صحيفة المثقف

تحليق بين أربعة جدران

يحيى السماويوأنا كشفتُ عن الجنونِ السومريِّ

فَشَبَّ في حَطبي الشبَقْ


 

وحـدي وظِـلّـي

بـيـن أربـعـةٍ ونـافـذةٍ تُـطِـلُّ عـلـى الـحـديـقـةِ

حـيـثُ لا شَـجَـرٌ ولا وردٌ ســوى

شــوكِ الـقـلـقْ

*

وحـقـيـبـةٍ فـيـهـا مـن الـكُــتُــبِ الـكـثـيـرُ

وبـعـضُ ألــبــســـةٍ مُـغَــلَّــفــةٍ ـ هـدايـا ـ والـقـلـيـلُ مـن الـعـطـورِ

وشَـمْـعَــدانٌ بـابـلـيٌّ  لـيـسَ أصـلـيَّـاً

ولـكـنَّ الـنـقـوشَ الـبـابـلـيـةَ لا أدَقْ

*

شــقَّ الـخـيـالُ طـريـقـهُ

فـوجَـدْتُـنـي مُـتـفَـيِّـئـاً أفـيـاءَ بـسـتـانِ الـحـبـيـبـةِ ..

جـاءنـي ظـبـيُ الـقـصـيـدةِ

فـافـتـرَشـتُ لـهُ ســريـراً مـن ورقْ

*

ونـصَـبـتُ مـائـدتـي  ..

شـربـتُ مـن الـنـدى كـأســاً

وأخـرى صَـبَّـهـا لـيْ مـن سُـلافـتِـهِ الـشــفَـقْ

*

فـثَـمـلـتُ ..

وابـتـدأ الـنـعـاسُ يُـشـاكِـسُ الأجـفـانَ

نـمـنـا عـاريَـيـنِ أنـا ومـولاتـي الـتـي دكّـتْ جـدارَ الـلـيـلِ

فـارتـحَـلَ الأرَقْ

*

نـمـنـا مـعـاً حَـدَقـاً وأجـفـانـاً

فـمـا  أدري أأجـفـانـاً أنـا أصـبـحـتُ

والـقـمَـرُ الـمُـشِـعُّ أنـوثـةً كـان الـحَـدَقْ؟

*

أمْ أنـنـي حَـدَقٌ تـشـعُّ صَـبـابـةً

رأتِ الـمـلاكَ الـسـومـريـةَ تـرتـدي ثـوبـاً أشَــفَّ مـن الــنـدى

تـمـشـي فـيَـتـبَـعُـهـا الـرصـيـفُ

ويـسـتـضـيءُ بـهـا الألـقْ؟

*

داجٍ كـبـئـرٍ كـان قـبـلَ مـجـيـئِـهـا الـبـسـتـانُ

لـكـنْ

حـيـنـمـا خَـلـعـتْ عـبـاءَتـهـا ائْــتـلَــقْ

*

كـشـفـتْ عـن الـشـمـسـيـنِ فـي الـعـيـنـيـنِ

والـيـاقـوتِ فـي الـشـفـتـيـنِ

والــقَــمَــريــنِ فـي الــنـهــديــنِ

والـقَـدّاحِ فـي الـسـاقـيـنِ  (**)

والــرَّيـحـانِ فـوق الـرُّكـبـتـيـنِ

وتـحـتَ سُــرَّتِـهـا الـحَـبَـقْ

*

وأنـا كـشـفـتُ عـن الـجـنـونِ الـسـومـريِّ

فَــشَــبَّ فـي حَــطــبــي الـشـبَـقْ

*

أطـلـقـتُ سـهـمـي نـحـو قـوسِ الـسـومـريـةِ

فــاخـتـرَقْ

*

تـفـاحـةَ الإثـمِ الـحَـلالِ بِـفِـقـهِ أوروكَ الـجـديـدةِ

حـيـثُ يـغـدو الـعِـشـقُ خـبـزاً

والـتـهـيُّـمُ مُـعـتـنـقْ

*

والـلـثـمُ مـاءً لـيـس أعـذبَ مـنـهُ فـي شـفـةِ الـظـمـيءِ

ولا أرَقْ

*

عَـبَـرَتْ بـيَ الـسـبـعَ الـطِـبـاقَ

وســافـرَتْ بـيْ فـي بـحـارٍ لـمْ يـزرهـا الـسـنـدبـادُ

ولـيـس يـنـجـو مـن زلازِلِ مـائِـهــا الـضَّـوئـيِّ

إلآ مَـنْ غَـرَقْ

*

حـتـى إذا كـفَّ الـحـصـانُ عـن الـصـهـيـلِ

نـهـضـتُ مـن نـومـي

أُلـمْـلِـمُ مـا تـبـقّـى فـي ســريـري

مـن رحـيـقِ زفـيـرِهـا

عـنـد الـغَـسَـقْ

*

لأعـودَ ثـانـيـةً أُفَـتِّـشُ فـي رمـادِ الـوقـتِ

عـن غُـصـنِ الـمـكـانِ بـنـارِ حَـيـرتِـهِ

احـتـرقْ

*

وحـدي وظِـلـي بـيـن أربـعـةٍ ونـافـذةٍ تُـطِـلُّ عـلـى الـحـديـقـةِ

حـيـثُ لا شَـجَـرٌ ولا وردٌ

سـوى زِقٍّ مـن الـشـوقِ الـمُـعَـتَّـقِ فـهْـوَ

مُـصـطـبـحـي  (***)

ودَنٍّ مـن هـديـلِ حـمـامـةِ الـقـلـبِ الـمُـخَـضَّـبِ بـالـتـبـتُّـلِ

مُـغـتَـبَـقْ

*

وحـقـيـبـةٍ أكـمـلـتُ مـن شــهـرَيـنِ شَــدَّ حِـزامِـهــا ..

مـا إنْ أراهـا

أسـتـعـيـذُ مـن الـرَّهَـقْ

***

يحيى السماوي

السماوة 26/3/2020

...............................

(*) من مجموعتي المعدة للنشر قريبا (التحليق بأجنحة من حجر)

(**) القداح: زهر الشجر قبل أن يتفتح فيغدو ورداً فثمارا، ويكون ذا رائحة شذية ومن أمثلته قداح البرتقال والتفاح والليمون .. والحبق: الريحان

(***) الزق: وعاء من الجلد يستخدم للشراب وغيره .

الدنّ: وعاء من الفخار يستخدم للخمر والخل وغيرهما  .

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم