تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

بديعة النعيمي: هل بدات بذور اللاسامية تتكاثر في الولايات المتحدة الأمريكية؟

الحرب على غزة (14)

اللاسامية مجموعة معقدة من عناصر كراهية اليهود. والجدير بالذكر أن هذا المصطلح من صناعة المجتمع المسمى بالمسيحي بدليل ما حصل في القرون الوسطى من قتل وطرد وتنصير اليهود في البلاد الأوروبية بتأثير من الكنيسة الكاثوليكية. وقد يرجع سبب هذه الكراهية لليهود من قبل المجتمع الأوروبي هو تسلط العائلات اليهودية الثرية في عالم الاقتصاد وخاصة مع ظهور الرأسمالية.

وقد استغلت اللاسامية من أجل الترويج للمشروع الاستعماري الإحلالي الصهيوني. ومن المعروف بأن الصهيونية تبنت مشروع تخليص اليهود من المجتمعات الأوروبية. وكان صعود اللاسامية في القرن العشرين واعتبار هذا العداء عملية تحريض لإسقاط شرعية دولة الاحتلال.

غير أن هذه الدولة قامت بمساعدة عظميات الدول عندما اعترفت بها.

والحقيقة أن العداء هو عداء لليهود لا للسامية لأن العرب ساميون. وإذا نظرنا إلى غالبية اليهود لوجدنا بأنهم لاساميون،ذلك لأنهم ينحدرون من أصول سكنت بحر قزوين ثم دخلت اليهودية في القرن العاشر الميلادي. ومن هؤلاء ينحدر اليهود المعروفين اليوم في دولة الاحتلال باسم (الاشكيناز) أما أولئك الذين عاشوا في الدول العربية فيطلق عليهم (سفارديم) ويقال بأن هؤلاء ينحدرون من بقايا بني إسرائيل.

ومن المعروف بأن اليهود عاشوا في كنف الدول الإسلامية مثل الأندلس الخلافة العثمانية حيث كان هناك تعايش بينهم وبين المسلمين لا يستطيع أحد إنكاره،لأن هذه حقيقة تاريخية ثابتة ولا لغط فيها. غير أن احتلال فلسطين في ٤٨ وما صاحبه من مجازر وتهجير وفظائع من قبل العصابات اليهودية أظهرت لدى العرب المشاعر المعادية لليهود لا للسامية. إذ كيف يعادي العرب أنفسهم وهم ساميون؟ وتعتبر أمريكا أكبر تجمع يهودي في العالم لأن اليهودي يجد فيها الدولة الأفضل له حتى من دولته المزعومة حيث يجد فيها التحرر المنشود له والأمن والاستقرار في حين شعورهم في بانخفاض نوعية الحياة في دولته. حيث أن جو بايدن المعروف بموقفه الداعم لليهود كان قد كشف عن استراتيجية إدارته الجديدة لمكافحة معاداة السامية.

لكن ما الذي يحدث اليوم خلال الحرب على غزة وما ترتكبه دولة الاحتلال من مجازر مروعة بحق المدنيين وتجاوز جميع الخطوط الحمراء وامتهان إنسانية الفلسطينيين في غزة، هل نحن أمام لاسامية تتكاثر بسرعة بين جمهور الولايات المتحدة الأمريكية بسبب ما يحدث؟ فها هو وزير الخارجية جوش بول يستقيل بسبب نهج جو بايدن في الحرب الدائرة في غزة حيث قال أنه لا يستطيع دعم المزيد من المساعدات العسكرية الأمريكية لدولة الاحتلال.

كما توفي مواطن أمريكي يهودي في كاليفورنيا بعد مشاجرة مع متظاهر آخر مناصر لفلسطين.

كما أشارات تقديرات أن ٨٨% من التظاهرات على خلفية الحرب على غزة في الولايات المتحدة الأمريكية كانت داعمة لفلسطين.

فهل بالفعل أن الأمور ستنقلب ضد دولة اليهود في دولة تعتبر الداعم الرئيسي لها منذ 48 من خلال وعي الشعب الأمريكي الذي بدأت تنمو وتطل برأسها اللاسامية بشكل متزايد؟

***

بديعة النعيمي

 

في المثقف اليوم