تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

روافد أدبية

فاكهة قبل النضوج

احمد بلقاسمسمع هسيسا في الشارع كان خافتا في البداية، ثم تحول شيئا فشيئا إلى دبيب مسموع وفي الأخير صار أشبه بضربات متتالية من مطرقة فولاذية على جدار الجيران، ذات صبيحة يوم عطلة.أزاح الغطاء عن رأسه، ترك العنان لأذنه لتستطلع مصدر هذا الدبيب، سرعان ما أشعرته أنه لوقع أقدام، تدخلت الذاكرة لتستجلي من يكون صاحب الوقع والناس نيام؟ قفز من سريره يمشي على رؤوس أصابع قدميه نحو النافذة المطلة على الشارع، رمى عينه عبر فتحة ضيقة فيها،عقدت الدهشة لسانه حين وقع بصره عليها.أسرع متلهفا إلى فتح الباب، تعانقا بحنان وغرقا في عيني بعضهما البعض ما شاء الله.ثم سحبها بلطف نحو السرير الذي مازال يحافظ على بعض الدفء..قبل ولوج الغرفة نظرت إليه وقالت مبتسمة:

- جئتك بمفاجأة؟

- مفاجأة؟

- نعم.

- ما هي؟

- أغمض عينيك.

- طيب.

- لا تفتحهما حتى أكمل العدّ إلى غاية عشرة.

- واحد، اثنان،ثلاثة، .........عشرة.

ثم أخرجت من تحت حمالة صدرها ظرفا لفته بإتقان على شكل سيجار وسلمته إليه، تأمله جيدا، برقت أساريره، تنّحت أخاديد الخمسين سنة من الضنْك جانبا، فاسحة المجال لوميض ابتسامة مقموعة لزمن طويل كي يرسم مكانها آية الفرح الدفين . بعد أن افتض بكارة الظرف، تسللت أنامله على مهل إلى أعماق ما بعد الغشاء وخرجت ساحبة معها المفاجأة: شيكا بمبلغ مغر جدا كهرب جسده، زادت ابتسامة الفرح عن حدها وانقلبت إلى قهقهة مدوية كخكخكخ، انحنى عليها، و ضمها إلى صدره من جديد هامسا في أذنها.

- طوبى لك أيتها القطة الجميلة.. وطفق عليها مسحا بالجيد والأطراف..

- الدنيا فرص يجب أن نغتنمها يا حبيبي.

- أنت أفضل من بنت الجيران، التي أرسلت إلى ما وراء البحر لتجلب الدولار من حقول التوت والتفاح، فعادت بوليد أشقر سماه أهلها - ولد العار..

نظرت إليه باسمة وهمست في غنج:

- لو سمحت لشقيقتي بمرافقتي إلى هناك لازددنا كيل بعير..

- إيه نعم، لكن ألا ترين أنها لما تنضج بعد؟

- صحيح ولكن يا أبتي هناك عشق الفاكهة قبل نضوجها لا يقاوم...

 *

 

احمد بلقاسم

 

 

في نصوص اليوم