الرئيسية
الجارية في حريم السلطان .. لمحات مضيئة من تاريخ الفن (34)
ابتداءً من النصف الثاني للقرن الثامن عشر وعلى طول القرن التاسع عشر تصاعد اهتمام المبدعين في الرسم والنحت والادب والموسيقى بموضوع "الاوداليسك" Odalisque او الجارية، حيث انجز الرسامون الكبار روائع اللوحات مستلهمين هذا الموضوع المثير عن البيئة الشرقية بمنظور الثقافة الغربية.
ظهرت هذه الكلمة لاول مرة عام 1681 في الادبيات الفرنسية La’Odalisque وهي تحوير للكلمة التركية Odalik المشتقة من Oda التي تعني الغرفة (اوطة) كما هو معروف لدينا.
على ان الاوداليسك هي فتاة من حريم السلطان العثماني، وفي حقيقة الامر فهي ليست المحظية او الخليلة من نساء السلطان، انما الخادمة لهن والممتثلة لاوامرهن.
وهي بهذا، وحسب تراتبية طبقة الحريم وشأنهن لدى السلطان العثماني وحاشيته، ادنى منزلة من المحظيات وليس لديها اي تأثير على السلطان اوحتى الاحتكاك به الا اذا كانت على قدر من السحر والجمال او تمتلك الموهبة الاستثنائية في الرقص والغناء والاهتمامات الاخرى.
عندذاك ستثير اهتمام السلطان فيأمر بضمها الى فريق الخليلات، وقد تكون محظوظة فتأخذ بلبه وتتفوق عليهن وقد تصبح في قمة الهرم رغم انوفهن فيقربها السلطان اليه ويكسبها لغرفة نومه ويعين لها عددا من الخادمات اللائي سيخدمنها مثلما خدمت غيرها.
تأتي هذه الفتيات عادة من سبايا الحروب او من ضمن الصغيرات اليتيمات والفقيرات اللائي يشتريهن الاثرياء ويقدموهن، لاسيما الجميلات منهن، كهدايا للسلطان خوفا منه وتقربا اليه، وهذا ماكان شائعا في هيكل النظام الاجتماعي الاسلامي لحريم السلاطين العثمانيين.
واغلب الظن انه امتداد لما سبقه من انظمة في حريم السلاطين العرب والفرس.
من اشهر الفنانين الذي برعوا في رسم الاوداليسك هم: فرانسوا بوشيه، جان دومنيك انگرس، جو جوزيف لفيفا، ماريه فورتني، نتالي شيافوني، فرانسسكو مشيتي، گابريل ديفراجيه، فرانسوا بينوفل، مكسيم كامب، هنري بيكو، ليون كومير وآخرين كثار.
مصدق الحبيب