أقلام حرة

فاضل الجاروش: الفردانية وانفراط العقد الاجتماعي

الفردانية منهج نشأ في أوربا بعد الحرب العالمية الثانية والانتهاء من حملة الاعمار وما نتج عن ذلك من تطور الفكر السياسي وتطور منهجية الحكم من سلطة الملك الذي كان يُعبر عن المصلحة العامة للأفراد إلى سلطة الحكومة ومن ثم إلى سلطة الشعب من خلال ممثليه في الحكومة ولأن هذا التمثيل يعتبر في ذاته اعترافا بسلطة الشعب فأنه بالضرورة يُعد اعترافا بسلطة الفرد باعتباره رقما مُحدَدا من هذا الشعب والذي يمتلك هو بذاته سلطته الخاصةفي تحديد خياراته السياسية من خلال حريته الشخصية المنفصلة في خياراته من خلال ورقة الانتخاب وهذا يُعد تحولا جوهريا في جعل الفرد هو من يمثل المصلحة العامة من خلال مجموعة الخيارات الفردية التي تكون ما يسمى بالرأي العام الذي يحدد ذوق المجتمع واتجاهاته السياسية، وبالتالي ماينتح عن ذلك من التوجهات الاجتماعية العامة التي تمثل الرافعةالسياسية

لتشريع القوانين بوجود من يمثله في الحكومة والمؤسسات التشريعية، بعد ذلك ومع ترسيخ هذا الحق بدأ يتخذ شكلا أكثر وضوحا وأكثر اتساعا في مساحة الواقع من حيث الأثر النفسي الذي أحدثته هذه النقلة السياسية على الفرد والمجتمع مما أدى إلى تطور الطموح السياسي في حق المشاركة في الانتخاب إلى حق المشاركة في التمثيل النيابي بعد أن لم يكن حقا عاما وانما حقا خاصا بشرائح بعينها في المجتمع الأوربي، أن إزالة الفوارق المعنوية بين طبقات المجتمع جعل الاوزان متساوية على معيار المواطنة على الأقل في نظرية الحكم حتى إن لم يكن ذلك واقعا فعليا في المراحل الأولى لهذا المتغير السياسي بأبعاده الاجتماعية، بعد ذلك فإن مفاعيل هذا المتغير السياسي بدأت تظهر اجتماعيا على شكل رؤىٰ متجددة تتعلق بالحقوق الشخصية على مستويات متعددة منها وفي مقدمتها [النسوية] التي استيقظت على انقاض قرون من اضطهاد المرأة الأوربية ابتداءً من عصر الامبراطوريات التي كانت تعاملها على أنها كائن منبوذ لاقيمة له إلا في مايسد حاجات الرجل لاحظ قول الفيلسوف اليوناني أرسطو [أن الطبيعة لم تزود المرأة بشيئ يعتد به] ولم تتغير هذه النظرة الأوربية للمرأة وبقيت تعامل على أنها كائن ثانوي لاقيمة له لاحظ مقولة الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو.. [قدر الطبيعة بالنسبة للنساء أن يذعن للرجال] ولم يتغير الحال كثيرا رغم ظهور الحركات النسوية لاحقا والتي جوبهت بالتنكيل رغم أن المطالبات كانت تتعلق بالحقوق الأساسية للإنسان ك حق الملكية والأرث وحق العمل والتعليم لذلك كانت فترة مابعدالحربينالعالميتين وما احدثتهما من انقضاء وذوبان تلك القيم القديمة وهدم النُظم السياسية وماترتب عليها من تشريع قوانين تتعلق بشكل العلاقة الأسرية بين أفراد الأسرة باعتبار خصوصية كل فرد في الأسرة بصرف النظر عن موقع هذا الفرد دون النظر إلى موضوعيةهذا الموقع فلا فرق بين أن تكون رجل أو امرأة أو أن تكون ابناً أو أباً أو بنتا أو أماً أو صغيرا أو كبيرا مادمت قد تجاوزت ١٥ عام من هنا كانت نقطة البداية في تشكل نظام اجتماعي جديد كان يمثل ردة فعل على تلك الفترة المظلمة فذهبت الحركات النسوية إلى الحد الأقصى تطرفا من المطالبات بالحقوق وصولا إلى المساوات الكاملة دون النظر إلى الفوارق الموضوعية بين دور الرجل في الحياة ودور المرأة لذلك كان قرار استقلالية الفتاة مابعد الخامسة عشر أن جعل كل ماسوى ذلك مباحا حيث أن عبور الخط الاحمر يجعل عبور باقي الخطوط تحصيل حاصل بعد ذلك وبعد أن أصبح هذا الشكل الجديد راسخا في المجتمع الغربي فأن ذلك أصبح قاعدة عريضة للبناء عليها فاستقلالية الفرد بالنتيجة تقتضي تشريع قوانين لملائمة مخرجات هذا الحق في الواقع العملي ومن ذلك حق الولد او البنت مغادرة المنزل والسكن منفردا ومايترتب على هذا الحق من نتائج سيكون على المشرع تقنينها من مثل حق المساكنة ومن بعد ذلك حق العلاقة الجنسية خارج منظومة الزواج وكذلك يجب تقنين حالة الانجاب من هذهالعلاقةوموضوعة حضانة المولود وكثير من النتائج الشاذة المترتبة. على ذلك المتغير المتعلق باستقلالية الفرد، ولأن مجموعة هذه المعالجات لنتائج هذا النهج لن تكون كافية لسد الثغرات فقد تمخض عن ذلك العزوف عن الإنجاب لأن المولود يحتاج إلى أسرة مستقرة ولايمكن رعايته من ام تركها المُساكن أو الصديق وهرب بخطيئته من مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية بحثا فتاة أخرى فرت من أسرتها فقط لأنها تشعر أنها تمتلك الحق القانوني في الهروب ولأن هذا الطريق يشبه الدخول في نفق ضيق لايمكن الاستدارة فيه فأن غاية ماسيفعله العاصي هو أن يوغل في عصيانه ليجعل الحياة فقط لحظة متعة بإضافة قوانين أخرى أكثر جنوحا وشذوذا عن الطبع البشري مثل حق المساكنة الجماعية أو المثلية الجنسية وصولا إلى أبعد من ذلك بإقرار الزواج المدني بين مثليي الجنس واقرارالعلاقة بين الإنساوالحيوان [قرار البرلمان الاسباني مؤخرا] وقبله في مجتمعات أخرى

[عقد قران رجل على انثى تمساح]

وماسياتي ربما سيكون اعظم

كانت دولة السويد من اولى الدول التي خطت خطوة عميقة نحو الفردانية الاجتماعية [بيان مجموعة من السياسيين ١٩٧٢ ومن ثم إقرار قانون جديد ينظم العلاقة الأسرية وفق هذه القيم الجديدة ] .. لذلك تُعد السويد رائدة في هذا المجال بل هي الأم التي ولدت هذا الجنين المشوه الذي ضرب القيم السوية للمجتمع طبعا هذا لايعني أن باقي المجتمعات الغربية لم تكن متساوقة مع هذا التوجه ولكن الخطوة المبكرة تشريعيا كانت من المجتمع السويدي

خَطَر لي

في مساء اول ايام عيد الاضحى المبارك وحول مائدة العشاء الممتدة على طول غرفة الضيوف البالغة ٨ م والتي تَحَّلق حولها احفادي العشرة وابائهم وأمهاتهم وما رافق ذلك من ضجيج وضحكات واستمتاع رغم مايرافق ذلك من خسائر فادحة في عدد الضحايا من الأكواب الزجاجية التي لابد من أن تتكسر بسبب عبث الأطفال وقد لاتسلم منهم بعض النباتات الظلية التي نسهر على رعايتها ليأتي بعد ذلك مهدي وهو أصغر احفادي ليستمتع بتكسيرها وهو يضحك ساخرا في هذا الجو الأسري الممتع خطر لي قول الله تعالى.

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾ -[النحل ٧٢]

لاحظ الوصف الإلهي الرائع والمنطقي لخلق الإنسان وصيرورة المجتمع من دون تكلف بما يضمن الاستقرار والسعادة فقد جعل لكم والجعل هنا هو تعبير عن إرادة الله تعالى في هذه الصيرورة ولكن الإنسان ماذا يفعل عندما يكون جاحدا للخالق !!؟ يذهب إلى إنفاذ إرادته في قبال إرادة الله متحديا الرحمن باتباع الشيطان رغم أن الله حذره من ذلك

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[النور أية ٢١]

***

فاضل الجاروش

في المثقف اليوم