هايكو

من شعر الهايكو الياباني

abdulsattar nooraliترجمة لمختارات

من الهايكو الياباني

 


 

من شعر الهايكو الياباني / ترجمة: عبد الستار نورعلي

 

مقدمة المترجم

هذه مجموعة من شعر الهايكو الياباني قمنا بترجمتها عن اللغة السويدية. قام بترجمتها عن اليابانية الى السويدية مشاركة كلٌّ من فيبكه إيموند وسيسيليا أدموند مارتينسون. والمجموعة تحت عنوان (هايكو وكامون) (Haiku och kamon).

الهايكو هو شعر ياباني قديم أصبح معروفاً عالمياً، وتمتاز قصائده بقصرها الشديد فهي مؤلفة من ثلاثة اسطر يغلب عليها التعبير بالصور عن الأحاسيس والمضامين وبالحكمة وبشكل مكثف شديد التركيز  مقنن اللغة. وقد كتب ويكتب على منواله الكثير من الشعراء العرب مقلدين.

والكامون (kamon ) هي صور صغيرة رمزية، والكلمة تتألف من مقطعين هما: (كا) وتعني العائلة أو النسب، و(مون) وتعني السلاح أو الرمز، وبهذا تعني الكلمة (رمز العائلة). وهذه الصور مأخوذة في الغالب من عالم النباتات. وكانت مرسومة أو منسوجة أو مطبوعة على الملابس و العربات والجنائز والممتلكات الأخرى لترمز وتشير الى عائلة أو نسب الشخص فيُعرَف بها. وكان يستخدمها قبل أكثر من الف عام النبلاء ورجال البلاط الامبراطوري ليتميزوا بين الأصدقاء والأعداء. ثم شاعت في القرون اللاحقة بين الناس عموماً. وفي المجموعة استخدمت المترجمتان مثل هذه الصور، صورة مع كل قصيدة، للتعبير بالرسم عن المضامين الكامنة وراء كتابتها، والايحاء بأجوائها الحسية والمعنوية بصرياً الى جانب اللغة والأسلوب.

لقد قمنا بترتيب قصائد المجموعة على أسماء الشعراء في الوقت الذي لم تنظمها المترجمتان  على هذا الأساس. ومن خلال مطالعتنا واستقرائنا للمجموعة لاحظنا أنهما رتبتاها وفق فصول السنة التي وردت في أجواء القصائد، محاولة منهما لايصال تأثيرات وايحاءات الأجواء التي كتبت فيها القصائد والاحاسيس والمعاني الكامنة وراء مضامينها وصورها المستقاة من فضاءات الطبيعة والأزهار والنباتات والأحياء وخصائص ماتمتاز به وما توحيه فصول السنة.

 

1

الشاعر باشو (1644-1694)

انهضي، انهضي،

استيقظي الآن وكوني صديقتي،

أيتها الفراشة النائمة!

*  *  *

الآن يبدأ الربيعُ

بتزيين قمر لوحةِ الطبيعةِ

وأزهارَ الخوخ.

*  *  *

بالرغم منْ أنها هشة

إلا انها ليستْ قابلةً للكسر بسهولةٍ،

براعمُ الأقحوان.

*  *  *

باتجاهِ أشعةِ الشمس

تستديرُ أزهارُ الخُبّازِ

في مطر الصيف.

*  *  *

مطرُ صيفٍ مبكر:

ساقا الكركي الطويلتان

صارتا أقصرَ.

*  *  *

سواءاً في المساء

أم في الصباح فهم يسمعون

أزهارَ البطيخ.

*  *  *

طنينٌ من الحشرات ــ

أمس ما كان بامكان المرء أنْ يرى

الثقبَ في الجدار.

*  *  *

بعد الأقحوان

اضافة الى الفجل الأبيض

لا يوجدُ شيءٌ أطولُ.

*  *  *

رياحُ عاصفةِ الشتاء

أخفتْ نفسها بينَ ايكةِ الخيزران

بلا حركةٍ، أصبحتْ هادئةً.

 

2

إيسّا (1763-1827)

هنا في هذا العالم

تغني الحشراتُ

أجملَ وأقبح.

*  *  *

أيتها الفراشةُ الطائرةُ،

جسدي الخاصُ أيضاً

مخلوقٌ من الرماد.

*  *  *

أيها العصفورُ الصغيرُ

طرْ بنفسك، طرْ!

الحصانُ سيمرُّ!

*  *  *

أرجوحةٌ متمايلة ـ

قلبٌ وحيدٌ

فقدَ طمأنينته.

*  *  *

تعالَ والعبْ معي

أنت اليتيم،

أيها العصفورُ الصغير!

*  *  *

جاءتْ فراشة

واختفتْ بصحبةِ

فراشاتِ الحديقةِ.

*  *  *

أوركيدة الليل

تخفي نفسها في رائحتها الطيبة

وتزهرُ بيضاءَ ناصعةً.

*  *  *

مبكراً هذا الصباح

سقطت بصوتٍ خفيض وخشخشةٍ

أوراقُ الباولونيا.

*  *  *

إنهم يُحاكون البشر،

الحمامُ والعصافيرُ

على الساحل عندَ الجَزْرِ.

*  *  *

أولُ الثلج في الشتاء،

تحت وطأة الثِقَل تنحني

أغصانُ النرجس.

