويعرف الحقيقة المرة التي يقع فيها اقليم كوردستان الجنة لديه والتي يدفع ثمنها الباهض الشعب الكوردستاني المغلوب على امره.

نعم انا انتقد هنا ويجب ان اقول شيئا صريحا عني لسد الطريق امام التقولات الشبيهة للتخوين وانكار الجميل وعدم نطق الحقيقة التي بات المصلحيين المستفيدين المتملقين الغير ابهين بحياة البؤساء والفقراء مستمرين علي النطق به وبما يمكن ان يدعهم يعيشون بما يتمنون على حساب الاخر ولتغطية الحقيقة ولاهداف خاصة بهم وهم يحققون مآربهم بكلمات مظهرية ايضا، ويجب ان يعلم الجميع ان ما يُرى بالعين في هذه البقعة المغدورة ليس الا خداع للعين ومضلل للرؤية ولو بوجود جزء من الحقيقة التي تحاول السلطة الكوردستانية ان تجعلها عملاقة وهي التي هي غارقة في الفساد وبالاخص العوائل الحاكمة المطلقة بعيدا عن ما يدعون من حكم الشعب ايضا مظهرا كان ام زيفا، اي انه مظهر في مظهر ليس الا.

 كما قلت يجب ان اقول حقا عن نفسي، بداية اكرر ما قلت سابقا انني لست ممن يؤمن بعراقيته القحة ابدا ولم اكن يوما احس بانتمائي للعراق كدولة لي منذ نعومة اظافري، واحساسي الحقيقي هو الاغتراب في دولة غير دولتي واعتبرت كوردستان دولتي المقسٌمة حتى اليوم ومحتلة منذ الاستعمار البريطاني وتقسيمه هذا الشعب على الدول الاربعة رغم ارادته، وضحيت كثيرا من اجل ما اؤمن وانا حقيقي الفكر بعيد عن المظهر والسياسة الخادعة، وهذه حقيقة وليس مظهرا كما هم عليه ايضا، لكي لا يزايد عليٌ العشائريون العاائليون المتنفذون المسيطرون على زمام الامور في هذا الاقليم المفدور دون وجه حق.

اقول، يا اخي الزائر لاقليم كوردستان وانت تدخل سائحا وزائرا وهادفا للسياحة او لاي عمل كان، وانت لم تر الا المظاهر الخداعة التي ربما لم تفكر بعمق في كيفية صنعها على حساب هذا الشعب وبالاخص الفقراء المعدمون الذين هم يدفعون الضريبة الخانقة لهم دون ان يحس ابن المتنفذ والمتسلط العائلي العشائري باي ضغط على حياتهم ( بمن بنيت الاهرامات في مصر ولمن يُحتسب) . اقول لا تنظروا الى العمارات الشاهقة التي بنيت على حساب هؤلاء المغدورين بل تعمق في وجوه هؤلاء المتجهمين، واسالوا من تلاقون منهم عشوائيا ماذا تفعلون وبما تعيشون وكيف احوالكم. اسالوهم فقط بعيدا عن هؤلاء للمتنفذين؛ اسالوا هل تحصلوا على حقوقكم من تعبكم وعرق جبينكم وهل اقتربتم يوما الى الفرحة الحقيقية وهل انتم راضون عن حياتكم وانتم تعيشونها مرة واحدة، هل انتم تؤمنون بسلطتكم وما تفعل وتسير عليه وهل هي تعمل لمصلحتكم ام لمجموعة صغيرة في دائرة عائلية عشائرية ضيقة، وهل تحسون بغدرهم لكم، ما قصة العدالة عندكم وكيف هي المساواة والادعاءات اصحاب السلطة والمال ، بل قل لهم صحيح انتم تعيشون في الجنة وهذه العمارات الشاهقة حولكم والسعادة تدق بابكم من هذه الحدائق الدائرة حولكم، ومن ثم استمع اليهم دون اي راي مسبق، هنا يمكن ان تسمعوا منهم الحقيقة وهو العجب على عكس ما نطق به السيد الحرب وليس العمارات التي بناها هؤلاء لتراكم الثروات لديهم ايضا او القلة القليلة من ما لديه من باع ما لديه حتى صفٌر حاله المادي او حصل على ما وصل اليه من الميراث الباقي له من اباءه واجداده كي ياوي به اولاده، وليس كما يقول السيد الحرب وهو في بغداد وكلما زار بين فينة واخرى اربيل لاسباب وسمع وراى عمارة بنيت وارتفعت هنا وهناك يرى عمل السلطة وحقيقتها فيها دون ان يعلم انها على حساب الموظف والفقير والكاسب والحمال والعامل.

