أقلام حرة

علي حسين: مئوية نزيهة الدليمي وصمت النائبات

لم تكن الفتاة الخجولة التي ولدت في إحدى محلات بغداد، إبنة الموظف البسيط الذي كان يقرأ لأبنائه جريدة حبزبوز لينمي فيهم روح التحدي للظروف الصعبة، أنها ستقف يوماً إلى جانب محمد مهدي الجواهري، وتجلس في اجتماعات الحكومة إلى جوار إبراهيم كبة ومصطفى علي وهديب الحاج حمود وحسين جميل وهاشم جواد ومحمد حديد وطلعت الشيباني وفيصل السامر وعبد اللطيف الشواف وقبل هؤلاء عبد الكريم قاسم. أتمنى عليك أن تراجع قائمة الأسماء جيداً، لتكتشف أننا الشعب الوحيد الذي يتأسى على ماضيه!.

الفتاة التي درست في دار المعلمات النموذجية وتخرجت من كلية الطب، وتجولت طبيبة تداوي الناس في معظم مدن وقرى العراق، وجدت نفسها في مواجهة حقوق المرأة التي كان يراد لها أن تعيش وتموت كمواطن من الدرجة الثانية، أعلنت الدليمي الحرب على التميز لتؤسس أول رابطة للمرأة العراقية، وتصدر مجلة تستمد اسمها من كتاب قاسم أمين الشهير " .السيدة التي ظلت تناضل من أجل عراق بلا دكتاتورية واستبداد، قرر الوطن أن يكافئها بأن نسي أن هذا العام تمر ذكرى 100 عام على ميلادها، وانها اول امراة عربية تتولى كرسي الوزارة في تاريخنا الحديث، عذرا ايها السادة لجنة المرأة في برلماننا العتيد برئاسة دنيا عبد الجبار الشمري والتي تخاف من إقرار قانون العنف الأسري، ربما تجد أن الاحتفال بمؤية نزيهة الدليمي نوعا من انواع البطر ويخالف الشرع.

ظلت نزيهة الدليمي تحلم حتى آخر يوم في حياتها بصورة لعراق جديد شعاره المستقبل وغايته إسعاد الناس وبثّ الأمل في نفوسهم، جاءت نزيهة من عائلة فقيرة،، نقلت فقر حالها ووعيها وعذابات المرأة العراقية إلى كل عمل سياسي واجتماعي قامت به.

هل كانت نزيهة الدليمي تعتقد يوماً أنّ الوطنية لم تعد طريقاً إلى عقول الناس وقلوبهم، وأننا تحولنا الى بلاد تسعى لتدريس فوائد الطائفية على شعوب الأرض؟، بينما تنسحب القيم الوطنية والثقافة إلى الوراء، مطاردة بتهمة الخروج على الأعراف الطائفية والعشائرية.

قبل أكثر من ستة عقود كتبت نزيهة الدليمي: "العمل السياسي يتطلب من صاحبه أن يملك عقلاً فاعلاً، وضميراً يقظاً". كانت هذه الجملة هي موجز لمنهجها الوطني، هل يمكن أن نجد مثل هذا السياسي الآن؟ ربما تضحك من المقارنة، وربما لا تصدق أن مثل هؤلاء السياسيين كانوا موجودين فى العراق، أو تسخر من سذاجتي وأنا أنقل مقولات وأحاديث مضت عليها عقود طويلة، لكن ياسادة كنت أتمنى أن أسأل ماذا لو عاشت نزيهة الدليمي إلى هذا اليوم لترى وتسمع ان في العراق تم تعيين وزيرة للمراة كانت تؤمن ان المرأة ظلع اعوج يجب تقويمه .

***

علي حسين

في المثقف اليوم