صحيفة المثقف

طارق المالكي: ناطحات الموت في زمن العهر الاسلاموي

صرخة وطن ام صرخة فنان- د صبيح كلش يخاطب الضمير الانساني بفرشاتة: انه يوم دامي جديد

 المدخل

اتفرد الفنان المتالق د صبيح كلش على الصرخات المدوية لشلالات الدم في العراق حتى جفت فرشاتة المعطرة بدماء الشهداء ليرسم لتا عالم دموي يتجاوز فية عالم الفنتازيا والخيال والتخيل وكل الاساطير المسموعة والمكتوبة عن مفهوم حكاية الموت والدمار والابادة الجماعية بفعل الرجس لذي حل في بلاد الرافدين بلد الحضارة والرقي والتطور وبلد ادم والانبياء والصالحين - لا يختلف عن رجس اسطورة اوديب ومدينة طيبة الا في طبيعة الاسطورة وبنائها التراجيدي -لهذا كانت ملاحمة الفنية مستلة من الواقع اليومي وخكايات الموت والتي خطها بهياكل بشرية مطرزة بالوان الدم العراقي حتى اختقت فية حرارة الدم وصبغتة عبر الشلالات المتدفقة ومسارها اللامتناهي حتى تكاد ان تعانق صبغة السماء و تفتح فية بابا من ابواب الفردوس الابدي بعد ان اغلقت امامها كل ابواب الارض انطلاقا من ان موضوعة الفن هي الحياة بكل اشكالها المختلفة التي تسيطر على الفنان باعتبارة حاملا وناقلا للعلاقات الجمالية عبر مفهوم التاؤم بين الفن والجمال ولهذا ياتي مانسمية بالقبح او البشاعة او الموت وووووالخ اي بكل ما تحملة االمعاني والدلالات لهذه الكلمات عبر تصوير جمالي قد يصل الى مفهوم الجليل وليس الجمال لان الجمال ياتي من الشعور بالحب اما الجليل فانة ياتي من الشعور بالخوف عبر توافق العقل مع المخيلة- انة يوم دامي جديد- هكذا هو العنوان الذي اختارة الفنان د كلش ليصف لنا فيها يوما من تلك االملحمة الدموية او الملاحم التي مرت وتمر في بلد السواد حتى بكت فيها الاموات قبل الاحياء والايتام قبل الارامل والمشاعر قبل الدموع بعدما اختلطت وامتزجت فيها الهايكل بالحوم البشرية واحترقت فيها الجماجم وامتزجت بها الارواح بالاجناس ولم يبقى منها سوى رائحة ودخان الموت االذي اخذ يسري في الاجساد الحية التي تنتظر لحظة الفناء عبر حزام ناسف او مفخخة او نحر او اي وسيلة من وسائل ملحمة الموت الجماعي وحكايات الموت القادم اذ انها حكايات تتجاوز فيها لذة الجمال بلذة الجليل والشعور بالحب كالشعور بالخوف اذ

اذ انها صرخة ولوعة وبكاء فنان يعبر فيها عن صرخة وطن ياءن فية الاحياء والاموات على حد سواء ولا يسمع لهذا الانيين والصراخ منذ اكثرمن عقد من الزمن وكاءن العالم الانساني عالم من الصم والبكم ماتت في الضمائر والانسانية واصبحت فيها المصالح تجارة بالاعضاء ومزايدات في الاسعارعن فصيلة الدم النقي عن غيرة عبر اساليب القتل والنحر وفنون والدمار وتحت شعار اسلاموي ل غرض ابادة الجنس السومري والاكدي واحفاد حضارة قبل اكثر من6000 ق م والا لم تم تدمير هذا الارث التاريخي وكبف تم سرقة ما تبقى منة ومن هي تلك الجهات وما هي شعاراتها المعروفة للقاصي والداني اذ انها دراكولا العصر الجديد او دراكولا العصر وبثوب اسلاموي

 135-sabihkhalash

 الفنان د صبيح كلش وادواتة التعبيرية

بعيدا عن الاهداف الاساسية لكافة الاتجاهات والمدارس الفنية المختلفة الا ان الفنان يبقى جزء من الواقع يؤثر ويتاثر به والا كيف يمكن ان يكون رسولا للجمال والوعي والادراك هو بعيدا عن ابناء جنسة لان الفن حسب راي سارتر - هو الكشف عن الحرية - حيث تلعب فية الارادة الواعية دورا مهما ولهذا يكون الموضوع الجمالي غير تلقائي في الابداع ولا واقعي بالمعنى الحرفي للواقع ولهذا تكون الموضوعة الفنية وجماليتها تنطلق من مبدا الارضاء دون سابق فكرة او صورة ذهنية كما يراها الفيلسوف كانط اي بمعنى ان الفنان قد اعارنا عينية للنظر للعالم وما يدور حولنا حسب راي الفيلسوف شوبنهور ما كيف يوظف هذه الاتجاهات في خدمة الجمال والوعي والادراك فهذا ما عودنا علية الفنان د كلش عبر لوحاتة الفنية المختلفة التي مزج فيها بين الجميل والجليل حتى اصبحت تلك اللوحات اجناس مقدسة نتاملها كما نتامل اي جنس مقدس في التفسير والتحليل والاجتهاد وقد يختلف معنا الراي الاخر في التعبير والاجتهاد عن مفهوم الجمال والجليل والابداع الا انه لا يختلف معنا في مفهوم التقديس لتلك الملاحم الفنية التي جسدها د كلش عبر الفرشاة والالوان حتى اصبحت مدارس واتجاهات في مفهوم جديد ومتطورلايختلف عن الاجتهاد والتحليل في اي جنس مقدس بعيدا عن الخطوط الحمراء الكلاسيكية التي حجمت دور الفنان وادواتة التعبيرية بفعل هذا الاتجاة او تلك المدرسة وخطوطها الحمراء- اذ المتامل والمتذوق وغير المتذوق للفن التشكيلي عندما يقف امام لوحة-يوم دامي جديد -د صبيح كلش ينتابة الخوف والهلع والالم والسؤال والتساءل وكانة امام ملحمة لابادة جماعية او حكاية من حكايات الموت عبر تفجير هائل لا يختلف عن قمبرة هيروشيما الا انها بثوب جديد حيث تختلط فيها الاسماء بالمسميات والاعمار بالاجناس ولم نرى من هذا الجنس البشري سوى حكاية رومانسية سوداء نعيشها ونتعايش معها ونتحدث عن جماليتها وباسلوب دراماتيكي وهي جمالية الموت والابادة البشرية حتى تختلط فيها مشاعر المشاهد ما بين الالم والفجيعة والصرخة والاستنكار والبحث بين الموحودات عن الهياكل والجماحم المتبقية والتي لم تتفحم بعد -اذ ان اول ما يجلب المشاهد هي الكتلة الوسطية للوحة والتي قسمها الفنان عبر خط الوسط الى كتلتين متداخلتين احدهما تنزل الى اعماق الارض بينما الاخرى تحاول الوصول الى السماء حتى ان بعض اجزاءها تلامس السماء ومن هنا تكمن القيمة الاساسية في التعبير اذ اراد الفنان هنا ان يقول للمشاهد ان قوة التفجير والجريمة اللاانسانية قد جعلت الاشلاء البشرية تتطاير في السماء او تغوص في الارض اي انه الفناء بل ان الاجساد المحترقة التي غاصت في الارض لم يبقى منها سوى فحمها وليس رمادها كما هو معروف عند حرق الجثث وهنا استطاع الفنان التميز ما بين رماد الجثث وفناءها المتفحم ومما زاد من قوة هذا التعبير هو اختيار الفنان اللون الاسود اذ ان اللون هنا يحمل معنى ودلالالة واضحة بعيدا عن المعاني والدلالات الخاصة باللون الاسود بل انها صرخة انسانية ومعنى ودلالالة فنية عن تحول تلك المتفحمةالاشلاء البشرية الى عتمة بصرية لاتستطيع من خلالها التميز بين الاشلاء لانها احترقت ولم يبقى منها سوى دخانها الذي يحفر بين طبقات الارض للهروب من هذا العالم المتوحش بعد انصهرت اشكالها كما تنصهر المعادن وتتحول من شكل الى شكل اخر ومما زاد من قوة التعبير في عملية الانصهار لهذه الكتل البشرية طبيعة الالوان المستخدمة والتي لا تختلف عن الالوان التي تبرز عند عملية الانصهار في المعادن- الالوان الصفراء المحمرة-مع بعض الضربات لدرجات اللون الازوق لغرض التاكيد على ان عملية الانصهار لا تعتمد على عنصر واحد فقط- اي جنس بشري واحد بل نختلف الاجناس والاعمار ومما زاد من قيمة هذه الدلالالة شكل الطفلة التي يذوب جسدها بيت احضان اسرتها الذائبة وينصهر جسدها كي يلامس الارض بحراوتهاالمتدفقة واشلالها الذائبة

اما الجزء العلوي لتلك الكتلة الوسطية التي تشكل عنوان اللوحة فانها مقسمة الى عدة طبقات اذ ان الطبقة المرتبطة بالطبقة السفلى فانها تمثل اشكال بشرية هلامية لا تختلف عن اشكال الفراعنة بعد الموت الا انها لاتزال تنصهر بحكم فعل عامل الانصار- وتعبيرية اللون الاحمر-الذي يحيط بها اما الجزء الاخرعلى يمين ويسار اللوحة فقد انصهر ولم يبقى منه سوى اثار الاحتراق والانصهار الا ان بعضة يهبط الى الارض والبعض الاخر يتصاعد بلهيبة الى السماء حتى ان بعض الاشلاء تتطاير كتطاير بقايا الاوراق المحترقة اثناء عملية الاحتراق- وومما يزيد من ابداع الفنان وتالقة في تجسيد هذه الملحمة الرومانسية السوداء - حكاية الموت -هي حمامة السلام البيضاء التي وضعها الفنان فوق الجثث وهي تنوح بانينها وحزنها بعدما فقدت بعض من ريشاتها من شدة الالم والحزن من هذه الحكاية المؤلمة- وهي رسالة يوجها الفنان الى الضمير العالمي

-انقذوا حمامة السلام من الاسلام المزيف ومن يدعون الاسلام زورا وبهتان داعش واخواتهااذ ان اليوم حمامة السلام تنوح في هديلها وغدا ستفقد صوتها وتصبح كالغراب الذي يحكي قصة الموت لقابيل وهابيل

 

د. طارق المالكي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم