أقلام حرة

صادق السامرائي: الخندقة الحضارية!!

الأمة متخندقة في محطات مسيرتها البعيدة، وتتمسك برموز وأعلام وتحسبهم ذروة ما تستطيع عطاءه، وترى أن عجلة الدوران توقفت عندهم.

إبن رشد (1126 - 1198) لا زال العديد من المفكرين والفلاسفة  يعتقدون الحل في العودة إلى ما طرحه، وهو الفقيه والقاضي القريب من مركز القرار  في وقتها، وما إستطاع أن يترجم أفكاره، ويصنع تابعين ومريدين، وزمانه غير زماننا.

إبن خلدون (1332 - 1406) ولو سألت أي متخصص أجنبي بعلم الإجتماع عنه فلن يعرفه، فنظريات علم الإحتماع تطورت بتنامي المعارف وإتساع علوم السلوك البشري، وتجدنا نستحضره وكأنه حي بيننا، ومعظم المهتمين بعلم الإجتماع يدورون حول مقدمته ويجدون فيها كل الأجوبة، وكأن عقولهم عاطلة ومعارفهم باطلة.

المتنبي (915 - 965) نتفاعل معه على أنه سيد الشعراء في كل العصور، وما بعده شاعر، ولن يرقى إلى منزلته أحد منهم، فالأمة عقمت بعده، وهو إبن عصره بمحدودية معارفه وأغراضه، وله ما له وعليه وما عليه.

ولا يمكننا القول بأن الأمة بعده أنجبت ما يفوقه موهبة وقدرة، فنطمس الجميع ونتمسك به.

واليوم في الأمة شعراء يقدمون النفائس الشعرية المعاصرة، التي تتفوق على ما قبلهم، لكننا نلغي كل معاصر ونتشبث بالقديم.

الشعراء أبناء زمانهم  ومكانهم، فما قيمة شعر أبي تمام والبحتري في زمننا هذا، ربما بضعة أبيات بقيت تقارع الزمان!!

المشكلة أن الأمة فاقدة للثقة بنفسها، وتتجاهل دوران الأرض، وتستكين لتوصيفات العجز والتقهقر والإندثار، وهذه الأساليب التخندقية تكاد تطغى على مناحي الحياة فيها.

فهل لنا أن نستفيق من كارثة الإنطمار فيما مضى وما إنقضى؟!!

***

د. صادق السامرائي

10\8\2023

***

* المقال ليس للتقليل من قيمة أحد، لكنه إشارة إلى ظاهرة نتمحن فيها!!

في المثقف اليوم