صحيفة المثقف

الهادي فنينة يحاور المكان جماليا لكشف عراقته ودوره الثقافي والتاريخي

يقدم الفنان التشكيلي ابن الحمامات الهادي فنينة معرضه الخاص ضمن عنوان له دلالات ثقافية وسياسية واجتماعية تمس الحالة التونسية الآن وهنا وذلك ضمن عنوان لافت وهو "فن وثقافة لأجل السلم" ..عدد مهم من اللوحات مختلفة الأحجام ولكن يجمع بينها عنصر الطبيعة وجمالها من الزياتين والبرتقال والبحر ومختلف مميزات البيئة التونسية بالوطن القبلي وذلك بمقر جمعية صيانة المدينة بسيدي عيسى .. وفي هذا السياق كان الفنان فنينة حريصا على ابراز قيمة هذا المكان التاريخية والثقافية والاجتماعية والسياسية حيث حدثنا عنه قائلا " ...في سيدي بن عيسى كان الملتقى من زمان حيث الحجاج الذين يقبلون من عدة مدن مثل زغوان والفحص وقرمبالية وغيرها على الجمال والدواب وذلك قبيل الذهاب الى الحج وبالقرب من هنا يوجد فندق للحيوانات ..كان الحجاج يلتقون ويتواصلون قبل السفر للحج خوفا واحتياطا من القطاع في الطرق وتقام لهم العروض ومنها العيساوية وكانت التخميرة وفيها من يرقص ويأكل " الهندي " ويلتهم لهب النار وما الى ذلك من مفاجآت الفرجة ويتابع ذلك الرجال ويكون مكان النسوت في السطح حيث يطلون على العروض ويتصدر الحجاج بلباسهم وهو عادة الجبة وأمام الزاوية كانت هناك بطحاء للحصان البربري الذي يتابع العرض من خلال رقصته وهو يتقدم ويتأخر في ايقاع سريع وهذا ما يميزه عن الحصان العربي ..اذن يلتقي الحجاج هنا قبل ثلاثة أيام وكنا نودعهم الى براكة الساحل ليتوكلوا على ربهم الى حمام سوسة حيث تكون هناك زاوية أخرى وهكذا يكبر العدد ليمضوا في آخر المطاف في شكل قافلة وبالتالي يكونون في مأمن من مخاطر الطريق وقطاع الطرق واللصوص وغيرهم وهكذا يذهبون للحج..... وفي سنة 1991 بادرت أنا والفنان التشكيلي الراحل عبد الرزاق الساحلي لنجعل منها مجالا للفنون والثقافة والأدب وقد قمنا بمعارض وبعد 4 سنوات صار هناك صراع ومنافسة بين الجمعية والفنانين حيث كان على رأسها قديش وفي الأخير أخرجونا منها .. والآن ها اننا عدنا رويدا رويدا من خلال النشاط والمعارض ومن أجل " الثقافة والفن والسلم " لنجعل من زاوية سيدي عيسى مكانا للحوار والتواصل ونبذ العنف والكراهية وهذا مهم وفيه فائدة للجميع من خلال رمزية المكان التاريخية ..و المعرض الذي أقيمه اخترت لوحاته بعناية من خلال الألوان ..هي ألوان مريحة واللوحات فيها طاقات تحيل على الأريحية والزائر لهذا المعرض يشعر بالراحة من خلال النظر والتأمل في الأعمال الفنية وذلك لأجل تقريب الناس من الطبيعة . معرضي هذا " فن وثقافة لأجل السلم " أردته مفتوحا للجميع الفقير والغني المتعلم وغير المتعلم .. هو لعموم الناس والمهم هو هذه الروح الموجودة..".. اذن معرض مميز ومكان به ذاكرة مفتوحة على الناس وعلى الأزمنة والخطاب يمضي بالنهاية الى المتقبل حيث زائر المعرض الذي يسافر في أعماق اللوحات الجميلة وذاكرة المكان الشاسعة والفن هنا فعل تواصل وحضارة وسمو نحو الأجمل والأفضل نبذا للسلبي الكامن فينا وابرازا للقيم التي يحتاجها الناس ومنها المحبة ونبذ العنف والكراهية .. المجد للفن العالي...

927-awni

 

شمس الدين العوني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم