صحيفة المثقف

دمعتْ عيونُ النخل

عبد الفتاح المطلبيإلى: الأديب الدكتور أحمد فاضل فرهود


 دَمِعَتْ عُيونُ النَّخـلِ فابتلّ الثرَى

من لوعةٍ فيهِ على مـــا قد جرى

 

وبَكَتْ مواويلُ الحمـــام فأترعتْ

كأسي حنيناً كـــي أعبَّ وأسكرا

 

ولقد تمكنَ مـن فـــــؤادي شوقُهُ

فأباحَ للعينينِ دمعـــــــــاً مُعسِرا

 

يا عينُ هذا يومُ  طوْفـانِ الجَوى

فدعيهِ يصنعْ من غيــاثِك  أنهُرا

 

حزنا على ما آلَ من أمرِ الهوى

والذكريات إذا تعــــود القهقرى

 

وعلى الليالي الماضيــات كأنها

أضغاثُ أحلامٍ بأطيــافِ الكرى

 

ذهبَ الزمانُ ولن يعــودَ قطارُهُ

فبأيِّ عــذرٍتســـــــــتعيذ لتُعذَرا

 

أيُلامُ لو بثَّ الحَمـــــامُ شــجونَهُ

وأثارَ مُندمَلَ الجـراحِ وما درى

 

لا لومَ فالأيّــــــــــامُ هذا طبعُها

مازال جرح الأمسِ ينزفُ أحمرا

 

إن الجراحَ إذا تقـــــــادمَ عهدُها

تشفى وبعضٌ قـد غفا أو قد برا

 

هوّنْ على قلبِ العميـــدِ شجونَهُ

كاد الفؤاد بوجــــــــدهِ أن يكفرا

 

طارتْ طيور الشـوقِ ذاتَ تولّهٍ

فرأتْ غرانيقُ الهـوى مالا يُرى

 

رأتِ الرَّواءَ بقعرِ بئــرٍ فانبرتْ

تشكو بأن الدلوَ مكسـورُ العُرى

 

رأت الخيــــالَ مُحَلّقاً في غيمةٍ

لا شيءَ فيها غيــرَ قَطرٍ يُفترى

 

ورأتْ عيوناً مــــــاؤها متفجّرٌ

وعلى خدود الغيدِ تصفو كوثرا

 

وتشفُّ مثلَ زجــــــــاجةٍ لكنّها

عمياءَ في وقت الظهيرةِ لا ترى

 

حتى إذا سكنَ الصدى حلقومَها

صارالسرابُ غديرَماءٍ بالسُرى

 

فمتى سَقى آلٌ صديــــــــّاً آيلاً

للموت وهو كما ترى لن يصبرا

 

كسَدَ الزمانُ وصـــارَشيئاً بائراً

فعجبتُ كيفَ يُباعُ مالا يُشترى

 

وتعلّمتْ أن تســــــــــتبد لمرةٍ

فالعجزُ أن لا تســـتبدَّ فتخسرا

 

ورأت ثمارالوجدِ في أغصانها

فأباحتِ المحذورِفي تلك القرى

 

وتداركت طيرانَها حتـى غدتْ

سرباً يُحلّقُ فـي الأعالي مُبهرا

 

وكأنما يطوي الســماءَ جناحُها

كيما تكون هناك من دون الورى

 

ولربما تأتي الأمـــــــاني بغتةً

فلعلّ (كلّ الصيدِ في جوفِ الفرا)*

***

عبد الفتاح المطلبي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم