روافد أدبية

ناي عند عتبة دارك / خيري حمدان

 

مع أن قدميّ لم تخطئ حدوده يومًا! كانت معالم الطريق قد تغيّرت كأن شيئًا قد سُرقَ من محفظة الذاكرة، نبتت زهورٌ غريبة غير مألوفة، حطّ طائرٌ وقحٌ لم يتوقّف لحظة واحدة عن التحديق في شقّ نهديك، بحثًا عن أثر أغنية، وصدى الناي يرتفع، يملأ المكان عشقًا. من غيري يجرؤ على الصعود إلى شرفتك في عتمة الليل؟

لم أخشَ يومًا السقوط في دوّامة حبّك كما فعل المراهقون من قبلي، لكنّي قررت في لحظة وهم الذهاب لرؤية قارب كان على وشك الإبحار نحو شاطئ آخر، قارب دون اسم، دون لون أو هوية! صعدت أسأل القبطان عن موعد عودته؟ كنت بحاجة لمعرفة أسباب الرحيل، ولماذا يتعذّر على القبطان العشق قبل أن يدركه الأفق الأزرق! كنت بحاجة لأن أكون فوق شاطئين مرّة واحدة، كي أبقى بالقرب منك عقدًا آخر من الزمن. لكن القارب مضى بعيدًا، وحين التفتّ إلى الخلف كان بيتك قد اختفى بعيدًا - يا أنتِ، التي نسيت اسمها وعنوان بيتها بعد أن تهت في هموم الآخرين!

قد أكون قد نسيت تقاطيع وجههك، قد تكونين قد تغيّرت بحكم عبث السنين، لكنّي بقيت أبحث عن ظلّي في عينيك. عن الخطيئة التي لم تكتمل، عن معاني الحبّ الذي لا يقبل الحلول الوسط في حمّى التواصل! لكنّي أضعت الطريق إلى بيتك، بعد أن تعثرتُ بأكوام الحجارة، والشوك قد كبر في الأنحاء! كم أنا قريب بعيد، لا نومَ بعد اليوم، لا رحيل يا سيدتي! مات القبطان يا سيدتي، قضى في البحر كما كان يتمنى، وترك وصية لامرأة على كلّ شاطئ ومرفأ.

يسبقني الناي يا امرأة ترفض إلا أن تختزل قوافل النساء في أنوثتها وانعتاقها من الذات، من البقاء عند حافّة الدنيا. أنت الوحيدة القادرة على العبور مهما ارتفعت أمواج الروح، لا بديل عن الحبّ حين يطغى الزبد وتتكاثر الطيور الكاسرة في الأنحاء، لا بديل عن الحبّ!.

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2087 الاربعاء 11 / 04 / 2012)

في نصوص اليوم