أقلام حرة

الموهبة والحظ!!

"أللهم إجعلني من أصحاب الجَد لا الجِد"

الجَد: الحظ

وللحظ تعريفات ومنها: النصيب

العلاقة بين الموهبة والحظ معقدة، فالحظ لا يصنع موهبة، لكن الموهبة بحاجة للحظ، وإن وجدت دون حظ يوفر لها الفرص اللازمة لإطلاقها في مدينة الحياة، فأنها تأفل وتنتهي مع صاحبها.

قد يستغرب البعض من هذا القول، لكنه حقيقة فاعلة في الواقع البشري، فلا يوجد موهوب لم يحالفه الحظ وأصبح له شأن مهما عظمت وتميزت موهبته.

فالأعلام في التاريخ إن لم يحالفهم الحظ ويتعاملوا مع الكراسي المهيمنة على المجتمع، لا يدوم لهم ذكر، وأكثر البارزين الذين إنتصروا على مكتانهم وزمانهم، كانت لديهم حظوة في بلاط الكراسي الحاكمة.

ومن القصص المعروفة في مصر في القرن العشرين، أن محمد عبد الوهاب موهوب بلا منازع، لكنه كان محظوظا (وهو يقر بذلك) إذ تولى أمره أمير الشعراء أحمد شوقي، وقدمه لأعلام زمانه وهو لا يزال في ريعان الشباب، فكان لذلك الأثر الكبير في صناعة موسيقار الأجيال.

وفي واقعنا المعاصر العديد من المواهب الأصيلة التي لا حظ لها، وكأنها تتحرك في رمضاء، نحو نهايتها وهي مقتولة من العطش.

وبعضها يجد الأنياب مكشرة والمخالب متأهبة، والنهشات متوالية، والمصدات متنامية، وكأنه عدو مكانه وزمانه، وعليه أن تبلعه الغبراء.

والحظ في المفهوم السائد اليوم، يمثل الفرصة، وعندما يكون الموهوب في مجتمعات تدثر المهوبين بالعدوان والنكران، وتحارب الناجحين من أبنائها، فأن المواهب تأفل، والعطاءات تضأل، والخسران يرفل، والموهوب يرحل.

وتلك معادلة أليمة، ترقى إلى الجريمة، في مجتمعات تصادر الحقوق والقيمة.

فهل سنرعى المواهب، ونتجاوز المثالب؟!!

"الحظُ أنفعُ من عقلٍ وتأديبِ...إنّ الزمانَ ليأتي بالأعاجيبِ"!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم