حوارات عامة

لقاء مع الدكتور كاظم حبيب:

تلقيت رسالة ان الاستاذ الدكتور كاظم حبيب يهبط على تربته جميلا معافا عبقا بتلك الابتسامة الحنون التي تفيض من مقلة اضناها النضال الطويل والغربة الموحشة ..قلت انه هو هذا الرجل الكبير

اقتحمت عالمه وانا بين الحياء من شخصه وبين الفضول الذي اعتراني كي اكتنز من هذا النمير الوافر (فكان اللقاء)

 

استاذي الكبير ..الزيارة الميمونة التي قمت بها الان الى عراقك ..واغنية الانسان لديك ..هل تركت لديك انطباعا معينا؟

-الدكتور كاظم ..نعم تركت زيارتي الراهنة انطباعا .في ماهو ايجابي وفيما هو سلبي .فالتحسن النسبي الملموس الجاري في الجانب الامني لم يسجل في الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والبيئيةاي تقدم .وهي اشكالية كبيرة ,اذا انها تشكل ثغرة كبيرة يتغلغل من خلالها الارهاب ثانية ليقتل المزيد من البشر ويعطل قدرات أخرين ويعيد فرض نهجه الدموي على العملية والحياة السياسية وحياة الانسان اليومية فمن يلقي نظرة فاحصة سيجد امامه غياب السياسة الاقتصادية للحكومة الحالية ولايجد توجهات جادة لمعالجةمشكلات الخدمات العامة (الكهرباء والماء)أو مواجهة البطالة الواسعة التي ترهق كاهل الفرد والمجتمع ,اضافة الى بطالة مقنعة واسعة ومرهقة للميزانية ..لايزال الارهاب يصيب الكثير من الكنائس والمساجد الدينية ويدفع بالناس الهجرة نحو الخارج .

لاتزال الكثير من القوى والاحزاب السياسية تجري تحالفات سياسية طائفية الحقت وتلحق افدح الاضرار بالدولة والمواطنة والمجتمع ..ولايزال موقف الحكومة من الثقافة متخلفا جدا ويجد تعبيره في ابعاد المثقفات والمثقفين في دورهم المنشود في العملية التربوية والتعليمية والثقافية والنشاطات الابداعية الضرورية للفرد والمجتمع .فهم مبعدون عن العمل من اجل مكافحة الوعي المزيف والمشوه الذي زرعه النظام السابق او القوى الظلامية في البلاد .ويبدو لي ان الحاكم لم يعي الى الان اهمية الثقافة ودور المثقففي نشر الوعي الديمقراطي الحر ومن رفع الغشاوة عن عيون الناس ومن السمع) خطاب الاستاذ والصديق المبدع فاضل ثامر رئيس لاتحاد العام لادباء والكتاب في العراق الذي كان جله احتجاج ورفض لما يجري في العراق والمطالبة الصا دقة بتغير هذا الوضع وتمكين الاتحاد وكل المثقفات والمثقفين ليلعبوا دورهم المنشود في عملية التثقيف والتوعية المتعددة الجوانب .وان الاتحاد العام يعيش البؤس المادي وممتلئء بالغنى الفكري والثقافي الانساني .ان من يلقي نظرة على الانسان العراقي بشكل عام يجده مشوها فكريا ,وهذا ليس ذنبه بل ذنب نظم الحكم السابقة ..يساوي السياسات الطائفية .والانسان العراقي موزع على هويات ثانوية تشوه وعيه الوطني العراقي ,فالهوية العراقية غائبة لصالح الهوية الدينية والمذهبية والقومية في حين ان سيادة الهويات هي الثانوية تتحول الى هويات قاتلة حقا ومدمرة للوحدة الوطنية .رغم كل هذه النواقص التي لاتريد ان تدركها بعض القوى الحاكمة ,

يسعى الانسان العراقي يعيش في هذه الظروف القاسية بامل التغيير ,دون كهرباء .ماء.ثقافة سليمة .مع كثرة السلع السيئة المستوردة من دول الجوار لاغراض سياسية ..في حين ان المسؤولين يعيشون عيشة مرفهه ,عيشة بذخ .عيشة دون مخاطر وفي حمايات كثيرة وكبيرة محصنة.اما المخاطر فانها تهدد فئات المجتمع الكادح ..

 

س هل هناك ظما اجهش بداخلكم حين وطات اقدامك تربة وطنك؟ لكل انسان حلم؟ ماهو حلم الرجل الكبير في تاريخه وعطائه السياسي والثقافي؟

 

 

جواب الدكتور ..حين دخلت العراق اصبت بصدمة قاسية..كانت عيناي احداهما دامعة والثانية ضاحكة ...دامعة بسبب البؤس الذي حل ببغداد وغيرها وضاحكة ومن ابهجها هو وجودي على الارض التي ولدت فيها وترعرت ودرست وتمنيت لها وللناس كل الخير ..

 

نعم دمعت عيناي حزنا وفرحا .كان حلمي من ان شاركت في الحياة السياسية العراقية قبل ستين عاما ان يكون لنا عراقا ديقراطيا حرا ومستقلا ...وان تكون حياة الناس سعيدة وصحية وغنية ..اما اليوم فنحن نرى الناس يعيشون حياة تثقلها الطائفية السياسية وتوجد حريات عامة لكن ليست هناك ديمقراطية او مؤسسات دول ديمقراطية ...وهي امور يفتقدها الانسان العراقي ويستوجب مواصلة النضال من اجلها ..حين بدأالنضال كنت احلم بعراق حر ,ديمقراطي وانا ارى العراق حر ولكن غير ديمقراطي او مجتمع ديمقراطي .

المجتمع العراقي يعيش حالة غريبة في مجال التربيةوالتعليم فبعد ان تخلص من الفكر الشوفيني والعنصري ,ابتلى بفكر دين مذهبي طائفي مخرب ,كنت اتمنى لهذا الشعب فكرا مفتوحا وواسعا ,فيه ثقافة جديدة متقدمة تتلاقح مع ثقافات الشعوب الاخرى ومااراه هو محاولة حصر الثقافة العراقية بالدين والمذاهب ولايقود الا الى صراع بين الاديان والمذاهب والطوائف ....

ينبغي ان يتغير هذا كله ...ان نبدا حياة جديدة وعلينا النضال من اجل ذلك يفترض ان يعي الشارع العراقي ليطالب بعقوبة كل من يسرق وينهب المال العام .القتلة والسراق يهربون وتغيب ملفاتهم ..!!

 

في رايك هل تكلم الجائعون في باحة السلطان؟

- باحة السلطان معلقة والسكان جائعون ولم يتحركوا لكسر شوكة من جوعهم حر الان .يفترض خوض النضال الديمقراطي السلمي لفرض ارادة الشعب ارادة الجائعين على السلاطين ايا كان هؤلاء ويبغي كسر التردد في ممارسة حرية وحق في الاحتجاج السلمي الذي يطالب بمصالح الشعب ومطالبيه في توفير الكهرباء والماء والعمل والتنمية والبناء الاقتصادي وحل المشكلة الزراعية والتصنيع والتعليم الايجابي البعيد عن التطرف في الافكار الدينية والمذهبية .

 

س المراة العراقية تحديدا؟ ماذا تعني لك؟

-الدكتور كاظم حبيب..المراة بالنسبة لي هي الام والاخت والزوجة والبنت هي الخالة والعمة كما انها الزميلة ,ولكن هي اولا وقبل كل شيء الانسان الذي يفترض ان ينتزع حريته واستقلاله ومساواته بالرجل ..انها النصف الحيوي والفعال النصف المشرق والمضيء .

وبدونه لايمكن اعادة تجديد المجتمع وتطويره..المراة هي النصف المساوي والمعادل للرجل .انها النصف الذي لايملك حتى جزء ضئيلا من حريته وحقوقه انه النصف المغطى والملفوفوالمحبوس تحت عباءة خائفة ..المراة هي الانسان الذي تعذب وعذب كثيرا وطويلا ..في بلادنا وفي كل العالم العربي والعالم الاسلامي مظلومة ظلما مريعا ..فهي تعاني من ظلم الاب والاخ والعائلة ,من ظلم المجتمع وظلم الدولة والحكومة ومن ظلم الدستور يساوي القوانين المشرعة اي ظلم السلطة التشريعية .او مجلس النواب .انها محدودة الحقوق والواجبات العامة وعلينا تحطيم هذه المظالم واطلاق حرية المراة بكل ابعادها ..واتمنى ان تقوم المراة العراقية بتشكيل تحالف سياسي واسع يمكن عبره فرض نفسها على كل التحالفات السياسية لتاخذ ببرنامجها نحو التحرر من ظلم المجتمع الذكوري لامن اجل خوض الانتخابات القادمة حسب .بل ومن اجل سياسة استراتيجية في سبيل تحقيق كافة حقوقها .

المراة العراقية في البيت والدولة والمجتمع ..

اتمنى ان تكحل عيوني بمثل هذه المنجزات ..وشكرا .

 

اخيرا الف شكر اليك يادكتورنا الجليل لهذه المقابلة السريعة وعذرا لما سببته اليك من ارهاق وتعب .شكرا مرة اخرى ودمتم بالف سلامة واقامة سعيدة في وطنكم العراق .

 

فاطمة العراقية

بغداد

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1161 الاثنين 07/09/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم