صحيفة المثقف

وللنساء من إجازات الاجتهاد حصّة

لا يزال الفقه الإسلامي أسيراً بيد الفهم الذكوري في منهجه ومفرداته وخطابه، أسير لغة الإماء وملك اليمين الذكوريّة، وما لم نتخلّص من هذه الأسارات والأنويّات الرجوليّة في فهم الفقه وتعليمه لا يمكن أن نقدّم فقهاً مقاصديّاً صالحاً؛ فدراسة الفقه وتعليمه والاجتهاد فيه ليست حكراً على الرجال، و (ربّما) يكون هذا هو السبب الذي دعا بعض مراجع القرن العشرين إلى منح بعض النساء إجازات اجتهاد تشتمل على مضامين تشجيعيّة عالية... الوثيقة أدناه تكشف عن ثلاث إجازات اجتهاد متجزّئ منحها ثلاثة من المراجع في عصرهم، إلى السيّدة نصرت، بنت الحاج محمد علي، أمين التجّار الأصفهاني، المولودة في سنة: (1308ق)، والمتوفاة في سنة: (1402ق)، والإجازة منحت في عام: (1354ق) في النجف الأشرف من قبل:

1ـ الشيخ محمد كاظم الشيرازي المتوفّى سنة: (1367ق)، وفيها عبارات: «السيّدة الجليلة الحسيبة، العالمة الفاضلة، غرّة ناصية نساء عصرها، واعجوبة دهرها... لقد استجازت منّي وأرتنا بعض مصنّفاتها، و[ورأيت بعض] المسائل الامتحانيّة... الفقهيّة والأصوليّة، والشروح على بعض الأخبار، وبعد ما ثبت بشهادة بعض الأعلام الثقات إنّها منها، كشف عن مراتب فضلها وطول يدها في المعقول والمنقول... وبلوغها مرتبة من مراتب الاجتهاد...».

2ـ الميرزا إبراهيم الاصطهباناتي المتوفّى سنة: (1379ق)، وجاء فيها: «فإنّ السيّدة الجليلة النبيلة، الحسيبة النسيبة، العالمة العاملة، الجامعة للمعقول والمنقول، فريدة الدهر، وحجّة نساء العصر... ممّن صرفت مدّة وافية من عمرها الشريف، وبرهة كافية من دهرها المنيف، في تحصيل العلوم الشرعيّة، والمعارف الدينيّة، وتكميل مكارم الأخلاق السنيّة، وتنقيح القواعد الأصوليّة والفقهيّة، حتى فازت بالمراتب العالية من العلم والفضل، وصارت ممّن يشار إليها بالبنان، وبعد أن استجازت الأحقر فاختبرتها في مسائل أصوليّة وفقهيّة، فأرسلت إليّ أجوبتها...وثبت عند بعض الثقات الأجلّاء إنّها عنها... كاشفة طول باعها ووفور اطّلاعها، [ووجدانها] لقوّة الاستنباط، وبلوغها إلى درجة من الاجتهاد، فلها العمل بما استنبطته من الأحكام على النهج المألوف بين الأعلام، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من الرجال والنساء...فلو كُنّ النساء كمثل هذه؛ لفضّلت النساء على الرجال، فلا التأنيث لاسم الشمسِ عيبٌ، ولا التذكير فخرٌ للهلال [كما قال المتنبّيٍ]...».

3ـ الشيخ عبد الكريم الحائري، مؤسّس حوزة قم، المتوفّى سنة: (1355ق)، وقد أيّد ما جاء في إجازة الاجتهاد الصادر من السيّد محمد كاظم الشيرازي.

أقول: لقد تصفحّت كتاب جامع الشتات لهذه السيّدة الكريمة، وهو عبارة عن أسئلة متنوّعة وجّهت لها لاختبار قدرتها على الاستنباط كما أشار الاصطهباناتي، وجدت فيه معلومات قيّمة، وجرأة فقهيّة عالية قد لا تجدها عند كثير من الرجال؛ وهي جرأة طبيعيّة جدّاً؛ لأنها لم تفكّر بالمرجعيّة حين تحرير أجوبتها، لكنّي لم أجد ـ وربّما لقصوري ـ ما يتطابق مع تلك العبارات الكبيرة التي حملتها إجازات الاجتهاد لها، وقد تكون هذه المرأة الطاهرة في أعلى درجات الاجتهاد في الحقيقة والواقع، وربّما تكون من الأولياء الصالحين الذين يُنكت في قلوبهم، وربّما تكون من الأبدال، فليس حديثنا في هذه النقطة كما لا يخفى، ولكنّي أردت الإشارة إلى التساهل الكبير الذي كان يمارسه مراجع القرن العشرين في النجف الأشرف وغيرها في منح إجازات الاجتهاد، والتي كانت شرعة لكلّ وارد كما بيّنا وسنبيّن لاحقاً.

 

ميثاق العسر

.....................

للرجوع إلى وثائق هذا المقال أسلك الرابط التالي:

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=879165468872445&id=100003369991996

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم