تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

كيف تصنع السلطة الحاكمة ضداً نوعياً

عند اشتداد الصراع السياسي ووصول الأمور إلى نقطة اللاعودة واحتراق اوراق اللعب عند السلطة الحاكمة في مواجهة الثورة؛ تلجأ هذه السلطة المهزومة إلى آخر وأهم أوراقها وهي ورقة الضد النوعي؛ وهي ورقة تعتمد على استخدام الجماهير ضد الجماهير

بمعنى أنها تقف متفرجة على صراع بين طبقتين من الشعب وهما الطبقة الثائرة وهي في الغالب تمثل طبقة الفقراء والمسحوقين؛ وبين طبقة الأغنياء من التجار وأصحاب رؤوس الأموال وكذلك الطبقة الوسطى من الموظفين في القطاع العام والخاص أن هذه الشرائح الاجتماعية سوف تندمج وتتحول إلى طبقة واحدة في موقفها من الطبقة السياسية وهو بقاء الاستقرار بصرف النظر عن تحقق العدالة الاجتماعية؛ وهو سلوك فيه كثير من الأنانية وكثير من التوجس من اي اهتزاز للسوق وحركة الأموال والتي لاتهم الفقير في شيئ تجعل مواقفها السياسية مرتبطة ارتباطا وثيقا بجزئية الاستقرار ورفض أي حالة قلق يتعلق بالموارد وهي غالبا سيكون موقفها ساكنا عند حدوث الثورات إلى أن يتم الايعاز لها من قبل السلطة بشكل غير مباشر بالتحرك لإجهاض الثورة؛ أقول بشكل غير مباشر لأنها ليست بالضرورة مرتبطة بالسلطة تنفيذيا ، فهي ليست تجمعات أو تشكُلات حزبية أو مؤسسات سياسية لذلك يكفي فقط ان تتخذ السلطة الحاكمة بعض القرارات التي تجعل حركة الأموال قلقة وستجد أن هاتين الشريحتين من دون تكليف ستتبرعان بشيطنة الثورة وإسقاطها

كيف تحرك السلطة هذه الورقة؟

يكفي أن تغلق البنك المركزي والمؤسسات المالية بذريعةالحرص عليها من السرقة وهذا الاعلان سيشكل تهمة اولى بشكل ضمني للثوار باحتمال سرقتهم للمؤسسات المالية لتخلق بعد ذلك حالة من القلق العام في الأسواق مما يؤدي إلى ارتفاع في الأسعار يظهر تأثيره مباشرة على الطبقة المتوسطة من أصحاب الدخل الثابت من الموظفين في القطاعين الخاص والعام عند إشاعة أن هناك احتمالا لتأخر المرتبات الشهرية وكذلك حركة أموال التجار والمستثمرين حيث تصبح البيئة الاقتصادية كأنها غير آمنة مما يؤدي إلى ضعف أو توقف حركة التبادلات التجاريةوبذلك يُصبح الضرر عاماً

من هنا تبدأ حالة التذمر والحَنَق عند المجتمع الاستهلاكي ويبدأ بتحميل الثوار مسؤولية مايجري رغم أنه يعرف حقيقة ما يجري

أن أكثر مايؤلم في هذا الصراع هو ان هذا الفقير الثائر يُظلم مرتين مرة من قبل السلطة الغاشمة وهذا طبيعي ومتوقع ومرة من قبل الناس رغم أنهم يعرفون بأن السلطة ظالمة ولكنهم يصبحون اتباع لها لضمان مواردهم المالية أو لزيادتها؛ والاقسى من ذلك كله مايُلصق بالثوار من اتهامات تتراوح مابين الخيانة والعمالة للأجنبي أو الانحراف الأخلاقي عندما تحدث الثورة في مجتمع محافظ مثل المجتمع العراقي للتحول الثورة بعد ذلك إلى وصمة عار لايريد المواطن أن يناله منها شيئ ، عند ذلك تهرع الجماهير المكتفية ماليا إلى رجم هذا الفقير الثائر عقوبةً على عدم تحمله لسياط الفقر؛ فصراخ المظلوم لاتحتمله اذن الظالم ..

أنها صناعة احترافية لها اصولها وأدواتها

***

فاضل الجاروش

في المثقف اليوم