حوارات عامة

المثقف في حوار مفتوح مع الكاتب والسياسي موسى فرج (5)

 

 

الاستاذ صالح الطائي، كاتب وباحث اسلامي / العراق

بداية أحيي الأستاذ موسى فرج وأدعو له بالموفقية.

لقد سبق لي وان تداخلت في (المثقف) على احد مواضيعه ظنا مني أنه أحد الأشخاص السياسيين اليساريين الذين دخلت معهم في حوار طويل على صفحات (المثقف) من قبل، وقد أعجبني أسلوبه المؤدب في الرد ولذا أصبحت متابعا لكتاباته التي أجد فيها الكثير من الصدق والجدية. كما وجدت في إجاباته على أسئلة الملف ما لا يمكن أن أعثر عليه في أي مكان آخر.

بعد إذن الأستاذ موسى لدي بضعة أسئلة أتمنى أن لا أثقل عليه بطرحها، وهي:

 

س23: صالح الطائي: من خلال إطلاعي على ردودكم الحوارية في هذا الملف لمست وجود خزين كبير من ذكريات حية لها مساس كبير بحقبة التغيير 2003 وما بعدها، وما دار فيها، فهل تنون كتابة مذكراتكم ونشرها، أو في الأقل تأليف كتاب يتحدث عن هذه المعلومات المهمة والخطيرة لكي يكون معينا من مصدر موثوق لمن يريد أن يكتب عن العراق وشأنه منذ 2003 إلى الآن، ولكي يطلع العالم على خفايا ما مر؟

ج23: موسى فرج: بدءا أخي وصديقي الأستاذ صالح الطائي تقبل امتناني وتقديري ..وأنا لا أشعر بأي ثقل في طرحكم لأسئلتكم علي .. ولكن وما أدراك ما بعد الـ لكن .. اسئتلك عزيزي من العمق والشمول بحيث أن كل حلقه لا تكفي لتغطية الإجابة عن كل سؤال واحد منها .. وهو ما يتسبب بالإثقال والضيق على القراء الأفاضل ..فما رأيك أن نتقاسم أنا وأنت وزر قراءتها و النصح بقراءتها ..؟ هل أنت موافق ..؟ أرجو أن يكون رصيدك من الحسنات كبيرا بحيث لا يؤثر فيه اقتطاع النصف .. أما أنا فاحتياجاتي متواضعة لا أريد 70 قصرا من الذهب الخالص ولا أسرة من الياقوت ولا عشيرة من حور العين إنما واحدة تكفي وعيشة في الفلاة تغطي طموحي فان استحققت رضا ربي وانعم علي باهتين فانا المظفر ... وفي هذا السياق أجدني بحاجة لأن أشير إلى نقطتين تنظيميتين ـ إن جازت تسميتها هكذا ـ قبل المباشرة بالإجابة عن أسئلتكم:

 الأولى: أني أشعر بالسرور حقيقة لأن محدثي مثقف وليس احد منتسبي الماكينة الدعائية لحزب حاكم أو مشترك بالحكم فهو خارج أروقة وبيروقراطية السلطة التي ترى في نفسها أنها على حق دائما و في كل الأحوال .. وان الحمى لا تأتيها لا من الرأس ولا من الرجلين في وقت تتصاعد منها الأبخرة والدخان الخانق ..

وعندما يكون محدثي كاتب وباحث إسلامي فالأمر مهم جدا فهو جزء من المنظومة التي أنجبت الابن الذي يحكم (التشكيلة التي تحكم في العراق حاليا ولا اقصد أحد معين منهم على وجه التخصيص) والابن قد يكون صالحا وقد لا يكون .. فالذي ينتمي إلى المنظومة التي أنجبت الابن الذي يحكم يشعر بالغبطة عندما يجد إن من أنجبه صالحا يدعو له ويديم صلته بالدنيا بعد مغادرته هو .. ويشعر بالذنب ولوم الذات عندما يرى أن ولده ليس صالحا كفايه .. ويشعر بالقلق عندما يتوقع شتائم تلحق به من جراء أفعال ولده.. مثل هذا المثقف .. رأيه و كلامه مهم وان لم يحظى بطاعة الابن لأنه لا يتهم بالغرض السيئ ولا يقال عنه متآمر وهو خير عون لتقويم أبنه ولا تأخذه العزة بالإثم لأنه لم يشارك بما تمخض عن السلطة من مغانم ماديه ولن يتخندق على أساس نصرة الأخ ظالما كان أو مظلوما .. .

 الثانية: هي بشأن الإجابة عن السؤال اللاحق لهذا السؤال والذي جاء يحمل ذات المحتوى الوارد في سؤال لأخي الأستاذ سلام كاظم فرج ضمن الحلقة الثانية من الحوار لكن الإجابة علية تتطلب الدخول في الحيثيات وقد تكون هذه طويلة فتتسبب بالتعب على القارئ، في نفس الوقت فان إجابتي عنها إن جاءت مقتضبة وعلى طريقة (وليد ضاع ولكوه هله) فان ذلك يتسبب لي بخسارة جسيمه والمشكله أنها ليست خسارة بالمنقولات وغير المنقولات بل بالجوانب الاعتبارية ..وأنا لا أبالي بالمنقولات وغير المنقولات ولكن هذا لا يترجم كما هو شائع موقف الإنسان من التملك فيوصف بأنه ليس بخيلا ..بل أني أرى العكس تماما فالذي لا يبالي بالمنقولات وغير المنقولات يكون أشد الناس بخلا ولكن في الجوانب الاعتبارية وما موقفه اللامبالي بالمنقولات وغير المنقولات إلا لأنه يتخذ منها سترة واقية للرصاص لحماية جوانبه الاعتبارية ولذلك فاني ورغم محاولتي تجنب الدخول في تفاصيل هذا الجانب فاني مضطر ولكني لست باغ... .

 أما عن سؤال حضرتك فنعم كنت بصدد إعداد كتاب عن الفساد في العراق وتحت عنوان: .

 (العراق ..من عصر الاستبداد إلى عصر الفساد ...) لكن موضوع مكافحة الفساد بالشكل الذي هو عليه حاليا من الناحية النظرية حديث عهد ليس في العراق فقط بل في العالم إذ أن منظمة الشفافية الدولية لم يتجاوز عمرها عشر سنوات وان أول تقرير صدر لها هو في عام ... أما بالنسبة للعراق فان مجرد التلفظ بمفردة فساد أو مكافحة الفساد في حقبة صدام كانت ممنوع .. حتى أني أتذكر أني قرأت في مجلة ألف باء الحكومية عام 1984 لقاء مع ماجد السامرائي وكان رئيسا للمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون في العراق فاستقال وقد أجرت المجلة لقاء معه على خلفية الاستقالة ..وكان السؤال المحوري في اللقاء هو : لماذا انحصر الإنتاج التلفزيوني على القضايا التراثية والفلكلورية مثل جحا وما شابهه .. ولم يتناول العلل الاجتماعية المعاصرة ..؟ قال:

عندما ننتج مسلسلة تلفزيونية فيفترض أن نضمنها مواضيع غير مرغوبة بقصد معالجتها مثل السرقة والغش والكذب و..و..الخ من الظواهر الاجتماعية .. ولكن إن تناولنا الكذب .. قالوا لك وهل في مجتمع الثورة كذبا ..! وان تناولنا موضوع السرقة ..قالوا لك لا يوجد في عهد القائد المنصور شيء أسمه السرقة..! وان توجهنا إلى الأمية والتخلف ..قالوا لك: وهل أن في المجتمع العراقي في عهد القائد الضرورة أمية أو رائحة للتخلف ..؟ ونفس الشيء عندما يكون الموضوع حول الفقر أو الخدمات أو غير ذلك .. فليس أمامنا غير جحا والذي على شاكلته .. لقد قال الرجل ذلك ومن يومها لم أعرف له وجودا في العراق فقد غادر واغلب الظن أن المقابلة نشرت بعد سفره من العراق ... فإذن موضوع مكافحة الفساد بدأ في العراق وبشكل أولي اعتبارا من عام 2004 وحصل إن كنت مارا بساحة الواثق في عام 2005 فصادفت مظاهرة تتقدمها لافتة كبيرة تندد بالفساد وتدعوا لمواجهته فشعرت بالرضا عن النفس بشكل كبير لأن مواجهة الفساد باتت ثقافة مرموقة تتجه إليها اردادة وضمائر الشعب العراقي .. طبعا في مطلع عام 2004 بدأت التشكيلات الرسمية الخاصة بمواجهة الفساد تباشر عملها في العراق وتأسست لاحقا جهات رسميه لمواجهة الفساد في معظم الدول العربية .. من خلال هذا يتضح بان حتى ماهية الفساد لم يتم الإقرار بها رسميا والاعتراف بها فبينما تسعى الحكومات بتصوير الفساد بأنه الرشاوى التي يغتصبها موظفي الحكومة الصغار وفي حافات الجهاز الحكومي فاني مناهض لذلك واعتبره تسفيه لموضوع مواجهة الفساد وتحويله إلى مجرد (كريم) لتلميع وجوه الحكومات، ونقل للكرة إلى ملعب الشعب .. هذا هو الذي جعلني أتريث في دفع الكتاب إلى الطبع ولكن الآن بدأت الفكرة تتضح شعبيا وعلى مستوى نخب المثقفين فالفساد هو كل ما يلحق ضررا بالشعب في مجال التصرف بالموارد باختلاف أنواعها البشرية والاقتصادية والمالية وهو فساد الحكم ...في مثل هذه الحالة فقد بات كتاب بالمحتوى الذي تفضلت به حضرتك..ضروري ..ومن شاهد عيان ...

 

س24: صالح الطائي: لماذا لم يبقوك في منصبك، ما الدوافع التي جعلتهم يستغنون عن خدماتك، بصراحة؟

ج24: موسى فرج: أستاذي العزيز للإجابة عن هذا السؤال فاني سأضطر للعودة لاستكمال إجابتي على سؤال للأستاذ العزيز سلام كاظم فرج ..والدخول بشئ من التفصيل وأرجو أن يتسع صدر أحبتي القراء لذلك كما أسلفت أنا مضطر ولست باغيا .. فقد ذكرت أني قد أحلت وزيرة البلديات ووكلائها وعدد من المدراء العامين إلى المحكمة المركزية وأنا هنا أشير من جديد إلى أني أقسم باني لم انطلق من أي غرض أو باعث سياسي أو أيدلوجي أو تحقيق مصلحة ذاتية ..فقط توخيا لأداء مهمتي بأمانة وتصميم .. وقد يكون عيبي أني لم أكن مجرد موظف يؤدي واجبات وظيفته إنما أمارس مهمتي تعبيرا عن مبادئ أنا دعوت إليها تتمثل في مكافحة الفساد وأنا من المواجهين له بقية حياتي إيمانا مني بان النظام السياسي وبصرف النظر عن مسمياته أو الأيدلوجية التي ينطلق منها هو أو أطرافه فانه إن كان متجنبا للفساد فانه يحقق ما يصبو إليه ويستحقه الشعب ويستحق الوقوف في صفه وان كان غير ذلك فلابد من تقويمه وان تطلب الأمر مواجهته .. فالتمسك بأيدلوجيات مثلما كان سائدا في الستينات والسبعينات من القرن الماضي يوم كان المثقف يناصر نمطا من الحكام بناء على أيدلوجياتهم وقد يكون من بينهم أشرارا ..زمان مضى .. اليوم الأيدلوجية الصالحة من وجهة نظري هي التي تقوم على سلامة وعزت الوطن ورفاه وازدهار الشعب واحترام حقوق وكرامة الإنسان .. من يحقق ذلك أو يسعى إليه فاني جندي بسيط في جيشه ..أنا غير معني بالأسماء إنما بالأفعال فخيركم من نفع الناس وفي هذا يتبارى المتبارون ..أما الأسماء والشعارات فقد مر بنا الكثير وخدعنا الكثيرون .. في تلك الفترة وبعد إن أحلت قضاياهم إلى المحكمة طالبت باستجواب الوزيرة من قبل البرلمان وسبق وان قلت لها كلاما دون أن يكون غيري موجود في مكتبها وهو الآتي: (كونك امرأة عراقية فان ما أنا مقدم عليه والله أصعب من نصل يغرز في عيني ..وكونك كورديه فان ما أنا مقدم عليه والله أصعب من وتد يغرس في صدري ولكن على حافات المبادئ تنوخ كل الأشياء بالنسبة لي يا أخيتي ..)، وأثناء مناقشة ذلك من قبل المجلس وقف ممثل الكتلة السياسية التي تنتمي إليها الوزيرة في هيئة رئاسة البرلمان يخاطب نواب الائتلاف الوطني قائلا: إن أستجوبتم وزيرنا فإننا سنستجوب وزراءكم ..قلت لا شأن لي بتوافقاتكم ولا بمنهجكم القائل إن انتم حاسبتم زيدنا حاسبان عمروكم ..فزيد وعمرو عندي سيان.. وفي يوم استجوابها كنت جالسا في كافتريا البرلمان وقد أرسلت للشهرستاني نائب رئيس البرلمان قصاصة مكتوب فيها: هل أدخل إلى ألقاعه ..؟ أعيدت القصاصة مكتوب على ظهرها : لا تفعل لأن مشكلة ستنشب .. في تلك الأثناء كانت علاقتي حميمة جدا بالسيد راضي الراضي رئيس هيئة النزاهة حتى انه اتصل بي هاتفيا كي احضر معه لاستقبال مجموعة من مواطني الكوت حيث ينتمي هو.. وعندما حضرت جلسنا سوية أمامهم للترحيب بهم وإلقاء كلمة وقد خاطبتهم يومها بقولي أن من دواعي العدالة في العراق أن يساهم الجميع في إدارته وبناءه طبقا لتوفر الشروط المهنية والاستقامة والخروج من حالة الاستئثار السائدة في الماضي فلو راجعتم وثائقكم الشخصية الرسمية لوجدتموها مذيلة بتوقيع عراقيين ينتمون إلى قضاء أو قضائين من محافظات العراق .. في حين أن 9 محافظات عراقية لا يعرف من بين أسماء أهلوها غير اسم حضيري أبو عزيز ...

