صحيفة المثقف

مفاوضات ام قسمة غرماء

طارق الكنانييبدو ان العاشر من حزيران سيترك اثرا كبيرا في سجل التاريخ العراقي ففي العام 2014 وبنفس التاريخ اجتاحت عصابات مسلحة تحت مسمى داعش واحتلت الموصل مدينة الرماح وكلفت العراق دماء زكية وثروات كبيرة تم الاستيلاء عليها وسُبيت العراقيات وبيعت في سوق النخاسة.. اذكر هذا للتاريخ وللأجيال التي ستأتي بعدنا لتقرأ ما حدث وتتجنب حدوثه .لقد اعلن الاكراد دولتهم الانفصالية ونادى رجالهم ونسائهم من الساسة وغير الساسة بأن العراق قبل العاشر من حزيران غيره بعد العاشر من حزيران ويبدو ان هذا التاريخ كان مصدر الهام للبرزاني ورهطه، لم يكتف الاكراد بهذا التصريح بل مزقوا العلم العراقي ووضعوه تحت احذيتهم، وحذا بعض قادة السنة حذوهم وفتحوا الابواب لداعش لتسيطر على مدن مثل الانبار وصلاح الدين وجزء كبير من ديالى وكركوك ...وقد كان ما كان مما لست اذكره وظن خيرا ولا تسأل عن الخبرِ.

اليوم هو العاشر من حزيران وهو موعد المفاوضات العراقية الامريكية حول اتفاقية الاطار الاستراتيجي المشترك، من يمثل العراق في هذه المفاوضات خليط غير متجانس حيث ان الكتل سمّت مرشحيها للوفد المفاوض فالأكراد والسنة والشيعة كل له مرشح يفاوض عنه وكل له مطالب سيتفاوض عليها، فالقضية لا تخص العراق من قريب او بعيد انما تخص المكونات .اذن فالوفد حزبي وليس حكومي بالمعنى الحقيقي ويمثل مكونات معينة من الشعب العراقي .

يبدو لي ان المفاوضات ستكون لكل طرف على حدة حيث سيؤمن الاكراد مطالبهم بما يحقق لهم عملية الانفصال وكسب التأييد الدولي لذلك، وسيفاوض السنّة بما يضمن لهم انشاء اقليم شبه مستقل عن ما تبقى من العراق ويحاولون ضمان الدعم الدولي لهم بذلك، واما الشيعة فقد اعلنوا عن مطالبهم وهي تنحصر بما يحقق امن الجارة ايران ومصالحها القومية فهم لا يشغلهم سوى هذا الهاجس فالجمهورية هي صاحبة الفضل في تكوين احزابهم ودعمها وهي من استضافتهم طيلة السنوات الماضية.

ان المشهد السياسي العراقي على شفا حفرة من الانهيار فمفاوضات مثل هذه ستكون بمثابة المسمار الاخير في نعش دولة كان اسمها العراق اذا ماجرت على هذا السيناريو وخصوصا اذا علمنا ان كبار المفاوضين ويمثلون رأس الحربة في هذه المفاوضات هم من حملة الجنسية الامريكية وان وزير الخارجية الذي سيرعى المفاوضات هو الانفصالي رقم واحد في العراق ووزير الخارجية وقد تم اختياره في هذا الوقت الحرج وقد اصر الاكراد على اعادة استيزاره خلال هذه الفترة لما يتمتع به من علاقات كبيرة مع الدوائر الصهيونية والامريكية فهو سيكون عراب الانفصال لامحالة .

مراجعة بسيطة للمفاوضات التي جرت سابقا والانسحاب الجزئي للقوات الامريكية من العراق وما تلاه من انهيار امني خير دليل على فشل المفاوض العراقي وعدم وضوح رؤيته واستشراقه المستقبلي ويدلل على عدم وجود أي خطط استراتيجية لبناء البلد كدولة واحدة متكاملة ترعى مصالح شعبها وتحقق امنها القومي وتبني اقتصادها على اسس حقيقية، وتحقق السيادة الكاملة للبلد بعيدا عن التبعية الدولية والاقليمية .

 

طارق الكناني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم