أقلام حرة

رحيم الخالدي: أمريكا الأفعى واللّعب على الحبال

بين الحين والآخر تُقَدم لنا ستُوديوهات هُوليود، أفلاماً موجودة فقط في الخيال، ولا تمت للحقيقة بأي شكل من الأشكال، وتصور لنا بطولات ليس لها وجود، ولا تقترب من الحقيقة من خلال أفلام، يتم تسويقها لنا على أن الجيش الأمريكي لا يُقهر..

هم تناسوا بالأمس كيف أخرجتهم المقاومة العراقية بذِلٍ، من خلال قتال لم يشهد له العصر الحديث مثالاً، وآخر الهزائم حين هربت من أفغانستان، وتركت حتى جواسيسها الذين تعتمد عليهم بالمعلومات الإستخبارية .

يعتمد البنتاغون وقوة الجيش الأمريكي المفترضة على التقنية بالدرجة الأساس، ومن ثم القواعد المنتشرة في كثير من دول العالم، وعمالة من تشتريهم، وإلاّ كَيفَ يمكنها فرض قوتها في المنطقة العربية، لولا العمالة من بعض حكام العرب؟ وهل بإمكانها الصمود في منطقة بعيدة عنها بمئات الكيلومترات، مالم تكن لها تلك القواعد؟

إستفحالها وصل حد التدخل بقرار تلك الدول، وخير شاهد وقوفها بوجه إنهاء مشكلة الكهرباء في العراق!.. وميناء الفاو الكبير والربط بطريق الحرير، وتظاهراتها التي أوصلت العراق لحافة الهاوية لولا لطف الباري..

تحريض دول المنبع لمياه الدول العربية خصوصاً مشكلة عويصة، والا بماذا تستفيد تركيا من تخزين هذا الحجم الهائل من المياه، سيما أن معظم مقتربات السدود لا تحتاج لمياه بهذا الحجم الكبير، وأن الجيولوجيين حذروا من تأثير هذا الخزن، والذي بحسب تصريحاتهم أنها تؤثر حتى في دوران الكرة الأرضية، مع إختلال التوازن البيئي الكوني، مما سبب لهم هزات أرضية حصدت أرواح بريئة، لأجل خاطر عيون السياسة الخبيثة، في إبتزاز الدول المستفيدة، مهما كانت درجة تلك الدول، وتناسوا أن خالق الأكوان وزع الأرزاق حسب إحتياجهم، والعجيب أن هذا غير مطبق في كل الدول الغربية وأمريكا اللاتينية.. من سوء الطالع أن هذه المقدرات بيد أُناس منزوعي الرحمة، فلا شك ولا ريب أن لأمريكا يداً في ذلك  .

تايوان والصين في توتر ومنذ فترة ليست بالقليلة، وصلت حد دخول حرب مدمرة، سيما وأن الصين اليوم ليست كالأمس، وهي التي بنت المنظومة العسكرية خلال الفترة المنصرمة بهدوء، لتصل الى صناعة صواريخ الفرط صوتية، التي جعلت أمريكا مذهولة.. ناهيك عن التعاون الروسي الصيني التكنولوجي، التي وصلت لأبعاد لا يمكنها بلوغها، لذلك أوجدت عدوا لروسيا كما للصين، من خلال الدفع بالرئيس الأوكراني المعتوه، والتي جاءت به الإنتخابات بالدعم والتهيئة له، ليتربع على كرسي الرئاسة، التي تناست أنها بالأمس كانت من ضمن دول الاتحاد السوفيتي.

إستطاعت التدخل في قرار أوكرانيا والدفع بها لإستنزاف روسيا، حيث جربت معها كل السبل إبتداءاً من الحصار، الى فرض أسعار النفط الروسي، وحضر تصدير الغاز الى أوربا، التي عانت كثيراً من انقطاع الغاز الرخيص عنها، ثم ألبت جهات شبه حكومية لتفجير خط نورد ستريم لتصدير الغاز، لإرغام الدول التي لا تعترف بالحصار الأمريكي، من الحصول والإستفادة من الغاز الروسي، الذي وضع أوربا بموقف حرج، وصعوبة وصول الغاز القطري البديل المفترض لأوربا، مما جعل روسيا من خلال هذا الوضع مستريحة، ولا ننسى كيف نجحت روسيا بالانتقال بالتعامل بالروبل دون الإعتماد على الدولار . 

لم تسلم رقعة من العالم من التدخل الأمريكي، سواء مباشرة او من خلال أدوات، فجعلت العالم على حافة بركان، لولا التعقل من الدول التي تمتلك قوة التدمير الشامل.. هذا لا يعفي بريطانيا التي لعبت على طول القرون المنصرمة ليومنا، الدور الخبيث في صنع المشاكل دون حلول، وابقائها مهما تناهت بالصغر او يمكن حلها، وتتلاعب بها لتصبح كبيرة، كمشكلك الحدود بين الهند وباكستان والكويت والعراق، والسودان ومصر وباقي جوارها، والمعضلة الكبيرة إسرائيل والعرب.. فهل بقي مكان في العالم يخلوا من التدخل الامريكي!

***

رحيم الخالدي

في المثقف اليوم