بعد أيام هاتفني الراضي فحضرت عنده ..ما لأمر ..؟ قال اتصلوا بي من إقليم كردستان يريدني السيد مسعود البرزاني بشأن قضية الوزيره ..قلت له: لماذا تجلب لنفسك الإحراج ..؟ قل لهم: سيحضر عندكم موسى فرج ..وسأحمل الوثائق معي وأقول له: تفضل هذه الوثائق والقانون عندكم هو نفسه الذي عندنا ولديكم دوائر للرقابة المالية شكل لجنة منهم يفحصون ويدققون فان كانت ادعاءاتي غير صحيحه اعتذرت رسميا وقدمت كتابا للمحكمة بتحميلي أنا كل المسؤولية وان ظهر إن ما قلته صحيح ..؟ فماذا أفعل ..؟ قال:

 سأذهب أنا لأنه طلبني أنا ..قلت له: براحتك .. .

 بعد ذلك بأيام اتصل بي السيد الراضي قائلا: إن اثنين ممن تحترمهم وتقدرهم حملوني سلامهم لك ويرجوانك برجاء.. فهل تحققه لهم ..؟ قلت: من هم ..؟ قال: السيد الجعفري (رئيس الوزراء في حينه) والسيد حسين الشهرستاني (نائب رئيس البرلمان ـ الجمعية الوطنية ـ في حينه) قلت بل أنهما يأمران ..ليس من منطلق منصبيهما لكني أجلهما بالفعل.. ما هو الرجاء ..؟ قال: تترك وزارة البلديات وتختار أية وزارة أخرى تكون المفتش العام لها .. قلت له: سأكون عندك خلال نصف ساعه في المنطقة الخضراء ..وفعلا حضرت ووجدت عنده في مكتبه السيد محمود آل الشيخ راضي عضو الجمعية الوطنية ووزير العمل لاحقا .. وسألته عن التفاصيل ..قال:

أنت تعرف إن العلاقة متوترة حاليا بين رئيس الجمهورية جلال الطالباني ورئيس الحكومة إبراهيم الجعفري على خلفية المعلن ومؤداه زيارة رئيس الحكومة إلى تركيا دون الاستئذان من رئيس الجمهورية والخلاف غير المعلن وهو المهم وهو أن الجعفري لا يجاري ولا يتجاوب في موضوع ضم محافظة كركوك إلى الكورد ..قلت نعم وقد كنت قبل أيام في لقاء مع الحره ـ عراق وضمن برنامج بالعراقي لمناقشة موضوع صلاحيات رئيس الجمهورية ..هل تتفق مع توسيعها أم تقليصها ..؟ وكانت المناسبة تصريحات السيد جلال الطالباني التي قال فيها: أنا لست غازي الياور ..؟ يقصد رئيس الجمهورية الذي سبقه والذي ينظر له بأنه ضعيف أو لم يكن قويا في ممارسته لمنصب رئيس الجمهورية ..فقلت في اللقاء: إن ذكريات الدكتاتورية وانفراد صدام بالسلطة والكوارث التي نجم عنها لا زالت طرية في الأذهان والواجب يقتضي مواجهة تكرارها من خلال توزيع الصلاحيات على أكبر عدد ممكن من المسؤولين وعليه فاني أقترح تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية وأي منصب آخر يخشى منه من الاستقواء .. وتوسيع صلاحية البرلمان ..قال الراضي:أنت تعرف ذلك وتعرف انه حصلت شبه قطيعه بين التحالف الوطني (الشيعي) والتحاف الكردستاني (الكورد) في البرلمان ..الآن بدؤوا في مساع للتصالح وقدم الكورد شروطهم لانجاز ذلك التصالح والنقطة الثالثة في تسلسل مطاليبهم ..هي إبعادك من وزارة البلديات التي تديرها وزيرة كورديه ..! (طبعا على ذمة راضي الراضي وهو لازال حي يرزق وان كان في أمريكا)..ضحكت .. قال: تضحك ..؟ قلت له: الذي أعرفه وتعرفه أنت أن الحسين عليه السلام في وقوفه بين الأعداء يوم الطف خاطبهم بقوله: إن كان دين محمد لا يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني ..هسا آنا قابل ..أبو عبد الله ..مع ذلك فقد قالها من هو خير مني وأجلّ .. يابه: إذا كانت توافقات ألجماعه لا تستقيم إلا بنقلي..؟ انقلوني عمي .. ولكن بشرط .. قال متحفزا: ما هو الشرط ..؟ قلت له: أكون المفتش العام لوزارة الدفاع .. رد علي: يقتلونك ..قلت له: أبفلسين ..(كانت إحدى العراقيات تعمل بصفة مفتش عام في وزارة الدفاع فاغتالوها قبل أسابيع ..) قال: لماذا..؟.. قلت له: سسببان .. الأول: أنتم تقولون أن الفساد في وزارة الدفاع يفوق الفساد في أية وزارة أخرى ..وفي نفس الوقت يوجد تقييم رسمي بتوقيعك موجه إلى رئيس الوزراء ورد فيه أن موسى فرج حاصل على أعلى درجه: جيد جداً ولا يجامل ..وفي هذه الحالة فان مواجهة الفساد في وزارة الدفاع مهمتي .. .

 الثاني: براسي موال بدي أقولوه في وزارة الدفاع ..قال: ما هو ..قلت له في عهد صدام يسمون الناصرية محافظة المليون شرطي ..ويسمون العمارة محافظة المليون عريف والبصره مدينة المليون نائب ضابط .. في حين أن قادة الجيش العراقي جلهم من قضائين فقط ..الدور والحويجه .. فهل أن المحافظات الجنوبية مختصة بولادة الجنود فقط والحويجة مختصة بإنجاب القادة ..؟ فان وافقتكم على الدفاع فانا موافق .. سحب سماعة الهاتف الأرضي على عجل وصاح:

هلو ..هلو ..دكتور عبد العزيز (التميمي مدير مكتب الجعفري رئيس الوزراء ..) يابه: وافق ..موسى فرج.. يمي ووافق ..! قالها بطريقة احتفالية ففهمت انه مكلف من قبلهم ..وأنهم قد قالوا له: نريدها من شاربك .. قلت له: بعد، بعد ..قال ماذا ..؟ قلت له 7 من موظفي مكتبي ينقلون معي إلى الدفاع لأني احتاجهم (في الحقيقة السبب غير ذلك وإنما لقناعتي بأنهم يشوفونهم نجوم الظهر بعد انتقالي بدونهم ..) قال: صار ..في نفس اليوم صدرا أمران ديوانيان بتوقيع السيد الجعفري ..الأول: نقل السيد موسى فرج المفتش العام في وزارة البلديات إلى مثل وظيفته مفتشا عاما لوزارة الدفاع ..والثاني: نقل الموظفين المذكورين إلى وزارة الدفاع أيضا ...

سلمت عهدتي إلى وزارة البلديات وأخذت براءة ذمه .. وطبعا بت لا أحمل غير (مكوار عباره عن راس روط ملحوم على بوري كنت احتفظ به تحت الكشن في وقت صدام ليمنحني بعض الثقة بالنفس ان صادفني سلايه ..) وعند بيعي لسيارتي استبقيته للعازه..

ليس غير ذلك شئ لا سلاح ولا رشاشات ذاتية الحركه ولاحمايه ولا سياره ولا ستره ضد الرصاص .. راجعت وزارة الدفاع وتعرفت على مكتبي والموظفين وسجلت مباشرتي ومكثت ساعة وبعدها ودعتهم ..قائلا: هذه للأغراض الرسمية ولكن لأغراض المباشرة الحقيقية فانه قيل ذلك يجب أن أزور السيد وزير الدفاع والاستئذان في ألمباشره .. في الليل خابرت العميد صباح اعتقد الفريجي مدير مكتبه من خلال النقال فأخبرته باني غدا في زيارة لمكتب الوزير فليسجل لي موعدا ..فقال: الوزير وأنا الآن في عمان ورحلتنا تستغرق أسبوع ..قلت في هذه الحالة فاني مضطر للمباشرة قبل وصولكم .. توجهت في اليوم التالي لمقر عملي ..

فمنعت من الدخول .. ليش خالي ..؟ جاء الجواب يقول بان الوزير سعدون الدليمي خابرهم قائلا: إن دخل موسى فرج إلى الوزارة فاني لن أدخلها ..ليش عسا ما شر؟.. الجواب: انه يقول سيحصل لي الذي حصل لوزيرة البلديات .. الأمريكان قالوا أننا نحتاجك في اجتماعات تعقد في السفارة الأمريكية التي تحتل القصر الجمهوري فواضبت على ذلك لأنها مناسبة جيدة للتجوال في قاعات وغرف القصر ومشاهدة اللوحات وأسماء صدام العظمى وتماثيله.. لأني متيقن انه إن بات عراقي يشغل القصر فلن تتاح لي مثل تلك ألفرصه.. وكانت طريقتهم أنهم يشركوك في اجتماعاتهم المتعلقة بمناقشة مختلف القضايا (طبعا عدا القتالية) وتشاركهم في المناقشة كي يختبرونك وفي نفس الوقت تتعرف على أنشطة الوزارة ـ طبعا الوزارات الأخرى سلمت لها السيادة وانسحب عنها الأمريكان في أواخر عهد بريمر في حزيران عام 2004 لكن وزارة الدفاع وأيضا الداخلية استمر فيها الأمريكان إلى جانب العراقيين ـ مر شهر أو يزيد وأنا لا ورور ولا سياره ولا راتب ولا حمايه وفي اتصالات شبه يوميه مع مكتب رئيس الوزراء لإقناع الدليمي بمباشرتي لكنه (معنصل) كتب له مدير مكتب رئيس الوزراء لم ينفع ... استمر الحال لشهرين وكدت أعود للمسموطة ثانية، وجهت له كتاب رسمي يتضمن تذكيره بأنه ليس وزيرا لوزارة مدنية إنما الدفاع وموظفي وزارة الدفاع عندما يتلقون أمرا من القائد العام للقوات المسلحة فانه لا يكفي تنفيذه وإنما الانتظام بحالة الاستعداد وإلا عد عصيان لأوامر عسكريه وتختص به المحاكم العسكرية فما رأي السيد الدليمي..؟ ..نسخه منه إلى رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة.. عندها حرّم الدليمي وسمعت تقولات إن دخل موسى فرج إلى وزارتنا فإننا سنرسله ملفوفا بعلم إلى السماوه ..قلت: إن قيض لي ودخلتها سأرسلهم هم إلى المحكمة المركزية .. في هذه الحالة ستنشب الأزمة مع كتلة التوافق هذه المرة ... اتصل بي الراضي طالبا حضوري ..هاه ..؟ قال أريدك أن تكون نائب رئيس هيئة النزاهة ..قلت له والسيد رحيم العكيلي ..؟ (كان نائبه في تلك الفترة) قال: استقال .. ماذا تقول ..؟ قال كان في إيفاد إلى عمان فعلمت انه التقى بمحامين عن حازم الشعلان المحالة ضده قضايا فساد وعندما حضر عرضت عليه كتاب اجتثاث البعث الصادر بحقه وقلت له تستقيل أم أرسل الكتاب إلى ألجلبي (ويصححني السيد الراضي إن كان كلامي غير دقيق ولو بنسبة 10./.).. فقدم استقالته وهو حاليا غير موجود ..نهضت دون كلام إلى مكتب السيد رحيم وجدته خال سألت الموظفين أكدوا ما قاله الراضي وانه باشر قاضيا في محمكة الكرادة ..قلت للراضي غدا نلتقي ..في الليل ذهبت إلى شقة العكيلي وسألته ..هل الذي سمعته صحيح ..؟ قال نعم ..قلت له ماذا لو باشرت أنا في محلك ..؟ قال إنها أمنيتي صدقا ..(صحيح يا العكيلي ..إذا غير دقيق ولو بنسبة 10 ./. صححني رجاءً..) في اليوم التالي حضرت إلى مكتب الراضي وقلت له: المزايا المترتبة على إشغالي منصب نائب رئيس هيئة النزاهة تنحصر في واحدة فقط: انه يتاح لي مواجهة الفساد في كل الوزارات وليس في وزارة واحده .. العيوب يا صديقي: أأني سأكون مرؤوسا .. وأنا لا أطيق العصمة إلا في يدي وصعب الانقياد وأسعى لمواجهة الفساد ..فما قولك ..؟ قال: ألسنا أصدقاء ..؟ وتأكيدا على ما أقول تفضل هذا أمر جاهز للطبع يقضي أن تكون المديرية العامة المحورية في الهيئة وهي التحقيقات ستكون مرتبطة بك ولن أشاركك فيها وبقية دوائر الهيئة أنت شريكي في إدارتها .. قلت له سجلوا لي مباشره .. أول قضيه وضعت على مكتبي كانت مأساوية ولن استطيع نسيانها ..

القضية هي شكوى من أم عراقية باسم أم رامي ..تقول في عريضتها أن أبنها الشاب رامي والبالغ عمره 19 سنه اعتقله الجيش من قرب مسكنهم في شارع حيفا وراجعت الدائرة المختصة في مطار المثنى قالوا في مركز شرطة سوق حماده.. استمرت مراجعتي يومين وعندما راجعت مركز الشرطة قالوا: راجعي الطب العدلي ..فسلموني جثته ميتا .. مع العريضة مرفق كتابين .. الأول: عبارة عن تقرير مراجعة طبية يقول: أن رامي أحيل إليه من المركز المذكور و يشكو من التهاب حاد في الحبال الصوتية وقد أعطي العلاج اللازم واخرج متحسنا ..التوقيع ملازم أول الطبيب فلان الفلاني .. الوثيقة الثانية شهادة وفاة رسميه صادرة من الطب العدلي تقول أن أسباب الوفاة: وجود 11 جرح و9 كسور في أنحاء متفرقة من جسمه ..كادت أحشائي تنطلق من فمي من شدة الغضب .. هل يقولون أنه لم يكن عندنا ..؟ تفضل هذه وثيقة العيادة الطبية تؤكد وجوده عندكم ..هل يقولون أن وفاته كانت طبيعيه ..؟ هذه شهادة الوفاة تقول إن في جسده 11 جرح و9 كسور .. وجهت كتاب رسمي في الحال إلى وزير الدفاع الدليمي ونسخ منه إلى رئيس الوزراء ورئيس مجلس القضاء والمحكمة المركزية ووزارة حقوق الإنسان .. مطالبا بإحالة كل من يشتبه بان له علاقة بالجريمة إلى المحكمة فورا ... القضية الثانية وقد مر على وصولها قرابة الشهر دون اتخاذ إجراء بشأنها هي: شكوى مقدمه من المواطن شانت بكرات يشير إلى انه أمين مخزن تابع للزيوت النباتية وقام أثناء الفرهود بصبغ لون باب المخزن باللون الأزرق وأخفى اللوحة الخشبية التي تشير إلى اسم المخزن وعائديته ووضع كرسي وجلس في الباب يوميا مدعيا انه مسكنه وليس مخزن كي يحميه من الفرهود وتحقق له ذلك..وبعد مرور أكثر من سنه تراصف معه احد الذين لم يمكنهم من فرهود المخزن ليقدم إلى النزاهة ضده إخبار يقول انه تقاضى رشوه مقدارها5000 دينار عراقي (تعادل اقل من 5 دولارات) فصدر أمر بالقبض عليه وأودع التوقيف من ما يزيد على 6 أشهر وهو يتساءل: هل هي المكافأة لي لحفظي موجودات المخزن وهي أموال عامه ..! جمعت المسؤولين بما فيهم مدير عام التحقيق وبعد عرضها عليهم قلت لهم هذه الشكوى أهم من 20 قضية إخبار بوجود فساد تصل للهيئة ..هل تراها كذلك يا مدير عام التحقيق ..؟ قال: لا.. ولكن ما هو المعيار الذي نظرت إليها من خلاله ..؟ قلت له: ما هو رد الفعل عندك لو اتهمك أحدهم بأنك فاسد..؟ قال جد عنيف ..لماذا ..؟ قال:

لأني أنا المكلف بمكافحة الفساد فكيف أكون أنا فاسد .. قلت له:

وفاقد الشيء لا يعطيه ..عندما تصلك ادعاءات بارتكاب أفعال فساد..فقد تكون بعض تلك الادعاءات غير صحيحه، وحتى إن كانت صحيحة فالأمر يعتمد على ملاحقتك لهم وتفاعل أجهزة الدولة الأخرى معك لتحقيق هذه الغاية..ثم أن من يتهم بارتكابها إنما هم أشخاص فاسدون ..ولكن أن تكون أنت فاسد فأمر لا يمكن قبوله ثم أن الرجل في قبضتك أنت والأهم من ذلك أنت تعلم بأنه أخبرك قائلا أني بريء ولو حصل إن مات هذا الرجل في التوقيف أو لحقه ضرر بعد وصول تظلمه إليك فانك مسؤول أخلاقيا وبشكل مباشر عن وفات أو الضرر.. فلماذا لا تبادر على الفور إلى الرجل وتسمع منه عسى أن يكون بريئا ..؟ أرجو أن تعلم بأني اعتبارا من علمي بتظلم الرجل فان كل دقيقه يقضيها الرجل دون أن نسمع ما يقوله هي بذمتي وذمتك وان أي ضرر يلحقه سنكون مسؤولين عنه نحن مناصفة .. ذهب معاون مدير عام وتأكد من الرجل وأخلي سبيله ..تلك الشكوى من شانت بكرات كانت أساس لمنهجي اللاحق والذي حاولت تطبيقه في هيئة النزاهة ..(نكافح الفساد بضراوه ..دون أن نتسبب بإلحاق الضرر بعراقي بريء).. سنواصل السفر هان رغبتم في حلقة قادمة ...

 

س250: صالح الطائي: ما رأيك بهيئة النزاهة، ولجنة النزاهة البرلمانية ومدى جديتهما؟

ج25: موسى فرج: هيئة النزاهة حاليا تعاني من أمرين ..الأول خضوعها للحكومة والأحزاب وعدم استقلالها، وفي منهجها في مكافحة الفساد خلل بين وتستطيع الخروج من هذا في حالة:

 1 . ضمان استقلالها واستعداد من يتم وضعه على رئاستها أن يقول لمن يحاول محق هذا الاستقلال: اشتغل بالعمّاله وما اشتغل رئيس قضائك كما قال أبو حنيفه للمنصور .. .

 2. التخلي عن مفهومها لاختصاصها بأنها جهة قضائية أو مجرد تابع للقضاء وتستبدله بدورها الحقيقي كجهة رقابية والفرق واضح وخطير ..

  أما لجنة النزاهة البرلمانية وهي حاليا في أفضل حالاتها:

 1 . إن تخلت بشكل كامل ومن قبل أعضاءها كافه عن حالة المواجهة السياسية تحت غطاء مواجهة الفساد بمعنى أن أعضاء اللجنة يضعون على عيونهم في ممارسة هذه المهمة العصابة التي نراها على عيون الملاك والتي تتخذ رمزا للعدالة يعلق على بوابات المحاكم في معظم دول العالم فإنها تحقق انجازا مهما للغاية في هذا الجانب .. .

 2 . الخروج على المنهج والآلية المعتمدة من قبلها حاليا ..والتي تقوم على أن العضو فيها عندما يتناهى إلى علمه فعل فساد فانه يتولى المهمة بشخصه في حين أن ذلك غير مجدي وخطير وتترتب عليه ذات النتائج التي سمع عنها معظمنا في المواجهة بين النائب شروان الوائلي وأمين بغداد صابر العيساوي ..والصحيح أن تقوم اللجنة بإرسال نسخ مصورة من القضية إلى ديوان الرقابة المالية لغرض التدقيق ..وأخرى إلى هيئة النزاهة لغرض التحري والتحقيق وبعد التأكد من توفر كافة معطيات فعل الفساد تستجوب المتهم بارتكاب الفساد ..إما الصيغة الحالية فان عضو مجلس النواب غير مختص ومهما أوتي من الفطنة والخبرة فان الشيء الكثير يفوته ..ثم أن عرض قضايا الفساد على الجهات المختصة يجنب حالة اتهام المتهم للنائب بالتحامل أو الغرض السيئ ..

 

 

س26: صالح الطائي: هل تعتقد بوجود مجاملات أو مصالح مشتركة تحول دون إقرار مبدأ النزاهة في العراق، وكيف يمكن معالجة ذلك؟

ج27: موسى فرج: ليست مجاملة أخي العزيز إنما تقاسم عوائد الفساد وتقاسم مصالح يقوم على منهج سيئ صيت يقول: أنت اسكت وأنا أسكت ومتى ما وجدت أن الأمر يستدعي قطع الجسور..أقول له: هذا فسادك ..!..أما كيفية معالجة ذلك فيكون من خلال الشعب العراقي إن احتضن النزيهين وأشاح عن الفاسدين ...

 

س28: صالح الطائي: رد القاضي الأستاذ العكيلي على بحثي الذي ألقيته في المؤتمر القطري الذي عقد تحت عنوان (دور الإعلام في محاربة الفساد الإداري) بأنه تقرير سوداوي الرؤية، وان منظمة الشفافية الدولية غير نزيهة ولا دقيقة، وان المعلن عن الفساد من قبل المنظمة والإعلام الدولي والمحلي لا يتطابق مع حجم الفساد الحقيقي، وان هناك من يضخم درجة الفساد لأغراض الطعن بالتغيير، فما رأيكم بمنظمة الشفافية وتقاريرها، وما رأيكم بحجم الفساد في العراق؟

ج28: موسى فرج: إذا كان ما قلته حقا فانه يتضمن الأتي:

 1 . تسمية المؤتمر بالقطري: هذه تسمية بعثية صرف ..والصحيح المؤتمر الوطني أو العراقي، ومنذ مطلع عام 2004 ونحن نقول بالتخلي عن هذه التسمية لأننا نعرفها ونعرف أصلها والبعثيين استمروا يرددونها حتى تاريخ سقوط حكمهم.. واستمروا يرددونها بعد ذلك تمسكا منهم بقيم البعث والسعي لعودته إلى الحكم ..

 طبعا ..لا أقصد السيد رحيم العكيلي بالذات .. ولكن إن كانت اللافتة المرفوعة في القاعة مكتوب عليها: المؤتمر القطري وليس الوطني أو العراقي فاني أقول عمن اختار العبارة أنت بعثي أيا كنت وأيا كان أسمك .. وان كان لديك ما تقوله ..فهذا: (أشليلي للحك).. .

