صحيفة المثقف

في معنى ثقافة الذوق

عقيل العبودنقول فلان صاحب ذوق رفيع، أي أنه صاحب وعي، ورفعة، واخلاق.

والذوق مقولة ترتبط بنظام الحس، والإدراك، وهو مقياس للتعامل مع القيم، والحقائق الجمالية للموضوعات المرتبطة بحياة الإنسان، من حيث الفعل، والتفاعل، والإنفعال.

ما يفرض نمطاً من الإلتزامات، من خلاله يتحقق المبدأ. والمبدأ هنا نظام سلوكي تفرضه القيم الأخلاقية الواعية والمؤثرة للعقل المدرك.

وهنالك ذوق فني، وثقافي، ومعرفي، وأخلاقي، في التعامل مع الفضاء الخارجي، والداخلي للأشياء، والموضوعات ذلك بحسب مساحة الذوق.

اما الذوق الفني فهو مرتبط بمساحة القدرة الادراكية والمعرفية على تمييز واستقراء التفاصيل الدقيقة للموضوعات الفنية كالرسم، والنحت، والزخرفة، والخط والموسيقى، وجمال الطبيعة بما في ذلك امتداد الأشجار وزرقة السماء وحركة الأمواج، وجميع مفردات الهرم الفيزيائي للموضوعات.

والإحساس الجمالي بحقائق هذه المسميات يحقق اعلى درجات الانسجام والغبطة، ما يعد نتاجاً للذائقة الحسية الإدراكية للإنسان.

والذوق الأخلاقي هو حلقة مرتبطة بالذوق المعرفي والفني للنفس، فالحفاظ على جمال الزهرة والتمتع بخفة الفراشات، وامتداد الأشجار، وموضوع الشروق والغروب، وتوزع الأمواج، والبحث عن طريقة لحماية الطبيعة من الكوارث هو جزء من سلسلة التفاعل الأخلاقي والمعرفي مع المفاهيم الجمالية لتلك المفردات.

والذوق درجات تشبه السلم الموسيقي من حيث الإرتفاع والإنخفاض، وهذه الدرجات ترتبط مع بعضها البعض نفسيا، وتاريخيا، وبايولوجيا، حيث ان نفس الإنسان عبارة عن صورة لطبيعته الحسية والتاريخية والبايولوجية كونها تخضع لمؤثرات الجوانب الصحية والعقلية، والإجتماعية.

والنقطة الجوهرية في الموضوع هو ان الإنسان، صاحب عقل به يمتلك القدرة على الأحكام، والمسميات، وبه يرتقي لفهم طبيعة التفاعل البشري، ليس مع المعاني ومدلولاتها فحسب، بل مع أنماط الاتجاهات الفكرية والثقافية والفطرية لهذه المعاني.

وهذا الموضوع يمكن الاستفادة منه الآن في تفكيك أواصر العلاقات الإنسانية للمجتمعات وتحليلها، والوقوف على الجوانب النفسية لها سلبا، أوايجابا.

ولهذا فإن السعي لفهم مقولة الذوق، يعد بحثا نفسيا سايكولوجيا يمكن الاعتماد عليه في تقييم سلوك المجتمعات وثقافاتها.

والإعلام والوعي الثقافي الملتزم يلعب دورا في إعادة وتوجيه الهرم الحسي لثقافة الذوق.

 

عقيل العبود

ماجستير فلسفة وعلم الأديان/ باحث اجتماعي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم