صحيفة المثقف

حوار مع المخرج ماهر حشاش

1256  ماهر حشانالإنسان يكون دائما متعلقا بأصوله حتى ولو أخذته ظروف معينة بعيدا عن هذا الوطن انه ارتباط وجداني يختزل أفكارا راسخة يختزل لحظات من الطفولة يختزل كل التفاصيل التي تكون شخصية هذا الإنسان فالبيئة والبدايات دائما تؤثر في الإنسان وتصقل شخصيتهم وتجعله يرتبط في كل إبداعاته بالجذور والقضية الفلسطينية كنموذج فقد أنجبت الإبداع من قلب المعانات طيور مهاجرة تحلق بعيدا عن الوطن ليس حبا في ذلك ولكن قساوة الاحتلال وقهره ومحاصرة الطموح والإبداع داخل الكيان الإنساني جعل بعض الطيور تحلق في سماء الاغتراب ومن هذه الطيور المخرج الفلسطيني الدنماركي ماهر حشاش والذي التقيناه على خلفية مهرجان مراكش الدولي للسينما في دورته18 فكان معه الحوار التالي

 

السيد ماهر حشاش هل يمكن أن تعرف القراء بشخصكم؟

- أولا أشكركم على هذه الاستضافة واشكر المغاربة على حفاوة استقبالهم آما بخصوص سؤالكم فعبد ربه مخرج وسينارست ومنتج سينمائي خريج المعهد العالي للسينما بمصر لي عدة أعمال فنية من أفلام تسجيلية ووثائقية بالإضافة حضوري إلى العديد من المهرجانات العربية والعالمية وكذا تأطيري لعدة ورشات سينمائية سواء بالمغرب أو ببعض البلاد العربية كما كان لي شرف ترأس بعض المهرجانات السينمائية .

 

 ماهي أهم الأعمال السينمائية التي قمت بإخراجها أو إنتاجها؟

- فالحقيقة هناك العديد من الأفلام الوثائقية القصيرة مثل رمضان في الدنمرك مواطني في السعودية مواطني في السويد فيلم من الموت إلى الحياة بالإضافة إلى كليبات فنية في مصر والدانمرك وقد قمت بعمل عدة تقارير صحفية تم عرضها على معظم القنوات بالدانمرك وكذالك تم عرضها على قناة الجزيرة والفضائية الفلسطينية وقناة القدس وكذا إحدى القنوات التلفزية الأردنية و أخرى أوربية إضافة إلى تصوير نقل مباشر للكثير من المهرجانات الفلسطينية بالإضافة إلى هذا فإنني قمت بمحاضرات وورشات في السينما في العديد من الدول كما سبق أن قلت.

 

من خلال تجربتكم كيف ترى السينما العربية والمغربية على وجه الخصوص؟

- إن نشأة هذه السينما العربية ارتبطت بالحركة الوطنية في مصر وذلك بداية القرن العشرين حيث شكل هذا نوعا من توحد السينما المصرية مع هذه الحركة ومبادئها وشعاراتها، وكان لهذا الأمر إيجابيات كما كان له سلبيات، تجلت هذه الأخيرة في حصول نوع من التركيز على ماهو مصري فلا يمكن الحديث عن السينما المصرية بدون ذكر أسماء عربية وغير عربية صنعت هوية السينما في مصرية منذ بداياتها، وقد ظل هذا الأمر يحدث حتى وقت متأخر وكمثال على هذا يمكن ذكر المخرج محمد خان الذي ظل حتى آخر حياته يساهم في ذلك دون أن يحصل على الجنسية المصرية، رغم كونه واحدا من أهم المخرجين الذين تظهر الهوية المصرية واضحة في كل أفلامه.

وهذا لا ينفي وجود عثرات وعوائق في مسيرة السينما العربية خصوصاً في مصر ولا يمكننا نسيان دور مصر والسينما المصرية التي تركت ثروة فنية مدهشة وأفلاماً تعلمنا منها الكثير والإشارة بالنقد لفيلم مصري لا يعني نسف ذلك البهاء والروعة وحديثنا هنا عن أفلام ظهرت في العشر السنوات الأخيرة ولا يعني أنها سيئة جداً فمن يشاهد أغلب ما ينتج اليوم يصاب بالسكتة القلبية كون ما ينتج حالياً تشويهاً لمعنى سينما وفن، قد نجد القليل جداً من الأفلام التي تحترم المتفرج وتحاول تقديم شريطاً سينمائياً جيداً والأفلام الجيدة القليلة جداً قد لا تجد الدعم الإنتاجي أو الدعم بعد الإنتاج، ما تعيشه اليوم السينما العربية من أزمات جعل البعض يصاب بالإحباط ورغم وجود عشرات المهرجانات السينمائية الفخمة إلا أنها لا تضع في برامجها تقديم دعماً لإنتاج أعمال وتجارب جيدة وجديدة..”

أما بخصوص السينما المغربية فانا عندي إعجاب بها لأنني عضو بلجنة تحكيم للعديد من الأفلام المغربية حيث شاركت في مهرجان فاس ومكناس وورزازات... صراحة هناك لمسات جيدة وما أثار إعجابي أيضا هو وجود المركز السينمائي الذي يدعم الأفلام حقيقة هذا الأمر غير موجود في الكثير من الدول وأضيف بأن السينما المغربية لديها شقين الأول متمثل في اتجاه متأثر بالسينما المصرية وآخر متأثر بالسينما الغربية باتجاهاتها المتعددة، وقد وصلت في الأعوام الأخيرة إلى هضم هذين التأثيرين للوصول بالتدريج لمحاولة خلق هوية خاصة بها.

 

ماهي الإضافة التي يمكن أن تقدمها السينما في نظرك للبشرية؟

- السينما هي فن جامع للفنون و الموسيقى والشعر والرقص، فهي مرآة النفس الإنسانية تحرك وتؤثر وتجذب الأحاسيس والمشاعر بغية الارتقاء بالنفس فكرا وثقافة لتسمو بتطلعاتها وآمالها لتطوير حضارة الإنسان وإقامة حوار حقيقي بين ثقافات الشعوب المختلفة لعولمتها في منظومة ثقافية ليس لها حدود مكانية ولا زمنية، تخدم لتطور ولترتقي بالقيم الإنسانية في هذا الكون.

السينما فن جميل غني بالتجربة الجمالية بما يولد وينتج من الخبرة، فهو أنقى نماذج الفن بما يتمتع من تجارب في متعة الخيال والإثارة وما يثير الإنسان في العالم الخارجي، وان نشاطه الحر ما يجعله فنا ممتعا يثير الدهشة فينا جماليا، وهنا تكمن قيمته فيستحق وصفه بالفن (السابع) لا بتصنيفه الزمني بل بكونه جامع الفنون و رمز الكمال الفني بل رسالة جامعة لا يعلى عليها .

 

السيد ماهر حشاش تترأس المهرجان الدولي الوثائقي لحقوق الإنسان بالعاصمة المغربية الرباط ماذا يمكن أن تقول لنا عن هذه التجربة؟

- اشتغالي على هذا النوع من الأفلام لان طبيعة الأفلام الوثائقية التي تهتم بحقوق الإنسان تملك مقومات قد لا تمتلكها أنواع أخرى من أشكال الإعلام المختلفة، لأنها توثِّق شهادات حية للناس واعتقد أن المهرجان الدولي الوثائقي لحقوق الإنسان بالرباط له القوة والطاقة لأنه مدعوم من طرف الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وهي هيئة لها حضور قوي لذلك باستطاعت المهرجان أن يكون مهرجانا مشهورا عالميا وله قوة استقطاب دولية وأكد أن للهيئة دور مهم لأنها تلعب دوراً مزدوجاً في خدمة حقوق الإنسان, يتمثل ذلك في رصد ما يتعرض له بعض البشر من معاناة في حياتهم وذلك من خلال الأفلام التي تعكس أحوالهم.

أما الارتباط مع تيمة حقوق الإنسان، فيحتاج إلى السينما الوثائقية لأنها الأكثر قربا لذلك بحكم طبيعتها من خلال تواصلها المباشر مع المواطن لأجل الاستماع لنبض الشارع والتطرق لهموم الناس سينمائيا عن طريق الشريط الوثائقي للتأثير على سلوك الأفراد بإظهار واقع ما يحدث، والعواقب المترتبة على أفعال بعض المنتهكين لحقوق البشر.

 

كيف يمكن للفيلم الوثائقي أن يساهم في التحسيس والتوعية بقضايا المجتمع؟

- إن الفيلم الوثائقي له دور مهم في تنوير الرأي العام لأنه يرصد ظواهر وأحداث سواء كانت تاريخية أو ثقافية أو علمية.. ويحاول بطريقته التصويرية أن يثقف المجتمعات عبرا لصورة الفيلم الوثائقي إذا هو نوع من البحث والتتبع والمساءلة وتحديد فكرة الرسالة المراد تحقيقها، والفئة المستهدفة من خلال هذا العمل.. إنها الأسئلة التي حينما تبنى بشكل علمي دقيق، يحقق من خلالها المخرج متعة جميلة وقوية ودالة للمتفرج.

لكن تبقى علاقة الإنسان العربي بالفيلم الوثائقي وثقافة الصورة على مستوى التلقي جديدة نظرا لطبيعة المنظومة الثقافية والتربوية العربية المرتبطة بالثقافة الشفهية والمكتوبة، بالإضافة إلى قلة المهرجانات المهتمة بالفيلم الوثائقي، كل هذه الأمور ساهمت إلى حد ما في حث المتلقي على البحث عن فرجة فيلمية ووثائقية هادفة.

 

حاورته: من مراكش زبيدة الخواتري

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم