صحيفة المثقف

كُن إنساناً

حسين حسن العنزيلقد كان سائداً لدى الجماعات البشرية في العصور القديمة وما زال الى يومنا هذا في مختلف الصراعات والحروب أن يتقابل السيف بالسيف والرمح بالرمح في جبهتين، وتصارع المحارب المتدرب على الحرب والقتل مع مثيله المحارب المدافع عن حقه وارضه ووجوده الذي اقحم في الحرب والعنف عنوة. فضلاً عن ذلك لم تكن فلسفة السلم جديدة او غائبة عن العقل البشري لكن لم يتح للبشر أو لأفكارهم في تلك العصور القديمة أمكانية وشروط موضوعية مناسبة كي تحدث تحولاً مفصلياً سلمياً في تاريخ مسيرة الشعوب. فوجدت هذه الشعوب نفسها قد أقحمت في ثقافة التنمر اليومي. حتى حدث شيء وتحول جديد في مجرى تطور وعي البشر حيث رفع المهاتما غاندي رايته الجديدة وهي فلسفة السلم أو المقاومة السلمية. فتقدمت الصدور العارية تتحدى بنادق الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.

أطلق غاندي عليها اسم (ستياغراها) أي اللاعنف لتكون عنواناً لفلسفته، كما وصفها في كتابه استقلال الهند ب (تقصي الحقيقة) وهذا معاكس وضد مبدأ (امتلاك الحقيقة والحق) السائد. فأن كنا ندعي نملك الحق او الحقيقة فأننا ننزعها بالقوة، وأن كنا نقرر البحث عن الحقيقة فنحن نريد الحق ونحاول ان نصل اليه. وهو الفعل الايجابي.

أذاً اللاعنف ليست دعوة للانهزام. إذ كيف يدعوك للانهزام من يُعلي من قيمتك كإنسان ويرى أنك أكرم من ان تستعمل الغطرسة والتهجم والعنف في منهج همجي في التعبير عن الإرادة وأنت كائن موجود أرقى من السلوك الهمجي. فأن العنف لا ينتج سوى مزيداً من العنف.

 

د. حسين حسن العنزي

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم