صحيفة المثقف

أعدهم يا نهر

وداد فرحانكل شيء يصعب شراؤه، إلا الموت فهو سلعتنا المجانية المتاحة في كل مكان وزمان.

شاب في مقتبل العمر يعلن عبر تسجيل فيديوي أنه قرر إغلاق كتاب حياته بالانتحار، الانتحار مجاني في العراق، وأضحت أشكاله فرادى وجماعات. الموت بين الأمواج على مرأى البصر لا يكلف الغرقى سوى صرخات مكتومة لا صدى لها، تغلق الأفواه مياه دجلة، وتنهي الحياة فقاعات حزينة تحمل مأساة وطن تنقلب عبارته في وضح الفرح.

 أيادي القدر مغلولة لا تصافح الشاهقين للرجوع، وتنسل الأجساد غوصا للتلاشي في قاع النهر، وتطوف الأخرى كالبجعات تراقص الوداع. أي حزن ذلك النحيب الذي يدور بسوارات الانتهاء، وكلمات الوداع مقتادة بأصفاد الألم. هكذا تغتسل الأرواح من براثن الإهمال، يصاحبها أنين السماء يعزف حزن الغائبين وراء غياهب أمواجه في سبايكر والموصل.

الشمس تذوب في دموعه وصرخة الغروب تناديه:

"أعدهم يا نهر، أعدهم يا دجلة، ألم تكن بالأمس "دجلة الخير"؟

 

وداد فرحان- سدني

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم