صحيفة المثقف

مِقَصُّ أبي

سعد ياسين يوسفمُذْ أمسكَ بمِقَصِّ حياتهِ

الذي كادَ أنْ يُطبقَ على غُصنه ِ

وهو يقصُّ لنا قَصَصَ التكوينِ

لنغفوَ قبلَ الموقدِ

نَحلُم بالبحرِ المنشقِّ ،

بالرُّطبِ المتساقطِ .

يتفقدُ عَنَّا الجمرَ، الأغطية َ

سقفَ الغرفةِ لو أثقلهُ مزاحُ المطرِ ....

يقايضُ بردَنا بسِترتهِ ...

حينَ يشحُّ غِطاءُ الدفءِ

وعندَ الفجرِ ...

يَعرُجُ صوبَ الشَّمسِ

ليقصَّ  لنا ...

من ثوبِها الذهبي أرغفةً

ويَعدَّ الأقراصَ  العشرةَ

كَي لا ينسى أحداً  مِنا ،

وكثيراً ما كانَ ... ينسى  نفسَه .!!!

بمِقَصِّ اللهفةِ ...

قصَّ خيوطَ  ظِلالِ الحزنِ ،

وشذَّبَ كفلاحٍ ماهر

أغصانَ السَّنواتِ لتعلو

هالةُ ضّوءٍ تتبعهُ.

***

وحينَ نمدُّ بأبصارِ الدهشةِ

إلى بنتِ الجيرانِ وهي تُكسّر فوقَ السطحِ

سيقانَ مِقَصّاتِ الرَّغبةِ ...

أو نُعلي ضحكاتِنا السافرةَ

لتعبرَ جدرانَ البيتِ

كنا نسمعُ زمجرةَ مِقَصهِ .

علّمنا كيفَ نقصُّ نتوءَ اللّغةِ

كَي لا يجرحَ جسدَ المعنى

وهوَ يعانقُ جسداً آخرَ...

وكيفَ نَقصُّ ...

تَحدّبَ جدرانِ الظُلمةِ

نفتحُ فيها شبّاكاً يغمرُنا بالنُّورِ

وهو يرددُ " مَنْ يتهيَّب ...."*

نقرضُ بيتَ الأزرارِ ...

ونُغلقُها حدَّ العنقِ

كي لا نفشي سرَّ الحزنِ

وتنفلتَ طيورُالشكوى لحقولٍ أخرى

وحينَ دعاهُ النُّورُ مشى نحوه

مشَّطَ شعرَهُ وتفقدَّ هندامَهُ،

تبسَّم للمرآةِ ....

وقصَّ آخرَ حبلٍ أنهكهُ

وعَلَا .....!!!

***  

د. سعد ياسين يوسف

.....................

* وَمَنْ يتهيَّب صُعُودَ الجِبَـالِ         يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر

إشارة الي قصيدة إرادة الحياة لأبي القاسم الشابي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم