صحيفة المثقف

كنتُ أضعف من أن أنساك

ذكرى لعيبينصوص خارج السرب (10)

مضى يوم على فراقنا، كنت حزينة جدًّا، لم أصدّق أنّنا افترقنا، بكيت بحرقة، بكيت بمرار، لم تدخل فمي لقمة، ولم أتحدّث مع أحد، كنت أتابع أوقات تواجدك، لم أنم جيدًا، اضطررت أن أتناول قرص "باندول" لتخفيف نوبة الصداع التي أصابتني، هدأت قليلًا، ونمت ساعتين، نهضت صباحًا لأقرأ تحية الصباح التي اعتدت أن تبعثها مع أغنية لفيروز، لكنّي لم أجد تحية، نسيت أنّنا افترقنا..

بعد مرور ثلاثة أسابيع، مازلت أتابع أوقات تواجدك، أصلّي لتعود لي، كنت بحاجة إلى سماع صوتك، أستيقظ أكثر من مرّة ليلًا، أفتح الهاتف لأتّصل بك، ثمّ أتذكّر أنّنا فعلًا افترقنا، وأنّك مثل كلّ مرة لن تردّ بحجة وجود ضيوف..

مضى شهران على فراقنا، أوقاتي نواح صامت، ملامح وجهي ذبُلت، مازلت أتابع تواجدك، لقد غيرتَ صورة التعريف ثلاث مرّات، كنتُ أتمنّى أن تضع صورتك، فقد اشتقت إلى رؤيتك، كنت على استعداد أن أضحّي بعمري في سبيل عودتك لي، لقد أوجعت روحي..

أكملت ستة شهور منذ آخر مكالمة وآخر رسالة منك، راجعتُ محادثاتنا أكثر من مرّة، لم أنسَ البكاء، كنت أحتاج أن أسمع صوتك، ضحكتك، اشتقت أن أراك، أيضًا ما زلت أصلّي، لنلتقي، وأعاتبك:

 ألم أقل لكَ: إنّكَ أهلي ؟ ألم تقل لي: إنّك لن تحيا بدوني!

مضى عام على فراقنا، فترات تواجدك على الهاتف طويلة ومتقاربة، لكن متابعتي لك صارت في فترات متباعدة، ملامحك باتت غير واضحة، لم أتذكّر سوى إهمالك، ومزاحك الثقيل السمج، أصوات الغد جعلت صدى صوتك مشوّشًا، لكنّي كنت على استعداد أن أنسَى ما مضى إن رجعتَ لي..

ثمانية عشر شهرًا كئيبًا مضت على فراقنا، غيّرتُ هاتفي، نسيتُ أن أنقل محادثاتنا، كذلك نسيت سبب فراقنا، وأصلّي لأنساك..

بعد مرور عامين على فراقنا لم أعد أهتمّ أو أتابع أوقات تواجدك، ظهر وباء جديد يدعى " كورونا"،  صرتُ أتابع أخباره وسرعة انتشاره، يبدو مثل وباء الإشاعات المغرضة، ينتشر بسرعة كبيرة، ويقتل بعض الأشخاص، لكنّه سينتهي حتمًا..

سمحتُ لنفسي أن تفرح، واعتذرتُ من أيامي الماضية، انتظرتكَ طويلًا،

انتظرت أن تتناسى، وترسل لي تحية الصباح، أن تتّصل، وتقول: آسف بالغلط!

أن تبادر بأيّ شيء يجعلني أغفر الغياب.. لكنك ساعدتني بعدم التنازل عن راحة روحي بفراقك، أصلّي ليشفى المرضى..

بعد عامين وعشرة أيام التقيت مصادفة بأحد أصدقائك، سألني عنك، شعرتُ أنّ سمعي تشتّت بالسؤال، فلم أعد أتذكّر سوى بعض ملامحك التي تشبه ملامح أربعين، ألم يقولوا: يخلق من الشبه أربعين؟

 

ذكرى لعيبي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم