صحيفة المثقف

البطانة وما يفهم من المجتمع.. إشكالية القراءات المتعددة لتعدد الأوجه

رائد عبيسالبطانة ما يبطن به الثوب، وهي خلاف ظهارته، وبطانة الرجل هو ما يحفظ اسراره، والبطانة من الطبقات، هي ما تعنينا بالفهم الإجتماعي للطبقية الاجتماعية، وتعدد هذه الطبقات داخل كل طبقة إجتماعية، فلا يمكن أن ننظر الى المجتمع بتلك الوحدة المألوفة، ولا يمكن أن نحكم عليه بتلك الروابط، بكونه كتلة بشرية، ولا يمكن أن نفهم المجتمع ببعد واحد، ولا يمكن أن نقسم المجتمع بذلك التقسيم التقليدي الذي تحدثوا به الفلاسفة من قبل كما عند أفلاطون واتباعه، ولا يمكن أن نرسم سياسة موحدة لمجتمع متشضي الى اجتماعات مختلفة، اذا كيف نفهم المجتمع؟ وكيف ننظر إليه؟ نرى أن من المنهجية النظر الى المجتمع بعيون متعددة، لا تكفي ثنائية البصر للاحاطة بأبعاده، فنحن لا نفهم المجتمع بنظرية واحدة، نظرية المجتمع الواحد، بل نحن نميل إلى تعدد النظريات الاجتماعية،كمنهجية لفهم المجتمع وتحليل بطانته، فلا يمكن أن نرتكن الى تفسير أحادي البعد للظاهرة الاجتماعية، ما دام هناك واقعا طبقات اجتماعية، وبطانة لمجتمعات مغلقة، فالمجتمع المغلق هو من تنمو به البطانات، كثرتها توحي بتعقيده، وصعوبة فهمه ودراسته، بل وصعوبة العيش فيه، إن لم تكن مستحيلة! المجتمع العراقي تزاد به البطانات بشكل يومي، وبطانته متعددة بشكل كبير،تبعا للظاهرة السياسية، والاجتماعية، والعشائرية، والاقتصادية، والتعليمية، والتربوية، والدينية، والحزبية، والطائفية والعرقية، والصنفية، والمهنية، والشللية، والكروبات الواقعية، والكروبات الافتراضية الواقعية، والافتراضية البحتة. فهناك ظاهرة نعيشها يومياً دون الشعور بها، أو تقمص ادوار لها، نكون فيها أو خارجها، دون الاهتمام بذلك، هي تنوع المجتمعات التي نعيش فيها، مرة نعيش في بيئة اجتماعية أكاديمية (المجتمع الاكاديمي)، ومرة أخرى نكون في مجتمع الحي السكني الذي اعيش فيه، ومرة ثالثة بمجتمع الحزب الذي ننتمي إليه، وهكذا فنحن في اليوم الواحد نعيش مع أكثر من بطانة اجتماعية، فكيف لنا أن نصنع شخصيتنا دون تأثير هذه المجتمعات علينا،بحيث لم تخرجنا من طبيعتنا؟ هذا يحتاج إلى دعم معرفي للذات، عسى وان تنجح في بلورة شخصية مقاومة لتأثر البطانة. عندما شهد العراق بعد ٢٠٠٣ ظاهرة تأسيس الأحزاب، وتأسيس منظمات المجتمع المدني، وتأسيس الكليات الأهلية والجامعات، وتأسيس المدارس الأهلية، والشركات المعلنة وغير المعلنة، وكثرة المرجعيات الدينية، وتياراتها، وافكارها، وشللها، ومجاميعها، وبطانات مختلفة غير معلنة،كالتي ترتبط بالخارج لها ولاءات وارتباطات مختلفة، باطراف إقليمية ودولية، فعذه كلها تمثل جزء من بطانات المجتمع التي تحتاج إلى فهم وتشخيص وتشريح وفرز عن غيرها من البطانات. وهذا يعني اننا امام مشكلة تعدد القراءات بطبيعتها العقلانية والموضوعية، حتى نكون على معرفة بالاسباب الحقيقية، لتنوع أوجه المجتمع وتعدد بطاناته،والاسرار من وراء ذلك التي ربما تكشف وجه آخر للزيف، وأقنعة مقصودة لتقسيم المجتمع،واحداث حالة من التنكر والرفض والتخالف بين طبقات المجتمع وبطاناته. فنظرية البطانة الاجتماعية،تنطلق من تشخيص بلورة أصناف، وطبقات اجتماعية، مستقلة وغير مستقلة، ومعلنة وغير معلنة، فهي تدرس ظاهرة الاندماج والانعزال، المقاطعة والمشاركة، النقد ونقيضه. مع محاولة ترميم روابط البطانات، وإيجاد قواسم مشتركة أكثر فاعلية من الاستقلالية المنعزلة على حساب التفاعل الاجتماعي، والخروج برؤى مشتركة من قراءات متعددة الأوجه.

وللحديث تتمة....

 

الدكتور رائد عبيس

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم