تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

محمد سعد: مُعضلة القنفذ ومُعضلة العلاقات العربية!

هل نظرية حفظ المسافات في العلاقات العربية العربية، تشبة حيوان القنفذ، عندما يشعر حيوان القنفذ بالبرد يبدأ بالبحث عن إخوانه لكي يلتصق بهم حتى يشعر بالدفء. المشكله أنّ الشوك الذي على جسم القنفذ يجعل عملية تقاربه مع أبناء جنسه صعبه ومؤلمة، نظراً لأنهم كلّما تقرّبوا من بعضهم فإن الشوك الذي على أجسامهم يؤذيهم، فيقرّرون الإبتعاد عن بعضهم، ثم يشعرون بالبرد فيقتربون مرة أخرى وهكذا. .

في سنة 1851 تأمّل الفيلسوف الألماني "شوبنهاور" في موقف حيوان القنفذ هذا واعتبرها واحدة من معضلات الإنسان الإجتماعية النفسية، وسماها: (مُعضلة القنفذ،  "شوبنهاور" تكلّم أن الإنسان الوحيد يشعر باحتياج شديد لأن يقترب من الناس ويتفاعل معهم، وأنّ الوحدة تبقى قاسية جداً ومؤلمة بالنسبة للإنسان الطبيعي (مثل البرد بالنسبة للقنفذ)، فيقرّر أن يفعل مثل القنفذ ويبحث عن أبناء جنسه ويلتصق بهم من أجل الدفء النفسي.

المشكلة أن التصاقه وقربه هذا لن يكون مصدر سعادة وراحة له على طول الوقت، وإنما العكس، مصدر ألم وتعب (لنفسه ولأقرانه)، وهنا تتولّد مشاعر سلبية كثيرة مثل الضغط النفسي والإحراج والفراق وغيرها. ومثلما يكون القنفذ مجبراً على إيذاء أقرانه، ذات القضيه مع الإنسان العربي (لن يتعمّد جرح أحد) وإنما هي الطبيعة البشرية ولكل منّا أشواكه. . . !!

نظرياً، فإن القنفذ وجد حلاً لهذه القضية، واستحدث طريقة بسيطة ناجحة، وهي عملية سماها الفيلسوف شوبنهار (المسافة الآمنة)، فاستطاع القنفذ أن يختار مسافة معينة من السلامة، مسافة تضمن له الدفء الكافي، وفي نفس الوقت أقل درجة ممكنة من الألم.

المسافات في العلاقات العربية بعد الحرب العالمية الثانية، وظهور صراع الحرب الباردة، قسم العرب الي مسافات بعيدة للتقارب في أوقات الأزمات والنكبات العربية كنا مثل حيوان القنفذ نحتاج للدفء والاقتراب ولكن الشوك يبعدنا مسافات، والدليل علي ذلك الوضع الراهن سياق حرب وجرائم الابادة والتجويع التى ترتكبها (اسرائيل) الآن فى غزة، حصار وأكبر سجن سوف يكتب في التاريخ، ، بدعم امريكى/ اوروبى وصمت عربى رسمى، هل يستطيع العرب أن يخرجوا ببيان بقطع البترول. . والغاز. . !!، ووقف أي تمويل للسفن في البحر المتوسط، وإغلاق القواعد الأمريكية في ديار العرب. . ؟!، هل تستطيع الدول العربية كما وافقت من قبل علي حظر الطيران العراقي في شمال العراق ومن قبل حصار القذافي جوا أن يصدره بيان بحظر الطيران الإسرائيلي من فوق غزة. . ؟ بالطبع لاأحد للانها خطوة مهينة كاشفة ومؤكدة للسيادة العربية “المجروحة" منذ اتفاقيات (كامب ديفيد، واسلو. ومدريد. والتطبيع وفتح علاقات دبلوماسية من المغرب حتي البحرين) ، إن العمل الذي قامت بة (اسرائيل) بقصف معبر رفح وتهديد الإدارة المصرية بأنها سوف تقصف اى سيارات تحمل مساعدات مصرية لغزة، وعليه قامت مصر بإغلاق المعبر وبإعادة قوافل المساعدات. الي مطار العريش، دليل علي نقص السيادة علي الأرض العربية وغياب التكامل والقرار العربي الواحد إذا أقدمت مصر علي خطوات أكثر، فالعرب في غياب تام، ولكن الوضع كشف سوء عورات الاتفاقيات العار من كامب ديفيد التي قيدت مصر في هذة المواقف.. الحرب كشفت لنا

بالكف الفورى عن مواصلة المشاركة فى هذا العدوان والحصار الاسرائيلى القاتل لغزة، والتحرر من “اتفاقية فيلادلفيا” الموقعة عام 2005 التى الزمت مصر بالقيام بمراقبة الحدود مع غزة امنيا لصالح (اسرائيل). والقيام بفتح معبر رفح فورا وذلك وفقا “لقرار واتفاق المعابر بين مصر وفلسطين” مستقل عن أى أطراف أخرى، اتفاق تحكمه المبادئ والقواعد التالية:

اتفاق متحرر من السيطرة الاسرائيلية والنفوذ الامريكى.

اتفاق متحرر من اتفاقيات كامب ديفيد، ومن" اتفاقية فيلادلفيا" التى اعطت السيادة الحقيقية على معبر رفح لاسرائيل.

اتفاق يهدف الى تحرير وتطبيع العلاقات المصرية الفلسطينية بعيدا عن (اسرائيل).

اتفاق يضع امن مصر فى الاعتبار وليس امن (إسرائيل).

اتفاق متحرر من الادعاءات الأمريكية الإسرائيلية بان الفلسطينيين هم مصدر الخطر والإرهاب.

اتفاق لا يعترف بشرعية الاحتلال للأراضى الفلسطينية ومن ضمنها غزة وبالتالى لا يعترف بشرعية التحكم والمراقبة الإسرائيلية للمعبر الفلسطينى.

اتفاق ينطلق من ان فلسطين قطر شقيق، وان (اسرائيل) لا تزال هى العدو والخطر.

اتفاق يسمح لنا فى مصر وفى البلاد العربية الأخرى بزيارة غزة بتأشيرة فلسطينية وليست إسرائيلية.

اتفاق لا يقيد حركة الأفراد والبضائع إلا فى حدود القانون.

اتفاق يلتزم بالقانون الدولى الذى يجرم ابادة الشعوب وحصارها وتجويعها.

اتفاق يسمح بدخول الواردات الى غزة ولا يقصر المعبر على الصادرات.

اتفاق يحرر الفلسطينيين من جحيم معبر (كرم أبو سالم)

اتفاق يعامل معبر رفح معاملة معبر السلوم، ولا نحلم فنقول معبر طابا. . !

إننا لا نطالب بفتح الحدود وإنما بتحرير المعبر من الارادة الاسرائيلية. كما طالب بذلك الزميل محمد سيف الدولة في مقالة في رأي اليوم. إنها مطالب بسيطة ومشروعة لا تحتاج إلا الى قدر من الإرادة الوطنية. ، هل نستطيع كعرب أن نتبنا موقفا واحدا رواية واحدة وقرارا واحدا في هذه الظروف العصيبة التي تمر بالأمة. . ام اننا مثل نظرية الفيلسوف شوبنهاور في تحليل العلاقات الإنسانية بين البشر وتمثيل ذلك بمعضلة بحيوان القنفذ!!

***

محمد سعد عبد اللطيف. كاتب مصري وباحث. .

في المثقف اليوم