أقلام حرة

علاء اللامي: مفردات عربية فصيحة في اللهجة العراقية اعتبرت مندائية خطأً (5)

مفردات: إمداور، إمدنفش، مربرب، إمزهلل، إمسودن، إمصنگر، إمصوفر، إمطعطع- إمطنب، إمعوج، إمكسرات، إمكشر، إمگمر، إمگيل، إمنينلي وامنينلك، إمنين، إمهيلة، إمية:

تذكير مكرر: لتسهيل قراءة قوائم المفردات أدناه، سأكتب المفردة أولا كما تلفظ في اللهجة العراقية، ثم علامة مساواة وبعدها لفظ المفردة في المندائية كما ذكره المؤلف بين قوسين كبيرين، ثم معناها في المندائية أو اللهجة العراقية، ثم أختم الفقرة بتعليقاتي أو استدراكاتي عليها مع التوثيق التأثيلي من المعاجم لتأكيد كونها عربية وحسب ترتيب ورود هذه المفردات في الكتاب المذكور:

21- إمداور =(ادياور) مساعدة، في المندائية، ثم وكأن المؤلف شعر بالحرج من كون الكلمة عربية الجذر الثلاثي ومعروفة وكثيرة الاستعمال فقد استرك وقال في شرحها (ليس القصد بكلمة إمداور أو يدور عليهما ويكون متبادلا بينهما بل القصد هو التعاون بين القائمين على العمل)، والكلمة عربية من جذر "د و ر" وتعني المداورة والمبادلة بين القائمين على العمل كنوع من التعاون والمشاركة بالدور.

22- إمدنفش = (نفش) ممتلئ سمين في المندائية / وهي عربية فصحى أيضا. نقرأ في معجم المعاني: نَفَّشْتُ، أُنَفِّشُ، نَفِّشْ، مصدر تَنْفِيشٌ: نَفَّشَ الصُّوفَ: شَقَّهُ، فَرَّقَهُ، نَفَشَهُ.

23- مربرب =(ربا) يكبر وينمو في المندائية. والكلمة ذات جذر عربي إذا كانت "ربا –ربو" بمعنى نما ينمو، نقرأ في المعجم: ربا الشيءُ ربا رَبْواً، ورُبُوّاً: نما وزاد في التنزيل العزيز: الحج آية 5وَتَرَى الأرْضَ هَامِدَةً فَإذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهتَزَّتْ ورَبَتْ). أما بلفظ مربرب ومربب فهي أيضا عربية وجذرها ربب ويعني في المعجم "رَبَّبَ الوَلَدَ: تَعَهَّدَهُ بِمَا يُغَذِّيهِ". والكلمة مستعملة في أكثر من بلد عربي. نقرأ في صفحة مجمع اللغة الافتراضي (مربرب صفة للإنسان أو الحيوان الغض المائل إلى السُّمنة، والأنثى: مربربة، وهي صفة جمال عند بعضهم، شائعة كثيرا في زمانا، ورأينا رينهارت دوزي، يتحدث عنها في كتابه "تكملة المعاجم العربية/ تر: د. محمد سليم النعيمي" نقلا عن بوشر ومقتبساً - أي بوشر- عن ألف ليلة وليلة). كما وردت وفي مطلع قصيدة طويلة للشاعر ابن الحداد القيسي الأندلسي:

أَرَبْرَبٌ بالكثيبِ الفَرْدِ أم نَشَأُ ............. ومُعْصِرٌ في اللِّثام الوَرْدِ أم رَشَأُ

24- إمزهلل=(زهل) ينظف يلمع يطهر في المندائية. والكلمة عربية قديمة وفعلها زهلل ويعني لمع وتألق ومزهلل مشتق منه.. قال الشاعر الجاهلي تميم بن مقبل:

كأَنَّ ضَحْكَتَها يوماً إِذَا ابْتَسَمَتْ …............. بَرْقٌ سَحَائِبُهُ غُرٌّ زَهَالِيلُ

والزهلول هي الأفعى ملساء ذات عرف، قال ذو الرمة:

وأرواحِ خرقٍ نازحٍ جزعتْ بنا ….............. زهاليلُ ترمي غولَ كلِّ نجادِ

25- إمسودن = (شدن) يجن في المندائية. ويعترض المؤلف على تخريج للشيخ جلال الحنفي الذي قال فيه أن كلمة مسودن أي مجنون ربما جاءت من الإصابة بالسوداء ويصفه بأنه تخريج بعيد! والحقيقة أن المسودن والتي تعني في اللغة العربية "مرض نفساني يؤدي إلى فساد الفكر في حزن هي متلازمة اكتئابية محددة تتمثل بحالة مزاج سوداوية ودرجة من الحزن العميق والأسى وفقدان الأمل أي المنخوليا الاكتئابية" أقرب إلى السودة أو السوداء منها إلى "شدن/ إمشدَّن "المندائية" كما يقول المنطق والتحليل اللغوي.

26- إمصنگر =(سنگارا) المغالي المفتري المدعي في المندائية. نظرا لبعد المعنى المندائي عن معنى الكلمة في اللهجة العراقية أعتقد أن هذا التخريج ضعيف، فمعنى الكلمة في العامية العراقية هو الواقف على مرتفع أو على شيء مرتفع كالصقر، والأصح من هذا التخريج ربما هو أن الكلمة مشتقه على سبيل التشبيه من اسم الصقر أي أنه موكر (وكَّرَ الطَّائِرُ: اتَّخذَ وكْراً، اتَّخذ عُشّاً يبيض فيه ويُفْرِخ)، على مرتفع كالصقر.

27- إمصوفر=(سفر) في المندائية يتفجع يندب. وهي كلمة ذات جذر عربي واضح مصوفر أي أصبح وجهه أصفرَ. وهذا ما يؤيده شرح المؤلف حيث يقول: يقال للشخص الذي تظهر عليه علامات الكدر. ثم يستدرك مخافة ضياع مندائية الكلمة فيقول (ويظهر أن الكلمة لا تتعلق باللون رغم أن الذبول وشحوب الوجه يسحب إلى الصفرة، ولكن الفعل في المندائية يمكن ان ينسحب أيضا على استخدام الكلمة) ومؤسف حقا هذا النوع من الاستدراكات الملتوية في ميدان علمي منهجي، فالكلمة مصوفر تحيل إلى صفرة الوجه والصفرة لون، هذا هو الجذر والأساس ولو سألت أي شخص عراقي أو عربي عن معنى عبارة " وجهه مصوفر" لقال وجهه أصفر ولا علاقة لها بكلمة "سفر" المندائية التي تعني (يتفجع ويندب) كما ذكر المؤلف!

28- إمطعطع =(طاا) ومعناها في الآرامية ينحرف يزل يخطئ. والطعطعة موجودة في المعاجم العربية ولكن بمعنى بعيد هو "حكاية صوت اللسان إذا لصق بالغار الأعلى عند اللطع أو التمطق من طيب الشيء تأكله"، والأرجح أن الكلمة كما يفيد معنها آتية من مطأطئ والفعل طأطأ رأسه. والإبدال بين العين والهمزة وبالعكس موجودة في اللغة العربية والعامية كثيرا كما مر بنا في مقدمة هذه الدراسة وسميناه "عنعة تميم" فتلفظ كلمة القرآن القرعان، والسؤال السوعال.

29- إمطنب =(طنبا) ومعناها في المندائية حزن، كدر. وهذا معنى بعيد عن معناها في العامية والتي تعني واجم صامت لا يأتي بحركة غضبا أو حزنا أو ما ماثل ذلك والأرجح انها اشتقاق من الفعل طنب والإطناب هو الشد بحبل يُشَدُّ به الخِباء والسُّرادق ونحوهما فيظهر ثابتا منتصبا لا يتحرك. وقد ذكر المؤلف هذا الشرح للعبة "الطنب" ولكنه لم يأخذ به لأنه اعتبره بعيدا عما يريد.

