أقلام حرة

صادق السامرائي: لكل فعل قول كفعل!!

من القوانين الفيزيائية المعروفة "لكل فعل رد فعل يساويه في المقدار ويعاكسه في الإتجاه"، وفي واقعنا لا وجود له، لأن أقوى ردود أفعالنا أقوال وإنفعالات وتنديدات وإحتجاجات وهتافات وتظاهرات لا غير، ونكيل الإتهامات لبعضنا.

مزايدات، مناشدات، بكائيات، لطميات، وإتهامات!!

أمتنا مشكلتها بقادتها، الذين ينساقون وراء العاطفة والمهاترات والشعارات الفارغة، وقد شخص ذلك الراحل (الحبيب بورقيبة) في (3\3\1965) في خطابه بمدينة أريحا، والذي دعى فيه العرب إلى التحدث مع المحتل بعد النكبة حول قرار التقسيم والقبول به، والتمسك بإعادة الحق المغتصب بالكامل فيما بعد، وكأنه قرأ واقع حال الأمة اليوم، وأنذر بأنها ستبقى نردد ذات الكلمات بعد أجيال وأجيال، وقالها بوضوح لو لم نقبل بالحكم الذاتي في تونس عام (1954) لما نلنا الإستقلال، أي أن الحل المنقوص أوصلنا للحل الكامل.

وبإختصار الشعب متحمس وإرادته حديدة ولديه روح ثائرة غيورة، لكنه مبتلى بقيادات لم تبلغ سن الرشد، ويوصلتها عواطفها وإندفاعيتها المحمومة، وقراراتها المسعورة الغير آبهة للتداعيات والنتائج.

وقد برهنت الأحداث الأخيرة عن المسافة ما بين الجماهير والكراسي المكرسة لتأمين مصالح الآخرين.

الأفعال تقابَل بردود أفعال، وفي دولنا تقابل بردود أقوال، وأحيانا بتآزر معيب مع الفعل الواقع علينا، ذلك أن القيادات ما تعلمت بناء القوة، وغطست في الكراسي والتمتع بما تغنمه على حساب البلد الذي تتسلط عليه.

الفاعل يتقوّى، والمفعول به يتطوّى، ويستجدي قوته من الفاعل به، والموجود لتنفيذ إملاءاته، لكي يبقى لفترة أطول في الحكم، فالكفيل يغيّر الوكيل بين آونة وأخرى.

وتبقى الأقوال الرنانة الطنانة صادحة في الأجيال، والوحوش المفترسة تنهش الأمة، وبدأت برأسها منذ زمان، فخبرت كيف تحشوه بما يتوافق ومصالحها، أما بدنها فتنخره آفات التبعية والخنوع والهوان.

فالأمة المشلولة الأفعال عليها أن لا تدّعي البطولات بالأقوال، فإذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب!!

وأقوالها دون الفضة بكثير!!

فإلى أين المسير؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم