أقلام حرة

صادق السامرائي: سرقة الأفكار!!

مجتمعاتنا تنتشر فيها سلوكيات عجيبة لا مثيل لها في الدنيا المتحضرة، ومنها إنتفاء الملكية المعنوية والمادية أيضا، خصوصا في دول "كلمن إيدة إلو" كما يقول الأخوة المصريون.

حضر الموضوع وأنا أطالع صرخة لأحد الأساتذة المعروفين، يذكر فيها بأنه صاحب فكرة ما لكنهم عملوا بها وما أشاروا لإسمه.

ذكر لي أحد الزملاء، أنه كان ينشر بإسم مستعار، وكانت أفكاره تتجسد في العديد من المجالات، وما ذكره أحد، وكل مَن يأخذ الفكرة ينسبها لنفسه، وما كان يضيره ذلك، لأنه يهتم بحياة الفكرة، ويرى فيها سعادته ومنتهى بهجته، أما أن تنسب إليه أو لغيره فهذا أمر ليس بالمهم عنده، فغايته أن تحيا الفكرة وتتحقق.

وفي البداية كان يحاول الرد والتشكي، لكنه وجد في ذلك مضيعة للوقت وهدر للطاقات، فما دامت الفكرة تتمتع بالحياة، فهذا هو الهدف من وراء إطلاقها.

وعندما بدأ ينشر بإسمه الصريح، تواصل إغتلاس أفكاره والتعبير عنها، وحتى الأفكار العلمية يتم تبنيها من أشخاص وجهات وتنسبها لنفسها، وتلك حالة سائدة في مجتمعاتنا، علينا أن نقر بها ونتعايش معها ولا نتأثر بها، ونستكين لدوافعها السلبية وتوجهاتها الإحباطية.

أحد الزملاء لديه مشروع تنويري سبّاق لعصره، ويكدح بإظهاره بحلته المتطورة الجذابة المؤثرة الثرية بالمستجدات العلمية، وما يطرحه يتبدد، ويُستولى عليه أحيانا، وتنهال عليه المواقف العدوانية عندما لا يستطيعون سرقة ما ينشره ويدعو إليه بسهولة، فهو موثق بعناية ومهنية عالية.

مجتمعاتنا لا تعترف بالملكية الفكرية، فالكلام مكتوبا أو منطوقا مُلك الهواء، مثلما النفط في بعض المجتمعات كالمطر، مشاعا لا أحد يدّعي ملكيته حتى الوطن.

ويبدو أن شعار "إسرق ..إسرق حتى تملك"، ديدننا في محافلنا الثقافية والعلمية، مع أن السرقة من الكبائر في وعينا الجمعي، لكنها تبدو وسيلة جديرة بالإمتهان، وكأن فينا العديد من قطاع الطرق والصعاليك الذين يعتاشون على جهود الآخرين.

فهل بالسرقات نكون؟!!

وهل أن السرقة من الإيمان؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم