صحيفة المثقف

الرياضة صحة الأبدان والنقد صحة الأذهان

قاسم المحبشيكما تتراكم الشحوم والسموم واللحوم في جسم الإنسان مع مرور الأيام فكذلك تتراكم الخطأ والأوهام والأوساخ والطحالب والفطريات في جسم البنية الاجتماعية مع مرور التاريخ.وإذا تركت بدون نقد دائم وفلترة مستمرة تتحول إلى أمراض مستعصية وكوارث متلتلة وهذا هو ما ما تعيشه مجتمعاتنا العربية الإسلامية اليوم في زمن العولمة وانكماش الزمان والمكان. والنقد سنة الحياة والتاريخ والإنسان ولا تقدم ولا تطور ولا إرتقاء الا بالنقد والنقد الدائم المستمر والتقييم اليومي لافعالنا وممارساتنا ونجاحاتنا واخطائنا وزلاتنا وهفواتنا وزلاتنا واخطأنا التي تلازمنا ملازمة الظل منذ بداية كينونتنا التاريخية على هذا الكوكبة حتى يرث الله الأرض وما عليها! إذ أن الناس خطائيين ولا سبيل لتجاوز الاخطاء ابدا وكل ما نستطيعه بازاءها هو الحد من مخاطرها المهلكة بالنقد والنقد اليقظ على الدوام، ولا بديل للناس ان ارادوا العيش بشيء من الرشد والسداد لابديل لهم من النقد نقد ذواتهم، نقد الذات الفردية والجمعية نقد تاريخ الذات ونقد المجتمع ونقد الحياة ونقد كل شيء يتصل بحياتهم على هذه الكوكب الدوار،وعلى من يريد العيش بثقة وأمان أن يشرّع كل النوافذ والأبواب للنقد كما يشرّعها للهواء الطلق، فمن هو ذا الذي يستطيع الجزم بانه لا يحتاج الى النقد كما يحتاج الى الاكسجين ؟! غير أن ثمة فرق بين النقد بغرض الاصلاح والبناء والنقد بنية الهدم والتشفي، وكم هي حاجتنا ماسة الى ثقافة النقد الصحي السليم ؟ في بيئة ادمنت المديح والهجاء والغيبة والنميمة والتخويف والتخريف والتملق والنفاق والكذب والتزوير واللامبالة والصمت تجاه الاخطاء المستفحلة التي تتحول مع مرور الزمن الى كوارث محدقة وامراض مستعصية كما يشهد تاريخنا القديم والوسيط والمعاصر . وحينما تسود ثقافة وقيم النقد العقلاني الانساني تختفي ثقافة العنف وقيمها الخطيرة التي منها : انعدام الثقة والتوجس الدائم والخوف والعداوات والكره والغل والهلوسات المرضية وكل الشرور الاجتماعية . فقد أكون أنا على خطأ وقد تكون أنت على صواب وبالنقد العقلاني والانتقاد الرشيد والتقييم المتسامح وتبادل الراي ربما نقترب من الحقيقة المحتملة على الدوام . سلام.

 

أ. د. قاسم المحبشي

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم