أقلام حرة

د. صادق السامرائي: اللفظ والمعنى!!

صادق السامرائيالعلاقة ما بين اللفظ والمعنى في الإبداع العربي مضطربة، أو مشوهة، فالتوازن مفقود ويميل الكثيرون إلى المعنى دون اللفظ، وبهذا يفشلون في وضع المعنى بألفاظ واضحة ومفهومة، فيتجهون إلى التشبيه والإستعارة والمجاز، وهي محاولات بائسة لإظهار المعنى، لفقدان مهارات إستحضار اللفظ المعبر عن المعنى.

فالمعاني المرادة في وادٍ والألفاظ في وادٍ آخر، وهذه عاهة  إبداعية تشمل كافة مجالات الكتابة، وتتجسد في ما يكتبه المفكرون والفلاسفة العرب والمنظرون بأنواعهم.

ولهذا فشلت محاولات تطبيق النظريات أيا كانت، فالأحزاب ما أفلحت في ترجمة نظرياتها إلى واقع عملي فاعل ومفيد، والمفكرون والفلاسفة يجنحون إلى التخريجات الخيالية والمشروعات السرابية، التي ما نفعت الأمة وما أنارت لها ظلمات بعض الطريق.

ويبدو أن الطَرق يشتد على اللفظ لتفتيته وتدمير مفرداته وعناصره، وعندها يتميَّع المعنى  ولا يمكن إيصاله إلى القارئ، وإبعادة عن وعي الجمهور الذي عليه أن يَسكر، ويدوِّخ بإبداعات ذات غثيانية عالية تزعزع أركان الإدراك.

إن اللفظ بدن المعنى، وحاويته المعبرة عن جوهره، وبإضطراب اللفظ يضيع المعنى، وعندها يكون الكلام محض هراء، والنظريات هباء، وهذا ما يجري في الواقع العربي، مما أدى إلى ما لا تحمد عقباه.

فهل وجدتم ألفاظا تتوافق مع المعاني وتستوعبها وتوضحها وترفد بها العقول، فتنبهها وتوقظها من وهدة البهتان في دياجير العدم.

إن المشكلة الفاعلة فينا تنطلق من نشاطات التدمير اللفظي، التي تقودها النخب تحت دعاوى التجديد والتحديث، وهي ذات نوازع تخريبية ودوافع تدميرية صارخة.

فماذا قدم التجديد المزعوم، والحداثة المستوردة؟

إنهما توجهان متعاضدان مع برامج تخميد أنفاس الأمة الحضارية، وتبديد طاقاتها الإبداعية حتى صارت سوح النشاطات المعرفية تزودهم بالغث وتقاتل السمين.

وتلك أساليب الإجهاز على الأمة وفقا لمنطلقات الغاب المعاصر؟

فهل لنا أن نحترم اللفظ ونعبر به عن المعنى؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم