صحيفة المثقف

مرثية لغرقى البحر (1)

صالح البياتيالبحر

البحر

عن بعد يراودني

وأنا عن وجل أُحاذره

لا شيء سواه

يفتنني 

يسحرني

حين اراه

*

الموجة

في أحشاء البحر

طفلةً

لم تزل نائمة

يقبلها النورس الطائر

خطفاً بجناحيه

فتستيقظُ 

*

البحر

حبر الله الأبدي 

سِفرممتد

رحبٌ

ندي القلب

كريمٌ .. أبٌ

اللية.. اليك

جاءت دُنيا

زائرة

فتاة

ذات التسعِ بتلات

بثياب بيضاء

وضفيرة شعر سوداء

وبوجه راب

كزبد الموج

*

تبكي دُنيا الصارية

وأبكي معها

جذاذاتُ بقايا أشرعتي    

مُزقاً بإنياب العاصفة

*

يستوطن فيَّ البحر

منذ رأيته

ينام  في أحلامي

يستيقظ

أغاني بحار بصري

تباريح هوى عذري

صخب نوارس عائدة

بروق في الليل تزنر

أرصفة مرافئٍ خضر

*

فكان الفجر

وكانت دُنيا فيه

قطرة عطر

في قارورة حزن

او كانت

قطرة مطر ناعسة

مائجة بفضة بحر

*

ضحكتها نهارات وردية

قرطيها أقمار درية

جاءتك الليلة

يا بحرُ، فإستقبلها

املأُ عينيها حبات اللؤلؤ

وأسكب مرجاناً بيديها

*

يا بحرٌ من ماس

سفر عذابات

ومآسٍ

استودعها الله

بين يديك

يا بحر من  ديجور

حتى يأتي الوعد

وتأتي كلمات الله التامات

فتنكشف عن نور ونشور

*

أصابع يديها تغدو

أقلاما، أقواساً

وشغاف قلبها

قرطاساً

يوم يُسجر ماءك

ناراً ونحاساً

ويخرج امواتك

احياءً

***

صالح البياتي

............................

دُنيا، طفلة عراقية

غرقت مع امها، وثلاث اخوات، وثلاثمائة آخرين، بينهم أطفال، هم ضحايا تجار تهريب البشر، على قوارب متهالكة، ابحروا من اندونيسيا، متجهين الى استراليا لطلب اللجوء، لم ينجو منهم سوى عدد قليل. وقع الحادث في العام 2002. وقد استوحيت النص من هذه المآساة الإنسانية المروعة.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم