صحيفة المثقف

نزهة فى الحديقة

ترجمة لمسرحية الكاتب

أرين هون

mohamad abdulhalimghnam

نزهة فى الحديقة / ترجمة: د.محمد عبدالحليم غنيم

 

الشخصيات:

الرجل 

الزوجة  

الغريب  

المشهد: حديقة .

الوقت: الحاضر .

الرجل وزوجته يتمشيان عبر الحديقة . ثمة طيور تغرد .. إنه يوم لطيف .

الرجل: أقول، أقول أن هناك شى ما خطأ معنا . لا أقصدك أنت وأنا شخصياً . حسناً، لا ... أعنى، نحن جميعاً  الناس جميعا . لقد ضلنا  ... لقد فقدنا الإيمان ... لقد فقدنا الاتصال ب ...

(يوقفان من قبل شخص غريب)

الغريب: معذرة . أعتذر للمقاطعة .

الرجل: لسنا مهتمين .

الغريب: أنا آسف؟

الرجل: أياً كان ما تعظ أو تبيع أو ... نحن فى منتصف الحوار .

الغريب: أقدر ذلك، أقدر تماما  .

الرجل: نحن كنا فقط نتحدث ..

الغريب: لكن، لم   تسمعا ما أنا ...

الرجل: أنا متأكد أنها قصة حزينة جدا  ولكن ليس لدينا أية نقود . أوكيه؟ لذلك رجاء، اتركنا وحدنا..

الغريب: أنا لست ...

الرجل: أو أياً كان الدين ... أو النظام الروحى ....

الغريب: ليس ذلك هو السبب فى أننى ...

الرجل: هل يمكن لى  أن أقاطعك، لو كنت فى الخارج  فى نزهة لطيفة فى حديقة عامة، تتحدث مع شخص ما، هل يمكن أن أقاطعك، أنا الذى أسألك .

الغريب: أنت على حق . أنا آسف جداً . سأترككما وحدكما , لن يحدث ذلك مرة أخرى .

الرجل: حسناً، شكراً لك . لم أقد أن أكون قاسياً، لكن ...

الغريب: لا . رجاء  فهمت . وأشعر بنفس الأسلوب . وأعتقد أن قلة الأخلاق  يلحق بنا ضرراً بالغاً . آسف جداً لأننى أزعجتك .

الرجل: ذلك صحيح تماماً 

(وقفة)

الغريب: فقط أريد شيئاً واحداً .

الرجل: انظر . لقد شرحت لك ...

الغريب: محفظتك .

الرجل: ماذا؟

الغريب: حافظة نقودك . وحقيبة زوجتك . هل هذه زوجتك؟

الرجل: أنت ... ماذا؟ أنت تقول ... ماذا؟ ماذا تريد؟

الغريب: الحافظة والحقيبة .. وتليفونك .. وبعد ذلك سأذهب .

الرجل: أهذه مزحة؟

الغريب: مزحة؟ لا مطلقاً . هذه هى الطريقة التى أدبر بها معيشتى .

الرجل: هل أنت ...؟

(وقفة)

هل تقوم  بسرقتنا؟

الغريب: يمكنك أن تقول ذلك؟

(وقفة)

الرجل: معذرة ...

(يحاول الرجل أن يقود زوجته بعيداً، فيعترض الغريب طريقها)

الرجل: (مواصلاً) ابتعد عن طريقى .

الغريب: فقط سلم لى الأشياء التى طلبتها ويمكنك أن تعود إلى محادثتك، أنا آسف على المقاطعة .

الرجل: لماذا ينبغى علينا أن نعطيك أشياء نملكها نحن؟

الغريب: لأننى  أحمل مسدسا .

(وقفة)

الرجل: تحمل مسدساً .

الغريب: معى مسدس، لكن سياسياً كما تعرف، أنا ضد ذلك لكننى مضطر للأسف إلى هذا النوع من العمل .

الرجل: لا أصدق أن معك مسدس .

الغريب: هل معك مسدس  .

الرجل: لا . ليس معى مسدس  .

الغريب: إذن أنت فى موقف ضعيف .

الرجل: دعنى أراه  .

الغريب: هل تريد أن ترى مسدسى .

الرجل: لا يمكنك أن تقوم بالتهديد فى مكان عام هكذا . حتى لو ...

(يخرج الرجل الغريب مسدساً ويعرضه عليهما . وقفة . تسلم الزوجة حقيبة يدها للغريب)

الرجل: (مواصلاً) ماذا تريد منا؟

الغريب: فقط حافظة نقودك، وتليفونك المحمول، وعندئذ سأذهب

الرجل: ماذا ستفعل لو أننى لم أعطهما لك؟

الغريب: سأطلق النار عليك

(وقفة)

 ليس لدى اختيار، كما ترى . لن يجدى نفعاً أن تدور تهدد الناس بمسدس، إذا كنت لا تستطيع استخدامه، سيكون الأمر مخادعاً .

(وقفة أخرى . يقدم  الرجل المحفظة والتليفون للغريب)

الرجل: هل أنت حقاً قاطع طريق؟

الغريب: أنا فقط أسرق نقودك وتليفوك .

الرجل: نعم، لكن لا يمكنك أن تتصرف ب ...

الغريب: تقصد بهذه الفجاجة...

الرجل: أنت لا تبدو مثل شخص ما .. الطريقة التى تتكلم بها .

الغريب: أحمل درجة الماجستير .

الرجل: فى ماذا؟، فى  السرقة؟

الغريب: فى تاريح الفن . فى الواقع . أفادنى ذلك كثيراً . اعتدت أن أعمل حارس أمن فى المتحف لفترة من الوقت، كنت فقط أحاول أن أسبر غور هذا العالم . كا تعلم؟ لكن بعد فترة أصبح، أوه، لا أعرف . غير مرض على نحو ما . على أية حال، هذا العمل دخله أفضل .

الرجل: ولا تعتقد .

الغريب: ومازلت أذهب فى عطلة الأسبوع . آسف

الرجل: لا، لا عليك، أكمل .

الغريب: لا . من فضلك، أنا انتهيت . ماذا كنت تقول ...؟

الرجل: كنت أريد أن أسألك عما إذا كنت لا ترى شيئاً خاطئاً فى هذا .

الغريب: أنت تقصد .. قطع الطريق؟ بالطبع ! لست ساذجاً . لكن الطريقة التى أراها . أننا جميعاً نسرق عاجلاً أم آجلاً . أنا أردى دورى لجعل التجربة ممتعة بقدر الإمكان . أعرف أنه لن يكون ممتعاً سرقة نقودك إنه أشبه بالذهاب إلى طبيب الأسنان وأنت صغير . هذه المصاصة لن تجعللك تشعر بأى ألم . أليس كذلك؟ إنها فقط تضيف إهانة للجرح . لكننى مازلت اعتقد أن مثل هذه الأشياء من قبيل اللياقة .

الرجل: ماذا تقصد؟

الغريب: حسناً، مجرد أن يكون لدى الشخص مهمة غير سارة يقوم بها، لا يعنى أن هناك إجراء مناسب لتدبير نفسه . بعض قطاع الطرق هؤلاء ينبغى أن تراهم ... أقصد، بعد كل ذلك غلطتك أن تتعرض للسرقة . لماذا ينبغى عليك أن تعانى المهانة بالإضافة إلى فقد ممتلكاتك؟

الرجل: لكن ألا يجعلنا ذلك الأسوأ؟ مازلنا ضحايا ...

الغريب: هل ترون أنفسكم ضحايا؟

الرجل: ألسنا كذلك؟

الغريب: حسناً، بالتأكيد . كلنا ضحايا . ألسنا نتعرض للسرقة كل يوم؟ أقصد فقط ذات مرة دفعت أربع دولارات مقابل زجاجة مياه، قلت: أربع دولارات؟ هل أنت تمزح؟ لقد ظللنا نضحك من ذلك لعشرين عاماً . لابد أن نعتقد أن ذلك كان جنوناً .

الرجل: ذلك صحيح . لابد أن نعتقد .

الغريب: هذه المدينة تغيرت . البلد كله تغير . كله نفاق . يقولون لك أشتر ستة أكياس  من الشيبسى مقابل ستة دولارات، ولكن من يحتاج إلى ستة أكياس؟

الرجل: كما تعلم . كنت عند  معرض الأغذية فى اليوم الأخير

 (إلى زوجته) ...

 لقد سبق أن قلت لك هذا  .

 (إلى الغريب)

كانت سلعة  من الأشياء المسعرة فى القائمة  أعلى سعراً من نفس السلعة الموجود على الرف . لذلك طلبت منه أن يراجعوا السعر . وتصرفوا كأننى عطلت الخط  كله . وبعد ذلك، بعد عشرين دقيقة، عندما  أدركوا  فى الأخير خطأهم .. هل اعتذروا حتى؟ لقد كانوا يسرقوننى أساساً ويتصرفون مثل ....

الغريب: لا أحد يتحمل أية مسئولية . أليس كذلك؟ الجميع يتصرف كما لو أن الشخص الذى يعمل فوقهم هو المذنب، ذلك هو السبب فى أننى أعمل لحسابى .

الرجل: نعم، حتى فى وظيفتى ... أنا مقاول، أعمل فى النوافذ، زجاج النوافذ، ذلك النوع من الِأشياء ... دائماً ما أحاول أن أزود زبائنى بالسعر العادل . لكن الكثير من الناس فى مجالى سوف بصخمون التقدير . سوف يضاعفون السعر، حتى ثلاثة أضعاف، حسب من يتكلمون معه .

الغريب: وهذا قانونى .

الرجل: قانونى تماماً .

الغريب: انظر إلى أسعار الغاز ...

الرجل: صحيح ! إنه يتغير طبقاً للمنطقة، وليس على ...

الغريب: على سعر الغاز .

الرجل: إنهم يحددون الأسعار، وكل ذلك  قانونى .

الغريب: قانونى . بيف!! . لا تعرف الشرطة الجريمة الحقيقية على نحو ما . إنهم مشغولاً تماماً بتوزيع تذاكر وقوف السيارات .

الرجل: لم يجعلونى أركن . إنها مزدحمة تماماً . لسنا فى حاجة إلى المافيا بعد ذلك ... لقد ذهبوا للعمل مع الحكومة .

الغريب: لقد حصلت على تذكرة وقوف  وأنا فى طريقى إلى هنا اليوم . لقد وقفت دقيقتين .. أقول لك .

الرجل: ماذا نستطيع أن نعمل؟ ينبغى أن نمتلك سيارات انظر إلى وسائل النقل العام فى هذا البلد . إنها مخزية .

الغريب:لا أتفق معك فى ذلك كثيراً .

(وقفة)

الرجل: حسناً .

الغريب: نعم، حسناً .

الرجل: ماذا نستطيع أن نعمل ...

الغريب: لا شىء يمكنك أن تعمله . فلسفتى هى: اهتم بنفسك، اهتم بصحتك والناس الذين تحبهم . واعمل هذا بإخلاص بقدر ما تستطيع .

الرجل: أشعر بنفس الشىء تماما  .

الغريب: أحاول داماً أن أكون دقيقاً فى عملى .

الرجل: أستطيع أن أقول .

الغريب: لست مثل واحد من هؤلاء من عارضى الأفلام حيث يظهرون لك جانباً واحداً، ثم يأخذونك إلى المسرح .

الرجل: ... وذلك مختلف تماماً . أكره ذلك .

الغريب: دعنا نواجه ذلك . مجتمعنا ينهار . يقترب من النهاية . الطائرة على وشك الاصطدام . كل ما نستطيع أن نعمله طوال الطريق . هو أن يظهر كل منا للآخر قليلاً من الاحترام، قليلاً من اللطف .. يقابل كل منا الآخر بانصاف واحترام . أقصد، كما نحن هنا، فى هذه الحديقة الرائعة . فى مثل هذا اليوم الجميل . دعونا نواجه الامر، أنتما تتعرضان للسرقة، ربما يكون ذلك  على حساب ضرائبكما، وربما يكون سوق المزارعين المحلى، لا مفر من تجنب ذلك ... والسؤال الذى يجب أن نسأله لأنفسنا هو " ما الذى حدث للأخلاق والتقاليد القديمة؟ "

(وقفة)

 يا للعجب . كان ذلك مجرد شىء تافه  . أليس كذلك؟

الرجل: أريد أن تعرف . أننى أقدر بعمق كل ما قلته ...

الغريب: شكراً لك . لقد اكتشفت، كما تعلم . أن هذه الأفكار راسخة فى رأسى، لا أعرف حتى كيف أنها موجودة هناك .

الرجل: إن لم تمانع  أقول، أنت تبدو شخصاً محترماً .

الغريب: أحاول .

الرجل: أتساءل إذا ما كنت مستعداً أن تقدم لنا معروفاً .

الغريب: يمم، لو أمكننى .

الرجل: لا أطلب منك استرداد الأموال ....

الغريب: أوكيه، بسبب ...

الرجل: أو التليفون .

الغريب: لا،  أنا فى حاجة إلى  ذلك .

الرجل: لكن هل يمكن أن تسمح لنا أن نحتفظ بالمحفظة والحقيبة؟  يمكنك أن تأخذ كل شيء ذا قيمة فى داخلهما.. لكن دع زوجتى تواصل برنامج يومها . لقد حصلت على عضوية صالة الجيم هناك، وأنت تعرف كيف يكون ذلك، إنه مثل الألم فى المؤخرة ...

الغريب: ممم . لكن لابد أن أحتفظ ببطاقة الائتمان .

الرجل: أتفهم ذلك  . ماذا تقول؟

الغريب: أحب ذلك، لكن فى الحقيقة لا أستطيع . إنه التماس قانونى، لا شك فى ذلك . لكن عملت استثناء واحدا ثم آخر، أين ينتهى ذلك الأمر؟ سأقول لك ماذا، مع ذلك، وأنا أمشى فى ذلك الطريق  ربما أقوم بإسقاط الحقيبة  والمحفظة، بمجرد أن تتاح الفرصة لاستعراضها . آسف . ذلك أفضل ما أستطيع عمله لك.

الرجل: لا . ذلك هو ... نحن نقدر ذلك .

الغريب: لا بأس . حسناً ... شكراً لحديثكما معى . حظ سعيد لكما .

الرجل: ولك .

(يخرج الغريب . وقفة)

الرجل: (يواصل) حسناً حسناً حسناً حسناً

(وقفة)

ماذا عن ذلك !

(ينظر إلى زوجته)

 حبيبتى؟ هل أنت بخير، تبدين شاحبة . ما هذا؟ حبيبة قلبى، تحدثى إلى، ما الخطأ؟

(وقفة)

الزوجة: النجدة .

[ستار]

 

........................

المؤلف: أرين هون /Aren Haun:   كاتب مسرحى أمريكى . حاصل على الماجيستير فى الكتابة المسرحية عام 2010 من جامعة كولومبيا، وقبل ذلك البكالوريوس فى العلوم الانسانية عام 2007 من الكلية الجديدة فى كالفورنيا . من كتبه المنشور الوقوف فى الحجرة (أفضل المسرحيات ذات العشر دقائق عام 2013)، وقبلها نزهة فى الحديقة (أفضل المسرحيات ذات العشر دقائق عام 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم