صحيفة المثقف

اليقين والمتساهل فيه بين دكتور صالح الطائي وأم خلف

موسى فرجفي مقالته التي شرفني بها الباحث والمفكر الإسلامي الدكتور صالح الطائي استأثرت باهتمامي فقرة جاء فيها الآتي:

"كنا زميلان نكتب ونتحاور على صفحات صحيفة المثقف الغراء التي يرأس تحريرها المفكر الأستاذ ماجد الغرباوي؛ في موقعها الإلكتروني. والذي يعرف صحيفة المثقف على حقيقتها؛ يعرف أن الذين يتواجدون على صفحاتها يشكلون على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم فريقا فكريا متجانسا في نزعته الإنسانية وحبه للخير والصلاح والإصلاح، ومختلفا في طرق الرؤى والتفكير عن بعضه، لكن النقيضان يجتمعان في ولائهما الصادق للعراق والإنسانية جمعاء، هذان المتناقضان: التشابه والاختلاف كلاهما نجحا من خلال اتفاقهما المبدئي الإنساني في العمل سوية من أجل صالح الإنسان في إنتاج عنصرٍ فكريٍ مثقفٍ واعٍ ملتزمٍ؛ مثلما اجتمع الأوكسجين والهيدروجين لينتجا من لقائهما الماء سر الحياة وديمومتها.".

هذه الفقرة حفزتني لأن أكتب عن قضية اليقين والمتساهل فيه في الفكر الجمعي لسواد الناس في عراقنا النابض بالاختلاف والطيبة في آن معاً...

قبل يومين خابرني أخ عزيز وهو معد لبرنامج في احدى الفضائيات العراقية لاستضافتي في احدى حلقات البرنامج ألقيت نظرة على عدد من حلقات البرنامج السابقة على اليوتيوب حقيقة أعجبتني الطريقة فمقدمة البرنامج الجميلة جداً والمحترمة للغاية تستخدم أثناء حديثها مع الضيف عدة أقنعة ترفعها قبالة وجهها وتناقشه بوصفها صاحب القناع الذي ترفعه ومن بين تلك الأقنعة قناع عليه صورة الضيف نفسه فتقول له بلسان القناع الذي يحمل صورته هو: هل أنت راض عن نفسك وما قدمت...؟

صادف إن الضيف في احدى الحلقات كان قد شغل منصب وزير أعتقد في حكومة السيد العبادي وهو حالياً عضو مجلس نواب وطبعاً ذو توجه إسلامي فقال لها عند حديثه عن أهمية التوقيت: الشخص عندما يقف على عرفات ليلة التاسع على العاشر يكون قد أدى مناسك الحج وغفر الله له ما تقدم وما تأخر من ذنوب لكن لو جاء في وقت آخر فإن جبل عرفه لا يعني أكثر من صخرة عالية لا يفيد ركوبها في شيء ولا يغفر ذنباً...وهو أي الضيف لا يدري إن كان الله راضٍ عنه أم غير راضٍ... جواب الضيف ذكرني بـ أم خلف والعزيز سعدون محسن ضمد...

أم خلف معمرة عراقية كانت أرملة شيخ وأم لشيخ عشيرة كبيرة من أصقاع ريف العماره في جنوب العراق الأمر الذي جعل منها شديدة المراس ومعتدة بنفسها أكثر من اللازم وكانت مولعة بتدخين الأركيلة "الغرشه" وفي نفس الوقت كانت علمانية التوجه والمعتقد... في أحد الأيام كانت تتمدد في "مكسر" المضيف عصراً تتكأ على كوعها الرهيف وهو ينغرس في مخدتها العالية تسحب نفساً عميقاً من غرشتها حاول أحدهم مشاكستها فقال لها: قد بلغت التسعين يا أم خلف وأنت لم تطوفي حول الكعبة ولا صليت النوافل أما آن الأوان لتفكري بالجنة...؟ فكان جوابها قاطعا وسريعاً وهي تنفث دخان الغرشة في وجهه: هَّوْ...! أكو واحد يمنعني من الجنه وآنا أم خلف...؟ والله أروح أنصب غرشتي وأكَعد هناك وأريد أشوف منهو يمنعني...

هذا اليقين عند أم خلف مرده السطوة التي تتمتع بها في عشيرتها كونها أرملة شيخ وأم شيخ وتقول للشيء كن فيكون وتعتقد إن سلطتها تسري على الجميع ولا فرق بين أبناء قريتها وسدنة الجنة ...سعدون محسن ضمد قبل أيام وفي حلقته الأخيرة من برنامجه "المراجعات" والذي بات معروفاً على نطاق واسع بسبب تلك الحلقة التي كان ضيفه فيها المجتهد كمال الحيدري قال له الحيدري: إن بعض فقهاء السنة يعتقدون إن استخلاف الخليفتين "أبو بكر وعمر" ضرورة دينية ومن أنكر ضرورة من ضروريات الدين فهو فاسق بل أكثر من ذلك مشرك وكافر وحكمه القتل، وقال أيضاً إن بعض فقهاء الشيعة يقولون: إن الإمامة أصل من أصول الدين ومن أنكر أصل من أصول الدين يكون كافر ضال مستحق للخلود في النار، بل أكثر من ذلك فهم يكفرون حتى فئات من الطائفة الشيعية وهم كل الشيعة من غير الاثنا عشرية، ومن بينهم طبعاً البهره الذين يحولون مصوغات نسائهم لإكساء عدد غير قليل من مراقد الشيعة ولا يعلمون انهم غير معترف بهم باعتبارهم يعتقدون بإمامة من قضى قتلاً من الأئمة فقط دون غيرهم ولزيادة اليقينية في حديثه قال الحيدري: وأقول ذلك بضرس قاطع...

ليش ما تكَب الكَناره على الحيدري وعلى سعدون محسن ضمد... شلون تكشف تكفير المسلمين بعضهم...؟ صاح سعدون: يابه مو آنا كَلت، الحيدري كَال...كَالوله أنت واحد من حملة ترامب واحتمال ابن أختها لإيفانكا...الحيدري من ذلك اليوم ما عرفنا عنه شي واحتمال هسا يصوروله فيديوات ...يصيح عمي هاي كتبكم وإذا أنتم فعلاً حريصين على اللحمه اعتبروها ناسخ ومنسوخ وكَولوا يحرم تكفير المسلم للمسلم لأسباب عقائديه خارج نطاق القرآن الكريم ...

آنا لا أنكر حق الشيخين ولا أنكر الإمامه وأعرف أن الوقوف على عرفه لا ينظف ما تقدم وما تأخر من ذنوبي إنما يكون ذلك وفقاً لخوارزمية تقوم على أساس تراكمي مؤداه: من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره...

بس أكَول حلال الله معروف وحرامه معروف وأنتم تكَولون 95% من أحكام الدين تتعلق بالمعاملات و5% تتعلق بالعبادات وآنا من ناحية المعاملات لا قاتل ولا سارق ولا فاسد ولا مفسد في الأرض كَول أحصل على نص الدرجه يعني 47،5% ومن العبادات كَول أحصل على 1،5% يصير 49% أعوّز درجه واحده حتى أنصب غرشتي وأكَعد ويا أم خلف... معقوله رحمته التي وسعت الأرض والسماء ما أحصل منها على درجه وحده...؟

دكتور صالح الطائي وأنا وبقية الفريق حوارنا على هذا المنوال في صحيفة المثقف وبدل ما ننظر للنصف التكفيري من الكأس ننظر للمليان هذا ما يقصده أخي وصديقي الفاضل دكتور صالح الطائي في مقالته التي شرفني بها ...فمرحى لأخي وصديقي أبو أيمن الفاضل ولكل الذين ينظرون لنصف الكأس المليان بدلاً من النصف الإقصائي لرحمة الله ...

 

موسى فرج

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم