أقلام حرة

علاء اللامي: مختارات أخرى لمفردات عربية فصيحة في اللهجة العراقية اعتُبِرَت مندائية خطأً (8)

كلمات هذا الجزء: " خرخاشة - خصّ – خشالة – خش - خمط - خيخة –لاو-لبچ -لخم -لگن -لوتي -مترهي - مچعة". شكرا لكم مقدماً على تعليقاتكم انطلاقا من لهجاتكم العربية الجميلة تصحيحاً وإضافة... سيكون ترتيب الفقرات أدناه كما يلي: رقم الفقرة ثم الكلمة كما تلفظ في اللهجة العراقية ثم علامة مساواة وبعدها لفظ الكلمة في اللهجة المندائية بين قوسين ثم معنى الكلمة في المندائية فمعناها في العراقية فرأيي الشخصي بهذا التخريج مع التوثيق المعجمي:

499-خرخاشة =(كركشتا) وتعني في المندائية جرس ولعبة أطفال. في العامية هي لعبة للأطفال صغيرة تحدث صوتا حين يتم تحريكها بحركات متتابعة هزّا. والكلمة عربية أخذت تشبها بالخشخاش الذي يحدث صوتا واضحا عند قضمه أو حين تصطدم ثماره الجافة ببعضها ومنه جاء صوت "خشخشة السلاح". وفي المعجم الوسيط نقرأ (خشخشَ السِّلاحُ وغيْرُه: صَوَّتَ إذا حُرِّك. يقال: خَشْخَش الثَّوْب الجديد. وفي الشيء: دخل وغاب. وـالسِّلاح َوغيرَه: حَرَّكه فَصَوَّت. والشيءَ في الشيء: أدْخَلَه.؛ (تَخَشْخَشَ): صَوَّت. وفي الشيءِ: دخلَ فيه وغابَ. يقال: تَخَشْخَشَ في الشَّجَر.؛(الخَشْخَاشُ): الجماعةُ عليهم سلاح ودُرُوع. وكلُّ شيء يابس إذا حُكَّ بعضه ببعض صَوَّت. ونبات حَوْليّ من الفَصِيلَة الخشْخاشِيَّة، يُستَخرج الأفيون من ثِمَاره. واحدته: خَشْخاشة.

503- خصّ =(هصص) وتعني في المندائية حصر، رزم... ومعاناها في العامية سياج من القصب يفصل بين بيت وآخر ... والكلمة عربية نقرأ في المصباح المنير (الخُصُّ: البيت من القصب والجمع "أَخْصَاصٌ"، و "الخَصَاصَةُ" بالفتح الفقر والحاجة) وفي المعجم الوسيط (الخُصّ: بيتٌ من شَجَر أَو قصب.) وفي المعجم المعاصر نقرأ (جمع أخصاص وخِصاص وخُصُوص: بيت من شجر أو قصب، كوخ، بيت سقفه من خشب: سكن في خُصٍّ بعد تهدُّم منزله).

505- خشالة =(خشل) لم يذكر معناها في المندائية وقال إنها تعني في العامية العراقية القديم المكسر وذكر أن الكلمة أكدية وهذا صحيح وقد ذكرها طه باقر فقال (في اللهجة العراقية وهو ما تكسر وعتُق من أواني النحاس، وأيضا الحُلي كالأساور والخلاخيل. وردت في الأكادية بلفظتين "خِشالو" و " خشالتو" بمعنى ما انكسر وانسحق).

506- خشل =(خشلا) مصوغات ومجوهرات. ويذكر المؤلف أن الكلمة موجودة في العربية ولها أحد عشر معنى ومنها (الحلي) وهو معناها في العامية، ولكنه مع ذلك يصر على أن الكلمة لا ترد في العامية العراقية إلا مندائية "حيث تقول العامة خشل إشارة الى المصوغات وليس مخشلات" وهذا تخريج غريب ولا يخلو من الطرافة الممزوجة بالعناد. نقرأ في لسان العرب (والخَشْل الأَسْوِرة والخلاخيل، وهو ما كان منها أَجْوَف غير مُصْمَت، وكل أَجوف غير مُصْمَت فهو خَشْلٌ. قال: وأَما رؤوس الأَسْوِرة والخلاخيل فلا تكون إِلا مُصْمَتة وليست خَشْلاً).

508-خمط =(خمط) لم يذكر المؤلف معناها في المندائية ولكنه ركز على أن معناها في اللهجة العراقية وهو "أخذ بسرعة" لم يرد في المعاجم العربية فهي إذن مندائية رغم أنه يذكر إنها بابلية وذكرها طه باقر في كتابه سالف الذكر. والكلمة فعلا أقدم من المندائية فهي أكدية وتعني الأخذ بسرعة ومن الأكدية انتقلت إلى بعض اللغات السامية الأخرى كالآرامية "المندائية" واللهجات العربية الأخرى ومنها العراقية، ومن هذه الكلمة نحتوا اسم ملاح العالم الأسفل المكلف بنقل أرواح الموتى إلى العالم الآخر، واسمه "خمط تبال" وتعني الآخذ بسرعة. أو هو الأخذ باليد أخذا شديدا كما قال هادي العلوي وضرب له مثلا من الشعر الجاهلي قال:

وانشد اللغوي ابن العرابي لرجل جاهلي لم يذكر اسمه يفخر بقومه:

إذا رأوا من ملك تخمطا ****أو خنزواناً ضربوه ماخطا

التخمط=التصرف الأهوج. وفي العامية البغدادية اخذه بيده أخذا شديدا. والخنزوان: التكبر والغطرسة. وقوله "ماخطا" يعني كلما خطى خطوةً.

وفي تاج العروس شاهد لغوي هو:

إذا تخمط جبارٌ ثنوه إلى **** ما يشتهون؛ ولا يثنون إنْ خمطوا

507- خَلال =( گلال) وتعني في المندائية "كل شيء مكور ومدور كالحصى والبرد، وقد غلب استعمالها على التمر قبل أن يكون رطباً" . ولكن الكلمة أكدية وقد ذكرها طه باقر في كتابة "من تراثنا" فقال (خَلال = بالأكدية تُخالو: وتعني البلح غير الناضج. في اللهجة العراقية).

516-لاو =(لاو) وتعني في المندائية أداة نفي، لا، ليس. ولتوضيح معناها في العامية يضرب المؤلف مثالا فيقول (لو انك) وتعني لو لا انك، و (لاو وين) وتعني إلى أين، او إلى متى. وهذا منتهى الهذر! فهذه اللفظة مندغمة من (إلى / لـ +أين) وأين الفصحى تلفظ في جميع العامين العربية (وين) فيكون لوين بمعنى إلى أين. ومثل ذلك مع (لونك) فهي مكونة من (لو + أنك)، وما حدث في اللسان العامي هو حذف الهمزة وكما قلنا فالهمز غير مستساغ عموما وفي العاميات خصوصا.

518-لبچ =(لبش) وتعني في المندائي يلبس، يداخل، يكسو. وتعني في العامية العراقية تداخل الكلمات على لسان من يتكلم بسرعة (يلبچ). ولا علاقة للتأتأة هنا.. وهذه الكلمة عربية ممعجمة وملفوظة بكشكشة ربيعة، ونقرأ عنها في معجم المعاني (لبِكَ يلبَك، لَبَكًا، فهو لَبِك، لبِكَ الأمرُ: التبك، اختلط والتبس.. التبك عليّ الأمرُ: لبِكَ؛ التبس، اختلط. وسأَل الحسنَ رجلٌ عن مسألة ثم أَعاد عليه فعيَّ مسألته فقال له الحسن: لَبَكْتَ عليّ أَي خلطت عليَّ).

ويؤيد هذا التخريج خالد السياب في معجمه ويأتي عليه بشاهد شعري لزهير بن أبي سلمى يقول:

رَدَّ القِيانُ جِمالَ الحَيِّ فَاِحتَمَلوا......إِلى الظَهيرَةِ أَمرٌ بَينَهُم لَبِكُ

523-لخم =(لُكما) وتعني في المندائية وجنة خد. وفي العامية والعربية الفصحى تعني الكلمة ضربه على وجهه نقرأ في الوسيط (اللَّخْمُ: القَطْعُ، واللَّطْمُ) وفي الرائد (لخمه: لطمه على وجهه. لخم الشيء: قطعه. لخم الشَّيْء لخما قطعه، وَوَجهه لَطَمَهُ، وَفُلَانًا شَغَلَهُ بِمَا يثقل عَلَيْهِ وَهُوَ من قَوْلهم بِهِ لخمة أَي ثقل نفس).

526-لگن =( لگيانا) وتعني وعاء لوضع الطعام والأكل في المندائية. والكلمة عربية وممعجمة نقرأ في القاموس المحيط (اللَّقَنُ: شبهُ طَسْتٍ من نُحاس أَو صُفْر ضيِّقُ القاعِ متَّسعُ الأعلى) وفي جنوب العراق لا يوضع فيه الطعام بل غالبا ما يقدم إلى الضيوف لغسل الأيدي قبل أو بعد تناول الطعام أو للوضوء.

527-لواث =(لوات) وتعني في المندائية المخالطة، الملازمة، المعية. وفي العامية اللواث هو خلط كرات العجين بشيء من الطحين أي بتلويثها به. والكلمة عربية فصيحة نقرأ في معجم المعاني والوسيط (اللَّوَاثُ: الدقيق الذي يُذرّ على الخِوان لئلاَّ يلزَقَ به العجين).

528-لوتي =(إلواتا) وتعني في المندائية اللولبة وخاصة ما يشبه الغُصين اللولبي. وهي بعيد جداً لفظا ومعنى عن المراد، ويقحمها المؤلف بهذا المعنى عن الشخص الذي يوصف باللوتي إقحاماً فيقول (يقولون شنهو هاي اللواتة؟ بمعنى ما هذه الفبركة واللولبة؟). والكلمة موجودة في اللهجة العراقية ولهجات الخليج العربي وتعني المخادع والنصاب والمحتال. وكتب عنها جواد الموسوي قال: "لوتي في اللهجة العراقية ولهجات خليجية، هي كلمة ذمّ لوصف الإنسان الحذر وصعب المراس، وتقال كذلك للمحتال، قيل أصلها أكدي عراقي قديم من Lutu بمعنى "ضعيف"، وجمع اللوتي "لُوتيّة" و"لِواتة".

535-مترهي =(رهو) وتعني في المندائية ينفرج ويرتاح والمعنى بعيد نسبيا في اللهجة العراقية حيث المترهي هو المسيطر باطمئنان والمتفوق والأحسن حالا. والكلمة عربية وجذرها رهو ونقرأ في اللسان (رَها الشيءُ رَهْواً: سَكَن. وعَيْشٌ راهٍ: خصيبٌ ساكنٌ رافِهٌ)، في المعجم العربي المعاصر (رهو: ساكن، هادئ "مَطَرٌ رَهْو: خفيف- وفي القرآن الكريم {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً}: ساكناً متَّسعاً، لا اضطراب في أمواجه". ما اطمأنّ من الأرض وارتفع ما حوله فيجتمع فيه الماء). والمثال الذي ضربة المؤلف يفي بالغرض هنا حيث كتب (شكو عليك أنت مترهي!).

538-مچعة =(مشا) في المندائية هي وحدة قياس. الكلمة بالجيم غير المعطشة أي المعجمة بنقطة واحدة وليست ثلاثية. وهي في العامية قليل من الماء يشربه الإنسان دفعة واحدة. ولا أرى رابطا معقولا بين الكلمتين خصوصا وأن عبارة " وحدة قياس" عامة وغير محددة ولا علاقة لها بالمعنى السياقي. وأعتقد أن كلمة "مجع ومجعة، هي نفسها في اللغة العربية الفصحى، ونقرأ في اللسان ( يَمْجُعُ مَجْعاً وتَمَجَّعَ: أَكل التمر باللبن معاً، وقيل: هو أَن يأْكل التمر ويشرب عليه اللبن. يقال: هو لا يزال يَتَمَجَّعُ، وهو أَن يَحْسُوَ حَسْوةً من اللبن ويَلْقَمَ عليها تَمْرةً)، وفي معجم المعاني (مَجَعَ يَمْجُعُ مَجْعا وتَمَجَّعَ: أَكل التمر باللبن معاً، وقيل: هو أَن يأْكل التمر ويشر عليه اللبن.. هو لا يزال يَتَمَجَّعُ، وهو أَن يَحْسُوَ حَسْوةً من اللبن ويَلْقَمَ عليها تَمْرةً، وذلك المَجِيعُ عند العرب). تبع.

للاطلاع على هذه الاجزاء السابقة من المفردات انقر لطفا على هذه الوسمة:

#لهجة_عراقية_اللامي

***

علاء اللامي

في المثقف اليوم