30- إمعوج =(هوش) وفي المندائية تعني ألم ومعاناة، اللفظ المقابل المنادئي بعيد عن لفظ معوِّج، بالجيم غير المعطشة والمنقلبة عن القاف كما في قولهم (مْطلّج أي مُطلِّق) والتي هي على الأرجح من معوِّق وفعلها عاق التي تأتي في المعاجم بمعنى عاقه المرض نقرأ في معجم المعاني (عاقَ يَعوق، عُقْ، عَوْقًا، فهو عائق، والمفعول مَعُوق: عاقه المرضُ عن السَّفر منعه منه، شغله وأخَّره عنه).

31- إمفرع = (فرا) وتعني في المندائية يشوه يفسد ويخل بالترتيب وهذا المعنى بعيد جدا عن معنى الكلمة في اللهجة العراقية وهو حاسر الرأس. وربما وجد أصلها في لهجة عربية أو لغة جزيرية "سامية" أخرى.

32- إمكسرات= (كصر) وتعني في المندائية ينقص يخسر ولفظها ومعناها بعيدان عن اللفظ والمعنى العراقيين. فمعناها هنا؛ الأعمال الصغيرة غير اللائقة والدناءات والأقرب إلى أن تفسر بمعناها الشائع في الفعل كسر ومكسرات والتي تعني في ما تعني الأشياء الصغيرة غير الصالحة والممجوجة.

33- إمكشر =(كشرا) ومعناها في المندائية هو يرضي ويكون سارا، وهو بعيد عن معناها العراقي والعربي وهو كشر وأظهر أسنانه ضحكا أو غضبا. نقرأ في معجم المعاني معناها (كشر: عن أسنانه: أبداها وكشف عنها، وكثيرا ما يكون ذلك عند الضحك. وكشر الحيوان عن نابه: عبس وصات للصيد أو القتال).

34- إمگمر = ( گمرا) ومعناها في المندائية كمال وتمام، وينفي المؤلف أن تكون الكلمة مشتقة من القمر لأن القمر عنده (لا يعتمد لوصف الرجال كما انه وصف للجمال والحسن) وهذا كلام غريب حقا ينسى صاحبه القول الشائع "كالقمر في تمامه وكماله" وغير ذلك.

35- إمگيل = (گالا) هي الوسخ والقذارة في المندائية، وهو معنى بعيد عن معناها العراقي حيث تقال غالبا عن الجاموس أو أي حيوان حين يقيل في مياه الأهوار الآسنة طلبا للبرودة والاسترخاء والفعل يقيل عربي يعني يأخذ قيلولة. والقيلولة هي: النوم نصف النهار، قال الفيومي في المصباح المنير: قال يقيل قيلاً وقيلولة: نام نصف النهار.

36- إمنينلي وامنينلك (إمنيل) = اللفظ واضح ولا يحتاج إلى كثير كلام أن هذه العبارة هي إدغام عادي لجملة " من أين لي/ من أين لك" وقد كتبت على الطريقة الشعبية شبه الأمية. نلاحظ هنا أن المؤلف يكتب بعض العبارات بالطريقة الصوتية البدائية وليس بطريقة العلمية التي توضحها لغير العراقيين وتقترب بها من منطوقها العربي فهو يكتبها "منيلي وامنيلك" وليس "مين لي، ومين لك"!

37- إمنين =(إمنا) من أين. الملاحظة السابقة 36.

38- إمهيلة =(مهيلا) ضعف، نحف. ومعناها في اللهجة العراقية وكما يسجل المؤلف نفسه (سفينة صغيرة تستعمل للصيد والتنقل السريع في الأهوار) ولكنها ليست صغيرة جدا كما يقول المؤلف حيث نقرأ في تعريفها (تعد (امهيلة) أكبر القوارب في مناطق البصرة وشط العرب وطولها بين العشرة إلى الخمسة وعشرين مترا وتستخدم للنقل في منطقة الخليج وصولا إلى الامارات وعمان/ مقالة لباسم عبد الحميد حمودي). وربما اخذت اسمها من المهل لأنها بطيئة تبحر على مهلها.

39- إمية =(اميا) ماء والفرق ليس كبيرا بين تصغير ماء العراقي لماء واللفظ المندائي بل هو في العراقية أقرب إلى الأصل العربي المصغر، وفي صعيد مصر والسودان يصغرون ماء إلى "موية"... يتبع.

***

علاء اللامي

في المثقف اليوم