أقلام حرة

انتكاسة مائية، أم بوادر أزمة عالمية تقود العالم إلى حرب تستهدف منابع الحياة

سعاد دريركأن اليابسة على مشارف انتكاسة مائية تضرب للبشر موعدا مع المجهول الذي لا يبشر بخير، وكأنك إلى الآن يا صديقي لا تصدق (إن لم يخيَّل إليك بعد) أن الأرض ستبتلعنا تباعا بعد أن نخفق في إيجاد  ما قد نبتلعه أو نرتشفه من خيراتها نحن سكانها الخونة لميثاق الماء القاضي هو وحده بعدم إعدام البشر ومِن ثمة إعدام غريزة حُب البقاء!

نصول ونجول بحثا عن الحلول، وإذا بنا لا نكاد نفهم ماذا يحدث، غير أننا كلما صِلْنا الرحم بالآيات البينات من الذكر الحكيم  فهمنا أكثر فأكثر ما يحدث.

نعم يا أصدقاء الأيام الحلوة والمرة، ونحن نلتقط من هنا أو هناك كلاما عن حجارة الجوع التي قيل إنها بدأت ترسم حدودها في ما قد يسميه علماء العالم بالأنهار الميتة، نختطف شيئا من الأنفاس ونحن نحاول مرارا تأمل المكتوب على الحجر مما فسره أهل اللغة، إذ تقول الأحجار على حد تعبير من يهمه الأمر ما معناه"إن رأيتني اِبْكِ"!

أحقا قد يرتب لنا القَدَر مواعيد مع الأحجار الباكية كما يذهب إلى ذلك من بَلَّلُونا بعَرق الحكاية المرة التي تُرْوَى على لسان الأحجار الباكية؟! أم أنها نرجسية البشر الحالفين أن يُخْلِصُوا لدِين نرسيس الجاحد بنعمة الحفاظ على النعمة لأهله وذويه وسُلالته وبنيه؟!

لن نُبَذِّر الكثير من الوقت (كما بَذَّرُوا الكثير من الماء) لنتفقد محاور الشر في رغبتهم الأمَّارة بالسوء وهم يدمرون الحياة على الأرض، إذ من شيم الخطائين التوابين أن يبادروا بالاعتراف ويسعوا إلى التكفير بكل الطرق الكائنة والممكنة، فلا أحد من البشر يليق به أن يعفي نفسه من تحمل المسؤولية  في كوننا جميعا نحن البشر قد ألقينا بأيدينا إلى التهلكة، أم أن خطر انعدام الماء المحدق بالعالم بأسره لا يخرج عن كونها تهلكة وشرا وسوء مصير أراده البشر لنفوسهم كأنهم يتفننون في استعراض طقس انتحاري جماعي؟!

لنتأمل بالله علينا أواخر سورة الملك، لنفهم إلى أي مدى عاث مَن عاث عبثا في الأرض والواحد منهم يشد الخطى إلى اللاحياة بلامبالاته في تسوية ملف الماء وما ترتب عنه من تبعات: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ) صدق الله العظيم جل شأنه وعلا.

لا غرابة بعد هذا أن يصور لك عقلك أن تُخصِّصَ البشرية مكافأة مالية لمن يَجتهد اجتهاد النابغة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الحياة على الأرض، بعد أن تعذرت التساقطات، وجفت الأنهار  أكثرها في العالم كله، وأصبح ماؤهم غورا مصداقا لقوله عز وجل (في غير مقام تفسير الآية الكريمة).

اللهم إن العالم برحمتك يستغيث.

***

د. سعاد درير

في المثقف اليوم