الرئيسية
كانوفا ورقـّة المرمر .. لمحات مضيئة من تاريخ الفن (44)
من بين اعظم مبدعي التاريخ، وقف أنتونيو كانوفا Antonio Canova عملاقا شامخا بين ماقبله ومابعده من الفنانين الفطاحل الذين تركوا اعمالا خالدة بقيت مثارا لدهشة واعجاب الاجيال ابد الدهر.
وهو الرسام والنحات الايطالي النيوكلاسيكي المولود عام 1757 في قرية صغيرة من قرى فينيسيا تدعى پوساگنو.
ظهرت موهبة كانوفا مبكرا بنحت المرمر بشكل خاص فكانت اعماله رصينة الانشاء مثالية التشريح لكن اهم ماميزها عن غيرها من الاعمال النحتية وجعلها تشير بالبنان الذي لايخطأ الى عبقريته الفذه هي رقتها ونعومتها ودفق المشاعر التي تفيض بها وهي الحجر الاصم الابكم!
اصبح كانوفا يتيما بعمر ثلاث سنوات فتولى رعايته وتربيته جداه فنشأ محبا للعمل بالمرمر في ورشة جده الذي كان يعمل قاطعا للاحجار وله ممارسة وخبرة في الريازة والبناء.
فمنذ صغره تعلم التخطيط لاي مشروع والعمل الشاق المتواصل من اجل اكماله حتى انه روى عن سنين مراهقته الاولى قائلا انه لم تكن تغفو له عين كل يوم مالم يكون قد اكمل عملا ما.
ذهب الى روما في عام 1780 ليدخل الاكاديمية الفنية ويعمل مع كبار النحاتين وهناك سرعان ما ذاعت شهرة موهبته الكبيرة التي كانت سببا في استلامه التكليفات لانجاز الانصاب والتماثيل المهمة. كان وطنيا محبا لارضه وملتصقا بها بالفطرة.
فحين وجهت له روسيا القيصرية دعوى للعمل في بلاط سانت بيترسبرگ كتب لهم قائلا: " ايطاليا بلادي .. هي الارض الام وارض الفنون التي لااقوى على مغادرتها .. ففيها امضيت طفولتي وشبابي .. واذا كانت موهبتي المتواضعة قادرة على خدمة الغير، فالاولى بي ان اخدم الارض التي نشأت وترعرعت فيها والتي ليس لبقية الامكنة تفضيل عندي عليها".
وبالرغم من تعلقه بموطنه فقد سافر الى بلدان عدة للاطلاع والمعرفة مثل فرنسا وانكلترا والمانيا، وحين عاد الى روما عام 1816 عين رئيسا لاكاديمية دي سان لوكا.
كما شمله البابا Di San Luca برعايته وثبت اسمه في الكتاب الذهبي لبرلمان الشعب اضافة الى منحه لقب الماركيز الذي حمله حتى وفاته عام 1822 بمرض كان سببه العمل المتواصل الشاق بالمرمر طيلة حياته.
مصدق الحبيب