هل تعلم يا سيدنا ان الموظف غير مطمئن في حياته ومعيشته وغير ضامن لحقوقه البسيطة وفي المقابل الصبي الجاهل من العوائل والعشائر الحاكمة المتنفذة يمكن ان يجرده من ماله وحتى من كرامته، ويجب على الزائر ان لا يغره المظهر الذي ما تحته من السواهي والدواهي في اي وقت كان، نعم اسالك اخي الحرب، هل يستطيع ذاك الموظف البائس نيل حقوقه الطبيعية وهو راتبه في وقته، لكي تقول انه يعيش في الجنة، فاعلم يا واصف اقليم كردستان بالجنة ان الفرد غير ضامن لرزق اولاده في المعيشة وتدبير حياته البسيطة جدا نتيجة لما تقطعه هذه السلطة منه ومن رزق اولاده في راس الشهر وهو غارق في التفاهات والمتاهات، هذه عدا ما يسحبون من امكانيات الناس بطرق ثعلبية شتى.

هل تعلم ان السلطة التي تتباهى بهذه المظاهر الخداعة كم هي مديونة للموظف من مليارات الدولارات طوال هذه السنين بينما يعيش اولاد المتنفذين في ابهة يذهبون لعلاج الم بسيط الى اوربا عدا سفراتهم ونيل ما تامرهم نزواتهم وما يتمتعون من ملذات هناك على حساب هذا المسكين، ومن ثم اسال انا الخبير في مجال ضيق فقط ، هل أخٌرت او قطعت السلطة في بغداد فلسا من راتب الموظف او كم هي مديونة له؟ لن اقول ابدا هناك لديك جنة في بغداد والفقير هو دافع لضريبة الفساد والصراعات السياسية الاجتماعية ايضا، ولكن اقليم كوردستان ليس بافضل من هناك عزيزي الحرب.

هل تعلم ان الضرائب التي ازدادات عشرات المرات هنا في كوردستان على حساب الفقير ومما ادت الى ازدياد الغلاء الفاحش ومن كان يؤمٌن حياته باقل مستوى بات اليوم اما يستجدي بطريقة واخرى او ينتحر او يتبع طريق الهجرة ويضل ويموت في البحار والمحيطات غرقا؟

هل تعلم ان الحياة اصبحت بائسة لا تطاق لكل مواطن بسيط هنا؟ لماذا لا تقول ان هذه العمارات الشاهقة على حساب رزق الشعب وحياته وهل تؤكل وتشرب العمارات من قبلهم او توفر لهم حتى اعمالا ام اصبحت مكانا لنيل ملذات هؤلاء الوحوش؟

لماذا لا تقول ان اربيل دبي العائلة البارزانية المتسلطة انها غرقت في وحل السيول عن بكرة ابيها في اول مطر بعد طوال السنين من الجفاف؟

ان كانت كوردستان جنة بميزانية صغيرة كما تدعي، لماذا ينتحر مئات الشباب والشابات سنويا ؟ لماذا يهجروا ان كانوا قد حصلوا على مصروف الطريق بشق الانفس لينقذوا انفسهم من هذا الوحل او ليموتوا غرقا في البحار؟

ان كانت الجنة التي تصرخ بها لماذا لم نر نسبة الزواج عالية وهناك مئات ان لم يكن الالاف من الانفصالات العائلية يوميا؟

و هل وصفك كوردستان بجنة مدح ام ذم لهذه السلطة ام لهدف اخر مغطى او ناتج من حب لهذا الشعب ام لاتامل ان يحصل الافضل من هذه المظاهر ام من اجل انتقاد من موجود في بغداد فقط وان كان على حساب الشعب الكوردي ام قدحا تريد ان تزداد هذه السلطة الكوردستانية المنبوذة اصلا اليوم كرها وقبحا لدى الشعب الكوردستاني.

و اقول اخيرا اهم شيء بكل صراحة وبصوت عالي مرتفع، ان ما تشاهده عزيزي الحرب، ان الجنة الورقية هنا، هي نتيجة المنافسة بين العائلتين والحزبين المتنافسين المتنفذين اللذين نموت يوميا الف مرة تحت امرتهما، اقوله لك ومن جوهر المسالة وواقعها كما هو، كانت اربيل تحكم من الطالباني وحزبه، بعد 31 اب 1996 احتلها البرزاني بالغزوة التي ساعدته فيها السلطة البعثية، وبعد ذلك ولكي يؤكد البارزاني للجميع بان سلطته مفيدة وتخدم الشعب اكير من غريمه،. فانه وضع كل امكانياته التي استحصلها من جيوب الشعب وعلى حساب الشعب ومصلحته على اربيل لكي يؤكد بان حكمه في اربيل ليس كما كان عليه الطالباني بما كان يفعله، وادعى بانه يجعلها دبي العائلة، وهذا نابع عن مظهريته ايضا (السيول افضحت ادعائاته في اول وهلة ايضا)، وعليه فان العمارات والجنة المظهرية المبانة شكلا والزائفة جوهرا عند الزائر فقط هي اصلا لكسر عين المنافس بشكل مظهري ايضا دون ان يمت باي صلة بخدمة الشعب ومصالحه ومستقبله.

 

 عماد علي

 

في المثقف اليوم