 2 . الإعلام في العراق متخندق في خندقين: إعلام بعثي فضائحي تسقيطي لا تهمه لا مصلحة الشعب ولا مصلحة المواطن ولا قضية الوطن بالقدر الذي يهمه السعي لإسقاط نظام الحكم القائم حاليا في العراق والتسقيط الفردي تمهيدا لعودة البعثيين لحكم العراق ..أما الخندق الثاني فهو الإعلام المسيس والأجير الذي يبحلق في عيون المسؤولين عنه حزبيون أو حكوميون أو ممولون وهذه التسميات تندرج جميعا تحت مفهوم رب النعمة فهو يعمل لحسابهم وتلبية لرغباتهم وأهواءهم والمعيار عنده مقدار الرضا الذي يستجلبه له قوله في حضرتهم ليتقرب زلفى ..ولكن خارج الخندقين هناك الإعلام واللسان النظيف والشريف الذي ينطلق من الدفاع عن قضايا الشعب والمواطن والوطن وهو يعاني من الغربة في أي من الخندقين لأنه لا ينتمي إلى أي منهما ..وهو ليس تسقيطي لكنه الذي يقول أمرّ الحق في حضرتك كما وصفه الإمام علي عليه السلام .. هو لسان أبي ذر ولسان ابن حاتم الطائي ولسان الفرزدق ولسانك ولساني ومثلنا الآلاف ... .

 3 . أما عن البون بين ما تقوله تقارير منظمة الشفافية الدولية عن الفساد في العراق وبين ما يقوله السيد العكيلي في الكلام المنسوب إليه فهو لأن السيد العكيلي وهذا ليس تجنيا .. قد اعتمد ما أراده منه المسؤولون في الحكومة وخصوصا الحلقة المحيطة برئيس الحكومة من أن الفساد هو مجرد الرشاوي التي يغتصبها الموظف الحكومي في حافات الجهاز الحكومي وهو منهج حكومي لا ينحصر وجوده في العراق فقط فهذا شان الحكومات التي وان قالت بوجود الفساد فإنها تحصره في تلك الرشاوى لتقول إن من يرتكب الفساد هم صغار الموظفون وهم منكم يا شعب ..! ويكون ما تقوم به هي خارج زاوية الرؤية.. المأجور دائما يكون ملكي أكثر من الملك ..لكن الملك عنده هو ولي النعمة ..في حين أن الوحيد الثابت من أرباب النعمة هو الله ..أما من هم غيره فأنهم متغيرون ..وقد يحصل أن يتغير رب النعمة أو يحجبها فينقلب كلام الأجير رأسا على عقب ..(لاحظ أخي العزيز ..أنا لا أصف السيد رحيم العكيلي ..لكني أصف حاله وظاهره ..ولو كنت قد سمعت هذا الكلام بأذني منه أو من خلال فضائية أو قرأته من مصدر يمكن توثيقه فأني سأصف قائله باسمه دون تردد واسميه باسمه الرباعي واللقب ..وان كان أبي ..).. .

 4 . قبل عدة أسابيع كان لي لقاء مع قناة الفيحاء الفضائية من ضمن ذوات بينهم نائب رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب والناطق باسم هيئة النزاهة والخبير القانوني طارق حرب ..وقلت: دعونا من تقارير منظمة الشفافية الدولية التي يسفه تقاريرها ويتعامل معها بعدائية الحكوميون والملكيون أكثر من الملك ..أنا عندي ما هو أكثر مصداقيه ..وتفضلوا: أولا: قولوا للحكوميون ..لماذا تقاطعكم المرجعية منذ أكثر من سنه وترفض استقبالكم ..؟ أليس بسبب الفساد ..؟.. ثانيا: اسألوا الأوساط الشعبية والفقراء والأميون بشكل خاص .. لا تسالوا الحزبي ربما ينطلق من الباعث الحزبي ولا تسالوا المثقف المؤدلج ربما ينطلق من أيدلوجيته في النظر للأمور ..ولا تسالوا المثقف الذي يتهم بالنرجسية وانه لا يعجبه العجب ..اسألوا الأوساط الشعبية البسيطة ..عن حجم الفساد .. ثالثا: قلت لهم: أني أرى شهادة الحكوميون على شاشتكم الآن فالسيد إبراهيم الجعفري يقول في السبتايتل: إن العراق من الدول الغنية واستشراء الفقر فيه بهذا الشكل يشكل انحرافا يجب أن يعالج ..والسيد المالكي يقول أن خطر الفساد بات يفوق خطر الإرهاب في العراق .. .

 رابعا: أنا أيضا أشهد على حجم الفساد فقد قلت على رؤوس الأشهاد: هذه موازناتكم السنوية تفوق موازنات 4 دول مجاوره هي الأردن وسوريا ولبنان ومصر وعدد نفوس العراق لا يتجاوز ثلث عدد نفوس واحدة فقط من تلك الدول هي مصر لكن ..معدل الفقر في العراق يفوق حاصل جمع معدلاته في تلك الدول مجتمعة ..ما قولكم ..؟..

 بالمناسبة: موازنة 2012 في العراق .. لا تتفوق عليها غير موازنة السعودية وأنا احد العراقيون أقول: أعطوني نتائج تناظر مثل نصف الذي يتحقق في السعودية .. هذا الكلام أرجوك قله للسيد رحيم العكيلي إن كان الذي قرأته في سؤالك عما قاله صحيحا ..وبخلاف ذلك أنا آسف للسيد رحيم ..

 5 . وعن القول (بان هناك من يضخم درجة الفساد لأغراض الطعن بالتغيير..) المنسوب للسيد العكيلي ..فقد قلت ردا على تصور مشابه عند البعض لأني لم أسمع الكلام الذي أوردته حضرتك: معنى الاستقلالية في عمل النزاهة أن تواجه الفساد دون أن تظلم أحدا .. ودون أن تخالف القانون وهو استقلال تقرره إرادة من يدير هيئة النزاهة فانا أعمل خاضعا للقانون ومنطلقا من حقيقة الدفاع عن الشعب ..ومن يعجبه أن يقول لي: أنت ضد الحزب والثوره ..! أقول له:أنا حزبي الشعب العراقي والمواطن العراقي والوطن العراقي وثورتي ضد الفساد .. فان كان يوجد حزب أخر في ذهنك أو ثورة أخرى في ذهنك أو تغيير وفقا لمفهومك ..فان ردي لك هو: (بيش حكه حزبك ..؟ وبيش حكه ثورتك ..؟..) وعندما أقول ذلك فاني أقوله دون أن ترتجف شعرة في مفرقي ..ولسبب بسيط هو: أني لا انتمي لأي من الخندقين لا للخندق البعثي التسقيطي ولا للخندق المسيس الحكومي والمأجور .. أنا الذي تنطبق عليه مقولة علي عليه السلام: (أمرّهم في قول الحق في حضرتك ..)..

 

س29: صالح الطائي: ما الأسس التي يمكننا اعتمادها للتخلص من حالة تفشي الفساد الذي تغلغل إلى أدنى مستويات المسؤولية الوظيفية لدرجة أن أصغر موظف بات يأخذ الرشوة علنا؟

ج29: موسى فرج: هي: مستوى من الوعي الشعبي مستعد للدفاع عن حقوقه ..قادر على فرض إرادته باختيار ساسه نظيفون وطنيون يتخذون من الشعب معبودا بعد الله ولا يعبدون المصالح الحزبية والشخصية والفئوية ..و ساسه نظيفون نزيهون ينجبون برلمان نزيه يضع مثلث الشعب الوطن الإنسان أمامه ويركل كل تميمة لا تنفع وهذا البرلمان ينجب حكومة مهنية أعضاءها نزيهون مقتدرون، حكومة تمارس العمل بشفافية عالية وتخضع لمسائلة الشعب، وأجهزة مكافحة فساد مستقلة يديرها أشخاص متمكنون، مرّون في قول الحق في حضرت أي كان ... هذه هي الأسس..

 

س30: صالح الطائي: ألا تتفق معي أن الفساد كان فاشيا في عهد النظام السابق في مؤسسات التصنيع العسكري والمؤسسات العسكرية ولكن بشكل بدائي غير منظم وان الأمريكان تعمدوا إخراجه من طوره البدائي إلى طوره المؤسساتي الذي هو عليه اليوم لأغراض خاصة؟

ج30: موسى فرج: نعم أخي الكريم ولكن عليك أن تأخذ بنظر الاعتبار أن النظام الحاكم في ذلك الوقت يرى في أن مجرد استمرارك على قيد الحياة مكسبا احرص على المحافظة عليه بإعلان الربوبية للحاكم وإلا فانه وبشخطة قلم يسترد تلك الهبة منك ..ونظام صدام لا يعتبر المقدرات والموارد ملكا للشعب إنما ملكا صرفا له فهو يمنح من أراضي الوطن ما شاء والموازنات الحكومية ألغيت في السنوات الأخيرة من حكمه واستبدلها بمكرمات القائد والمقابر الجماعية مفتوحه والآلات المخصصة لقطع الألسن وبتر الأطراف وحز الرؤوس على الأرصفة جاهزه ..الأمر الذي جعلك حتى أنت لا ترى في الفساد في عهد صدام غير الفساد في مؤسسات التصنيع العسكري والمؤسسات العسكرية وكأن استباحة الوطن وأرواح وكرامة الشعب وأمواله واستيفاء ثمن الاطلاقات التي يقتل بها العراقي من أمه وأبيه والتمثيل بأجساد الناس وسحق كرامتهم والانتخابات التي تأتي بنسبة 101 ./. والدرجات الإضافية التي توصل معدلات ابن لطيف نصيف جاسم وأبناء البعثيين إلى معدل 127 ./. ليعجز ابني الذي يحصل على معدل 96 ./. عن منافستهم ..كل هذا تعجز عن رؤيته فسادا .. الأمريكان شأنهم شان الدول الديمقراطية الأخرى بدئوا يكشفون الفساد في دولهم وعند حكامهم ثم أشاعوا موضوع مكافحة الفساد في دول العالم ليستخدمونه سلاحا يفوق السلاح النووي بغية إسقاط أنظمة الحكم في الدول الأخرى .. فاستخدمته على طريقة كلام حق يراد به باطل وأمامك الربيع العربي الذي اسقط الدكتاتوريات تحت راية مواجهة الفساد ..لكن الربيع العربي المسكين شأنه شان قرندل عندنا في العراق ومثله مثل (أبو كلاش) الذي يعمل لكن 0 أبو جزمة) .. يقبض ..

 

س31: صالح الطائي: سمعت شخصيا من أكثر من نائب ومسؤول، وسمعت من خلال وسائل الإعلام كذلك، أن كلا منهم يملك ملفا عن واحد أو أكثر من السياسيين الآخرين يحتوي على وثائق وأدلة تدينه بالفساد، ما رأيك بهذه الظاهرة، وهل تعتقد بصحة ما موجود في هذه الملفات، وما مدى تأثير عدم تقديمها للبت فيها، أو نشرها لتطلع عليها الجهات ذات العلاقة على ما يجري الآن في العراق؟

ج31: موسى فرج: هل قرأت: ولا تزر وازرة وزر أخرى ..؟ أخي وصديقي الأستاذ صالح الذي يتناهى إلى علمه أن احدهم ارتكب جريمة فساد تجاه أرواح الناس ولو واحد أو عن جريمة الاعتداء على أموال الشعب أو كرامة الإنسان ويخفيه وهو قادر على منع حدوثه أو القصاص من مرتكبه أو يعلم ويثق بان جهات تؤدي هذا الغرض ..وسكت أو أحجم عن اتخاذ الإجراء الذي تقرره عليه الشرائع السماوية والأخلاقية فانه فاسد واخطر من الذي مارس ذلك الفعل أصلا ..لأن الذي مارسه قد لا يمارس غيره في حين أن من سكت عليه ساعده على أن يكون شرعة تتبع .. ومن قام بذلك بغية المساومة لتحقيق أغراضه الشخصية أو الحزبية أو الفئوية فهو فاسد وخطره أعظم من خطر مرتكب الفعل أصلا لأن هذا الأخير يجعل من الفساد عملة تتمتع بسعر صرف عالي في السوق لأغراض التبادل السلعي والمصلحي ...نشر تلك الملفات أو عدم نشرها لا يغير في الأمر شيئا مادام الفعل المضاد لها قاصرا عن أن يجعل مرتكبوها يفيئون إلى جادة الحق ...

 

 

يمكن توجيه الاسئلة عبر الاميل الاتي

 

[email protected]

 

 

 

للاطلاع

 

حوار مفتوح مع الاستاذ موسى فرج

 

 

 

 

 

خاص بالمثقف

 

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

 

............................

 

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2065الثلاثاء 20 / 03 / 2012)

 

في المثقف اليوم