 

3

بو سون (1716-1784)

زخات مطر ربيعية مبكرة،

محارات منحدرات رمال الساحل الصغيرة

تبتلُّ من المطر.

*  *  *

الأوز البريُّ يستديرُ نحو البيت،

في كلِّ حقلٍ للرز  تحجبُ

غيومُ الليل شعاعَ القمر.

*  *  *

أقحوانٌ أبيض،

هنا تترددُ لحظةً

اليدُ مع المقص.

*  *  *

هذه الأوركيدة

كانت موجودةً في حديقةِ غوسوكس

حتى الأمس.

*  *  *

فجأةً زخاتُ مطرٍ صيفيةٍ

العصافيرُ في القريةِ تلتصقُ

بالعشب بقوةٍ.

*  *  *

على الطريق فوق اليابسةِ

في زورق واصل المسير حتى القاع،

أواه، أيها البنفسج!

*  *  *

أيها الأقحوانُ الأبيض

لونٌ رائع مثل لونك

لا يمكنُ العثورُ عليه.

*  *  *

الطيور تغردُ ـ

الجبالُ الهادئةُ تماماً مغطاةٌ

بالسرخس البري.

*  *  *

يازارعَ الأقحوان،

أنت نفسك

عبدٌ للأقحوان.

*  *  *

قمرٌ خريفيٌّ تامٌ صافٍ،

في ظلام الظلال يُسمعُ

صوتُ الحشرات.

*  *  *

طاروا أمس بعيداً،

طاروا اليوم بعيداً

الليلُ منْ غير أوزٍ بري.

*  *  *

الأوزُ البريُ ينتقل،

حقلُ الرز أمام البوابةِ

نشعرُ به بعيداً الآن.

*  *  *

في نهر الشتاء

تُرى لِفتةٌ حمراءُ تنتقلُ،

مرتجةً ومطروحةً.

 

4

أونيت سورو (1660-1738)

بعيداً بعيداً عن هنا

ترحلُ أصواتُ الساعاتِ

خلال ضبابِ الربيع الشفاف.

*  *  *

مبكراً في يومٍ ربيعيٍّ:

في الحديقةِ تغتسلُ

العصافيرُ في الرملِ.

 

5

رانسيتسو (1653-1707)

أشجارُ الخوخِ مزهرةٌ،

أزهارٌ جديدةٌ تُزهرُ فوق الأزهار،

كم لطيفٌ هذا الدفءُ.

*  *  *

أولُ يومٍ في السنة ـ

تحت السماء الصافيةِ

تتكلمُ العصافيرُ.

 

6

شيكي (1867-1902)

حبلٌ سميكٌ في الماء،

صغارُ السرطانِ تأتي

سابحةً في خطٍ واحد.

*  *  *

بطيخاتٌ باردةٌ ـ

حين يأتي اللصُ لا تلاحظُ

أطلاقاً نظرته.

 

7 تشيو ـ ني (1703-1775)

آخ أيتها الفراشةُ الصغيرةُ،

أيةُ أحلامٍ تفيضُ فيكِ

هناك حيثُ ترفرفين بعيداً؟

*  *  *

كلُّ ما يُجمعُ

لايزالُ على قيد الحياة ـ

فوق رمال الساحلِ عند الجَزْر.

 

8

تايجي (1709-1772)

كم هو رقيقٌ وهشٌّ

هذه الأوركيدونة الحزينةُ ـ

لكنها مع ذلك تُبرعمُ.

 

9

كيجيكو (1869-1925)

آخ، اليعاسيب

راقصةً ـ عالمٌ خاصٌ

في غروب الشمس.

 

10

ناو جو

من المؤسف أنْ تُـقطفَ،

من المؤسفِ أنْ لا تُـقطفَ ـ

آخ، البنفسجات!

 

11

إيزأنْ (1652-1710)

عند منحدراتِ الرمال

تهدرُ امواجٌ عاليةٌ متلاطمة،

امواجٌ تضربُ باتجاهِ اليابسةِ.

 

12

إيسشو (1652-1688)

العيون التي رأت كلَّ شيء،

إلى الأقحواناتِ البيضِ

تعودُ ثانيةً.

 

13

تشو را (1729-1780)

ثملةً من الزهور،

مذهولةً من ضوء القمر ـ

آخ، أيتها الفراشةُ الصغيرةُ!

 

14

أتسو جين (1656-1730)

أزهارُ المطر الزرق

تُـحني رؤوسها،

في وداعٍ قريب.

 

15

سو دو (1642-1716)

صباحاً بعد عاصفة الخريف ـ

البطيخُ فقط

لم يلاحظْ شيئاً.

 

16

جيتسو را

مزينةً بأشجار الصنوبر

الأبوابُ ليست مطلقاً

مناظرَ مزعجةً.

 

17

توزان

*  احاسيس يوم السنة الجديدة

أشجارُ الصنوبر في قمةِ الجيلِ

تتمايلُ في الريح.

 

18

كاتسو ري (1732-1793)

واحداً بعد واحدٍ يغطينا

الرذاذُ المتساقطُ

عند مشهدِ الثلج.

 

19

شو كيو ـ ني (1714-1781)

زهرةُ زنبق النسيانِ،

مع ذلك ليست هي التي

اختفتْ مرةً في النسيانِ.

 

نوفمبر 2008

 

 

في نصوص اليوم