أقلام حرة

صادق السامرائي: أمة الفقهاء عدوة العلماء!!

الموضوع الذي تهابه الأقلام هو دور الفقهاء في تدمير أمة العلماء، فالتأريخ يحدثنا أن الفقهاء بأنواعهم أسهموا في النيل من العلماء.

خذ أي عالم دعى لتفعيل عقول الأمة، وستجدهم وقفوا له بالمرصاد، وأقنعوا الكراسي بالقضاء عليه أو النيل منه ومحاصرته.

وحتى في زمننا المعاصر، تضامنوا للنيل من العقل الذي يتبصر ويفكر ويستفهم ويستنتج، فأي عقل فاعل يعتبر عدوهم، والخطر الذي يهدد مصالحهم الدنيوية السيئة المبرقة بالدين.

تأملوا مصر في القرن العشرين، وماذا فعل فقهاؤها في العقول التي إجتهدت، ودارت عليهم إسطوانة التكفير والزندقة.

الزندقة بدأها المهدي إبن أبي جعفر المنصور، وأمعن بها الهادي، وأطفأ نارها هارون الرشيد ؟

ومثلها فرية (خلق القرآن)، التي أطلقها المأمون، وجسدها المعتصم وأمعن بها الواثق وأوقفها المتوكل.

واليوم تجدنا في بعض اليلدان التي تأدينت أحزابها وتعممت كراسيها، صار العقل ممنوع من الصرف، وجريمة لا تغتفر إن قلت بأن المتداول غير مقبول، فالقصص والروايات المفبركة تتزاحم وتتراكم، والناس في دوامة التجهيل والتخنيع والتركيع، والمنابر المُرائية تصدح بما يخدّر الجموع المأسورة بالقهر والحرمان والرعب الشديد.

إنهم الفقهاء كما يسمونهم، وما يعرفونه من الدين يتصل بمصالحهم، وأي حالة تتعارض ورغباتهم تحسب عدوانا عليهم، فيفتون بالقضاء عليها، ويرمون بالمسؤولية على ربهم الذي ينوبون عنه، وكأنهم أولياء أمور الأنبياء.

إنها لعبة الفقهاء وآثامهم، ولهذا جمع سليمان القانوني فتاواهم لتدفن معه، فما فعله بتفويض شرعي منهم.

وحتى ما أقدم عليه هولاكو كان بتفويض فقهاء ذلك الزمان، الذين تعبّدوا في محاريب الخيانة العظمى، وأجازوا له قتل الخليفة العباسي.

وكل فقيه في جوهره طاغية مستبد لا يرحم معارضيه، وتبرز فرديته عندما يجلس على الكرسي فتصبح السلطة دينية، فتجمّد العقول وتأبى أن تقول الله أعلم، فهي الأعلم، وعندها القول الفصل والختام!!

ولعنة الله على كل فقيه يتاجر بالكلام!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم