صحيفة المثقف

الطائر حرٌ

لمحات ومشاهد تسجيلية عن العراق وانتفاضة تشرين

كادت انتفاضة تشرين ان تتوقف بسبب كورونا وحظر التجول، ولكنها تعود بين حين واخر كلما يخفف حظر التجول الى ساحة التحرير ومدن وسط وجنوب العراق . ولكنها اعطت دفقا للعاطلين للتعيين او السعي للحصول على اعمال وتعويضات باءت بالفشل ولكنها مستمرة وسميويه ..

1

حين خرجت في الصباح ، وجدت الطيور غير عابئة، بعضها تنقي ريشها  ليكن اكثر لمعانا مع اشعة الشمس الخفيفة في الصباح، وبعضها تنظر الى الافق غير مبالية لا تعنيها الشوارع الفارغة والمحلات المغلقة  والمقاهي الفارغة من الرواد والزبائن الذين دائما ما تزدحم بهم الارصفة والمظلات وارصفة الشوارع المتفرعة بكل الاتجاهات .

كم تمنى الانسان ان يكون طائرا يحلق في فضاءات بعيدة عن الضوضاء والفوضى .واصبحت اكثر فهما لماذا يصر بعض البشر على احلام مستحيلة لا تتحقق مطلقا .

حلق ابعد من المسافة التي يمكن ان تحمل الطائر بعيدا عن بؤر كورونا او النفايات والاوساخ التي يخلفها البشر في كل مكان يرتادونه على الارصفة وامام المحلات المغلقة قسرا ان مروا بها والثرثرات وما تحمله من مداهنات ليست عفوية وبريئة . عالم لم يكن ليقبل به طائر حر يمكنه ان يذهب بعيدا عن كل ما يعكر صفوه وينظف جناحيه في اعلى نقطة يمكن ان يصل اليها عاليا فوق سطح الارض .

الارض التي لوثها البشر بجنونهم ونهمهم الازلي .

هل كورونا من صنع البشر؟ قد يكون ضاق ذرعا بجنون من يحلم بالطيران بدون اجنحة وقوادم وقوائم يمكن ان تحط على الارض بهدوء وتلامسها بلين بدغدغات كايقاعات خافتة نسمعها ونراها بالحركة وايماءات الطيور .  

يعجز عنها الحالمون . كورونا التي لا نراها ونعرف بانها قد تكون كامنة او مختبة قربنا

او خلفنا او امامنا او في اي مكان لا يخطر لنا على بال

تترصد

المارقين وغير المارقين

في كل مكان .

...

الطائر حرٌ .

الطائر لا يخاف كورونا ، ولا يخاف كوفيد19

مطمئن في الشوارع شبه الفارغة والارصفة المقفرة او باعلى البنايات العالية او على اسطح المنازل التي ما زالت نائمة .

2

تلاشت الحركة بساحة التحرير سوى خيم المعتصمين الملونة التي تضفي على الساحة حيوية متجددة منذ ان دخل حظر التجول الساحة ليصل الى اطراف بغداد ويتمدد الى مدن الشمال والجنوب ويفرض نفسه على الجميع سوى فراشات بيضاء متعبة تتنقل هنا وهناك .

شارع امانة بغداد مقفر هو الاخر، تسرح فيه الطيور الاليفة دون ان تشعر بالاستفزاز، تحلق على مسافات واطئة لا تميز من بعيد ان كانت تلامس الارض اثناء طيرانها ام تعاند بأجنحتها وترتفع عن الارض مسافة  قليلة وتكاد تلامسها .

لكنها مطمئنة لا تشعر بالخوف كأن الشوارع والساحات افرغت لها وحدها فتعدو فيها وتطير وتمارس فرحا لا يعرفه الانسان .

وتصدر عنها حركات واصوات واشارات تشبه حركات واصوات واشارات العشاق حين يكونوا بعيدا عن العيون المتلصصة والحاسدة، تضمر الكراهية للحياة والشباب ..

بدون عقد او خوف .

الطيور المرحة، تخاف وتنجفل من البشر، مجرد ان يقتربوا منها،

لا تخاف من كورونا او وباء كوفيد19 ومن الفيروسات والاوبئة .

3

تختفي في الليل وتعود في الصباح الباكر، قبل ان نستفيق من النوم

الى طقوسها في الشوارع وامام المقاهي المغلقة وفي الساحات الفارغة .

*** 

قيس ال ابراهيم العذاري

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم