صحيفة المثقف

اثيالات...

طلال الغوارالشعر كما الحب كلاهما - هكذا أرى - لا يكتمل تفسيرهما، أو نصل إلى حقيقتهما، فمهما أوغلنا فيهما كثيرا كي نشّكل عنهما فهما معينا فأننا نواجه ما هو ابعد وأعمق مما وصلنا إليه، أو أننا لا نصل، وقد يكون مرد ذلك أنهما أكثر تجذّراً في العمق الإنساني، بل في الوجود الإنساني، قد نصل إلى مقاربات لعل أبرزها أنهما خروج كل منهما عن النظام الحاكم للأشياء، عن جاهزية السائد في كثير من قوانينه ونواميسه التي تضبط حركة الواقع، فإذا كان الشعر هو خروج عن (جاهزية اللغة) ليجترح طرقه الخاصة في استخدامها،

إنها مهمة صعبة جدا .

 فأن الحب هو خروج أيضا ولكن عن (جاهزية الحياة)

عن النمطية السائدة في الواقع، والخروج من بعض قوانينه القاسية التي تتحكم به،

إذن هو يتحدى أقسى القوانين وليس أسهلها .

ويرتقي عليها لكونه حالة أسمى، حالة إنسانية أكثر رقيا بالإنسان لأنها تعمق من إنسانيته، فيتجاوز الانتماء الطبقي، الديني، المذهبي، الريفي،، الحضري ووو.. فحالة الخروج هذه تنطلق من جذوة التمرد الكامنة في الأعماق من اجل التوحد ألكياني الذي يرتقي بالحياة.

**

2-

حينما أتناول موضوعة الحب في قصائدي أو اكتب (قصائد حب) كما يسمونها،  فهو ليس تعاملا بالمعنى التقليدي المعروف مع موضوعة (الحب)، فأنا لا اعني العلاقة العاطفية المحددة مع المرأة، والتعبير عن أحاسيس ومشاعر فحسب، وإنما أتعامل مع رؤيا تكشف عن علاقة الغياب بالحضور، رؤيا التحدي من اجل الحياة، من اجل استمرارها، لكونه حاجة إنسانية روحية للبحث عن التكامل، أو على الأقل خلق حالة من التوازن بين الذات والموضوع، رؤيا تكشف المأساة المرافقة لهذه الجذوة المتقدة في الأعماق (الحب) منذ بدأ الخليقة، واحملّها وجعا إنسانيا ..ووجوديا، فهي تولد مع ولادة الإنسان لتجعل منه حالة قائمة في جدلية مستمرة مع الموت (جدل الحب والموت)، لم ينفك أن يسير معه جنبا إلى جنب..من اجل استمرار الحياة، الحب في قصائدي هو تعبير بشكل أو بآخر عن هذه الوحدة الضدية /الحب /الموت، وأحاول أن اجعل من الحب الذي هو قدرة كامنة في العمق حالة للتمرد وللتحدي لكل ما يعيق حركة الحياة لتعميق بعده الإنساني وما يساهم في تكامله مع الأخر، المرأة، الحبيبة، الذي لا يكتمل.

 

 طلال الغوار

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم