تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

صائب خليل: أسئلة عنيدة في رأسي عن احتفالات الغدير

هل يعود السبب وراء الاحتفالات التي فاقت كل السنين بمناسبة تتعلق بالإمام، والحماس الذي زاد عن أي حماس سابق، والخطابات التي قزمت كل خطابات الأمس، هل يعود كل هذا إلى فرحة عارمة بانتصار مبادئ الإمام ووصاياه في المجتمع الإسلامي، وبأكثر من أي وقت مضى... أم الى الحاجة إلى غطاء أكبر من أي وقت مضى لتغطية فضيحة أكبر من أية فضيحة مضت وعار هزيمة لأمة ابتعدت عن تلك المبادئ أكثر من أي وقت مضى؟ هل حجم كعكة العتبة العلوية بقدر حجم انتصار الخط الذي تدعي العتبة انتهاجه، أم تمثل حجم ما تريد حجبه عن العيون؟

هل ازدادت المساواة بين أمة ابي تراب كما اوصى أم استفحلت الفوارق؟ هل لم يعد الناس يسيرون وراء قادة يركبون، أم لم يعودوا يقدرون على الركض وراء سياراتهم الفارهة؟ هل انقرض الأثرياء خجلا ان "يتمتعوا بما حرم منه فقير".. أم ازدادوا عددا وتوحشا أكثر من أي وقت مضى؟ لو عاد أبو ذر، هل سيكون سعيدا بما يرى، أم سيحار بمن يبدأ سؤاله: إذا كان هذا من مالك فهو الإسراف وإن كان من مال الأمة فهي الخيانة!

هل تشعر الأمة بالكرامة التي ارادها لها الإمام الحسين اكثر من قبل، أم تسودها مسكنة ومذلة لم تصل اليها قبلا؟ هل تربي اجيالها على المقاومة أم على حكمة الاستسلام للقوي أكثر من اي وقت مضى؟ هل تعتز بالمبادئ أم تسميها "شعارات" و "مزايدات"؟ هل لها استقلالها وكلمتها، أم هي اشد انسحاقا وطاعة لسيد أجنبي، من جميع خدمه الآخرين وأقل جرأة على فتح فمها وأشد ارتجافا من أي من عبيده الآخرين؟

هل الصارخون بالاحتفال رجل دين سعيد باطمئنانه عن رضا الله عما فعل، وسياسي يعتز بما حقق مما وعد ومقاوم فخور بما طرد من احتلال وانتقم من قتلة لرفاقه، ومواطن تمكن من وضع حزب أمين مناضل يقوده رجل صادق على رأس سلطة بلده؟...

أم رجل دين يموه تحوله الى مقاول سمين وسياسي ضاقت به الحجج لتفسير مصدر قصوره ومقاوم وجدها فرصة للخروج من صمته الطويل بعد ان خذل قضيته ولم يعد لديه ما يقول، ومواطن فشل في معركة حاضره وبلده وشعبه، فبحث عن اعتزاز لم يستحقه، في ماض لم يعشه، ومعارك لم يشارك فيها ومواقف طائفية لا تكلفه شيئا؟

إن كان ما ترون هو الحال الأول، فهنيئا لنا ولكم بهذا "العيد".. وإن كان الثاني.. فكونوا على الأقل صادقين، لعل الأمل يبقى في المستقبل.. اخفضوا صوت التلفزيون قليلا.. وتأملوا..

***

صائب خليل

في المثقف اليوم