صحيفة المثقف

الاتحاد العام للأدباء والكتاب يحتفي بالشاعر د. سعد ياسين يوسف

احمد فاضلوأشجاره تسمو إبداعاً.. وتستقطب كبار النقاد.

احتفى الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق بالمنجز الشعري للشاعر سعد ياسين يوسف لمناسبة صدور مجموعته الشعرية السادسة (أشجار لاهثة في العراء) في جلسة أقامها نادي الشعر وأدارها الأستاذ الدكتور علي حداد وبحضور نخبة من الأدباء والنقاد العراقيين .

وقدم الدكتور علي حداد في بداية الجلسة رؤيته النقدية عن الشاعر المحتفى به مشيدا بما أنجزه على امتداد تجربته الشعرية التي استقطبت النقاد والكتاب والشعراء .

وقال : إنَّ الشاعر سعد ياسين يوسف من الشعراء الذين أسسوا تجربتهم الشعرية وفق سياق معرفي وجمالي حينما استوقفته كلمة (الشجرة) وأحاطته وطوقته فأسس تجربته العميقة رغم غرابة أن تتملك الشاعر كلمة وتهيمن عليه، إلا أنَّ الشاعر سعد ياسين اختار الأشجار منطلقا لتجربته حيث تواترت دواوينه مشتغلا على هذا الاتجاه مضموناً وموضوعاً جمالياً يشتغل عليها بدأب، وأنَّ الأشجار عالم من اشتجار الأفكار والمضامين والسمو والعلو وهذا يناسب لغة الشعر التي تتألق بالمغايرة وبعسل اللغة وبجمال المفردة بعيدا عن الرومانسية فالأشجارعالم قائم بذاته وحيوات غنية بثمارها،وقد منح هذا المنطلق تجربة الشاعر سعد ياسين يوسف قوة الترميز وأغنى تجربته وسيظل أفقا مفتوحا يشتغل عليه .

قرأ بعدها الشاعر المُحتفى به عدداً من قصائد مجموعته الجديدة كما أجاب على سؤال مدير الجلسة بشأن روافد تشكل تجربته الشعرية مؤكدا أنَّها تمتد إلى مرحلة التشكل الأول المرتبط بالعائلة كحاضنة ثقافية والمدرسة والبيئة الشعرية النشطة في العمارة نهاية التسينيات والتي ضمت قامات شعرية كبيرة على مستوى العراق والوطن العربي .. إضافة إلى قراءاته العميقة لتجارب العديد من الشعراء العرب والعراقيين والعالميين، وإعجابه بصور القرآن الكريم وجماليات المفردة ووقعها في ذاته، قبل أن ينتقل إلى الكلية ليستكمل التفاعل الإبداعي في جامعة بغداد وتحديداً في كلية الآداب .

437 سعد ياسين

وتحدث الناقد الأستاذ فاضل ثامر قائلا : إن الشاعر سعد ياسين يوسف تألق في قصيدة النثر ببنيات مهمة أهم من الرمز الذي انشغل فيه النقاد رغم أنَّ الرمز الذي اعتمده الشاعر كان مصدراً لتأويلات متعددة .

وأضاف أنَّ الأشجار عند الشاعر سعد ياسين يوسف هي (الطوطم) ومن خلال انتماء الشاعر لفضاء الطبيعة وأنسنتها استطاع أن يخلق منها كيانا إنسانيا لتصبح رمزا وآخراً حينما يقيم حواراً مع افتراضي آخر هو الشجرة الذي قد يكون قرينا له أو الوجه الآخر .

وأكد الناقد فاضل ثامر أنَّ رمز الشجرة وفي لحظة ما يتحول لدى الشاعر إلى قناع، مشيراً إلى وجود مجال لاشتغالات نقدية كثيرة في بنية الصورة والاستعارة في شعر سعد ياسين يوسف سيّما وأنَّه يتجه إلى القصيدة الرعوية امتداداً للشاعر عيسى حسن الياسري لكن يوسف ينفتح على فضاءات حداثوية وفق ثنائية الطبيعة بما فيها من جمال، والثقافة بما فيها من قوة، حيث رمز الشجرة التي تنتمي إلى قطب الطبيعة في مواجهة الوجه الآخر المتمثل بالإمحاء وإستلاب الرونق الطبيعي للحياة والإنسان

وأختتم الناقد فاضل ثامرمداخلته النقدية بالتأكيد على أنَّ تجربة الشاعر سعد ياسين يوسف هي تجربة غنية تندرج ضمن المتن الثقافي لما حظيت به من تكريم وجوائز عالمية وتتطلب قراءة جدية .

وقال الناقد علي الفواز : إن مجموعة (أشجار لاهثة في العراء) هي التجربة الأكثر تمثلا في شعر سعد ياسين يوسف لأنه حاول أن يعيد صياغة الجانب التمثيلي للطبيعة بوصفها مرموزات تميل إلى الواقع والصراع الإنساني وأنَّ فِعل الاشتباك الإنساني أكثر تعبيراً عن الذات وعن الصراعات وكأنه يعيدنا إلى شعراء الطبيعة أو الشعراء الرومانسيين الإنكليز الذين كتبوا عن الطبيعة أمثال وليم بليك وصمويل تايلوركولردج حينما كتبوا عن الطبيعة وهم في جوهر هذه العودة هو احتجاج على هذا الصعود البشع للرأسمالية، غير أنَّ  شاعراً جنوبيا يحاول أنْ يعود إلى الطبيعة هو أجمالاً شكل من أشكال التعبير ومن أشكال الاحتجاج لما يعاني منه الجنوب العراقي من حيث التصحر ومن حيث ذاكرة الحروب والموت والانطفاء .

وأختتم الناقد علي الفواز مداخلته بالقول : إنَّ الاشتباك الإنساني الذي جسدته لوحة غلاف المجموعة بحضور الإنساني على الطبيعي هو الأكثر تعبيراً عن الشعرية الواعية التي اقترحها لنا الشاعر سعد ياسين يوسف .

وقالت استاذة النقد الحديث في الجامعة المستنصرية أ. د . سهير أبو جلود في ورقتها : إنَّ الأشجار عند سعد ياسين كانت أفقا دلالياً تنوّع ليشمل مراحل حياة الإنسان..والشاعر نفسه نوّع في استخدامه سبل الانتقال من الجزء إلى الكل والعكس.. الأمر الذي جدد فيه من الصورة التقليدية المعروفة للشجرة وهي تتعرى من أوراقها لتكتسي حلة جديدة.. هذه الصورة يسعى الشاعر الحق إلى التخلص منها أو تلوينها داخل الحقل الوصفي،السؤال الذي أراه مهما هو إلى إي حد يستطيع الناقد أنْ ينتقل بنصوص سعد ياسين يوسف من مرحلة التصور إلى مرحلة الحدس ومن ثم تأمل تلك الصور الرمزية بعد الإنتهاء من التوضيح والشرح.. الكثير من الدراسات لم تقدم لنا الكشف الرمزي الذي نسعى إليه لذا أنا أعدّها قراءات ممهدة للنقد ...لابد للدراسة الرمزية أنْ تاخذ طريق الإدراك او تجسيد الصور الذي إن تم بطريقة سليمة أو نفذ بعناية فسيكون أساس طريق واضح لدراسة موقف الشاعر من رموزه .. وأقصد بذلك الشاعر العراقي عامة وشعر سعد ياسين يوسف خاصة.

أما الناقد أحمد فاضل فقد قال في مداخلته خلال الجلسة : الشاعر العراقي د . سعد ياسين يوسف صوت شعري يحمل مفردة نابضة بالحياة، لا تصعب أمام قارئها لاستكشاف معانيها، فمنذ أكثر من ست سنوات وتحديداً الفترة المحصورة بين إصداره لمجموعته الشعرية " شجرُ الأنبياء " عام 2012 وآخر إصداراته " أشجارٌ لاهثةٌ في العراء " 2018، تعرفت على تجربة شعرية أخذت بمجامع إعجابي فثيمة الشجرة التي بنى الشاعر أكثر نصوصه عليها، هي رمز العطاء ورمز الزينة مانحاً حروفه من خلالها لوناً أخضر زاهياً، لكنه هنا في مجموعته هذه يجلس إلى الأشجار محاوراً، باثاً لواعج عواطفه، باحثاً عن سر رفيفها وهي تركض في عراء الأسئلة – كما كتب في إهدائه لنا -، ولأن هذه النصوص تكاد تلامس حقيقة ما شعر ويشعر به الشاعر من مناجاته لها فهي تعكس قدرته على تقريب المفردة الشعرية للمتلقي والناقد على حد سواء، طيعة، بسيطة، عميقة، نادرة في معانيها وصورها وحبكتها، له القدرة على ملامسة الوجدان بها وكأنه يكتبها على لحاء النخل أو جذع شجرةِ نبقٍ تساقطت منها الدموع.

الناقد يوسف عبود جويعد قال خلال مداخلته في الجلسة :

ها نحن نكون مع المجموعه الشعرية الجديدة (أشجار لاهثة في العراء) للشاعر سعد ياسين يوسف لنرحل معه في غابة الأشجار الجديدة, وكيف يوظفها الشاعر , لتدخل نسق بناء النص وتكون جزءاً من فضاءه, وتتلون وتتقلب وتمتزج , مع وحدة موضوعها, وثيمتها والمسار الفني الذي اختاره, ولم يقتصر الأمر على الشجرة كهيكل واحد , بل أنَّ الشاعر استحضر تفاصيل تكوينها , الجذر , الجذع, الفروع , الاغصان, الاوراق , الثمار وهذه الجزئيات , وهذه التفاصيل شكلت في قصيدة الشاعر بنية جيدة لإنتاج نص يكون فيه للشعر والمفردة الشعرية سياقها الفني .

وفي ختام الجلسة كرم الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين الشاعر سعد ياسين يوسف بمنحه درع الجواهري قدمه له الناقد فاضل ثامر ..وقع بعدها الشاعر نسخا من مجموعته للحاضرين .

 

المثقف / كتب أحمد فاضل

بغداد / خاص     

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم