صحيفة المثقف

الرسامة هندة العبيدي والقول بتجريدية الحال والعناصر والتفاصيل

اعتبرت فن الرسم أرضها الأولى وراحت تحضن الألوان وتنظر مليا تجاه القماشة…

للابداع الفني مجالات شاسعة للقول بالذهاب عميقا ضمن مسيرة ما في الحياة التي تتعدد تلويناتها وتختلف عطورها وتتعدد عباراتها وفق هذا الحيز المفتوح من الكينونة حيث الذات في حلها وترحالها ولا مجال لغير النظر والتأويل والاصداح بالأبجدية في روافدها المتعددة..

و ضمن هذه الفكرة الابداعية يظل الرسم عنوانا لافتا ضمن تجوال العين والقلب والدواخل في هذه الدروب حيث النظر بعين القلب لا بعين الوجه لتبرز الكلمات وهي تحاور العناصر وتحاولها بحثا عن ممكنات اللون والشكل والاطار في ضرب من المغامرة والذهاب بعيدا وعاليا في التراب الذي فوقه سماء..

الألوان كالأصوات فهي تعلو وتخفت بحسب الحالة وهنا نلمس حالات الفنان من خلال القراءات البصرية والفنية ليظل التأويل مجالا للقول بثراء الأثر الفني وممكناته الجمالية والوجدانية والانسانية.

هكذا نلج تجربة الرسامة هندة العبيدي التي نهلت منذ الطفولة الأولى من عوالم التلوين في علاقتها البريئة بعلبة التلوين لتكبر الطفلة بعد ذلك وتصبح أسيرة عوالم الرسم الجميلة طوعا وكرها فهي التي اعتبرت فن الرسم أرضها الأولى وراحت تحضن الألوان وتنظر مليا تجاه القماشة بحثا عن ذاتها التي وجدتها حالمة بالكلمات وبالغناء العالي فغدت عوالمها ملونة بالتذكر وبالنسيان..

114-hendalaabidi

أنت أيتها الذاهبة الى

النسيان...

العائدة من النسيان ...

مزقني الحب والخجل ..

وصرت كشهقة الأزرق في سراب اللغات..

التذكر..و النسيان حالتان لألوان شتى..كون من تجريدية الحال والأحوال..هكذا تخيرت الرسامة الطفلة هندة العبيدي ألوانها الملائمة وفي قلبها شيء من الكلمات..و الذكرى حيث كبرت مع علبة التلوين وكانت القماشة واللوحة مجالا شاسعا لرؤية العالم والآخرين وفق لون من التجريد ..

التجريد يحيل على شاعرية أخاذة وهو مسافات للبوح والقول والكشف عن عذوبة أخرى في هذا السياق من جمالية العناصر والتفاصيل والأشياء.

الأكريليك فكرتها التشكيلية والتجريد مفرداتها التي أطلقتها لتقول بالحوار الجمالي مع الذات ومع الآخرين فالفن هوهذه الكابة المخصوصة باللون وبالأشكال الأخرى على غرار الخزف والنسيج والنحت وما الى ذلك من الفنيات المعاصرة..

ماذا يقول الشاعر في

هذه الأكوان التجريدية..

له البهاء ...

و عليه بالصمت الباذخ ..

حيث لا أغنية ولا لون

سوى فكرة يسافر فيها مثل فراشات

مزركشة من ذهب الأزمنة..

نعم... الرسامة هندة العبيدي تذهب في هذا السفر الملون تحضن طفولتها وتكتفي باللوحة المعلقة في الجدار حيث القماشة الطافحة بالشجن والممتلئة أحيانا بالبهجة العارمة..و بين الحالتين تغنم الطفلة الكامنة فيها شيئا من حرقة اللون وعذاب الأسئلة وبهاء العبارة...و الفن بالنهاية هو هذا الشجن المضيء في أرجاء الأكوان..أكوان الفنان الحالم ...الفنان الطفل..

 

شمس الدين العوني

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم