صحيفة المثقف

لحظة اللذة الصهيونية..

احمد عزت سليمكراهية وعنف وإستيطان وإحلال وإبادة ومحو

يصير لاهوت العنصرية "الإسرائيلية" خروجاً عن حركة الزمن والتاريخ البشرى بما تدعيه من صفات نادرة تخرجه عن أنماط السلوك الإنسانى الطبيعى، والانحراف عن المألوف البشرى ليصير لحظة شذوذ عقلية وعضوية تؤدى ممارستها إلى لحظة اللذة المرتجاة التى ينتعش بها الوجود البيولوجى الحتمى لليهود. ففى قصيدة يعبر الصهيونى شاؤول تشرنحوفسكى عن لاهوت العنصرية "الإسرائيلية":

نرضع من أنهار الدم رشفة رشفة

قطرة قطر

نسكر من الحزن ونسكر من الآهات

حتى تراهم عيناى يرتجفون

وفى أخرى يكمل الصورة:

وأجعل سيفى يشرب فخورا من دمهم

وستستحم خطواتى فى دماء الصرعى

وتدوس قدماى على شعر رءوسهم

سأقطع من يمين وأحصد من شمال

فقد اشتعل غضبى وصار جحيماً

لقد ضايقنى كثيرون ولكننى لن

يبقى أحد بعد المذبحة

نعم سوف أفنيهم حقا .

أو كما قال الأديب الصهيونى الإسرائيلي حانوخ يرخوف : " إن التغيير هو أننا نعرف كيف نقتل " ويقول بياليك فى قصيدته سفر النيران على لسان اليهودى الذى يحمل رسالة الحقد والكراهية، والذى تترد على لسانه أغنية الانتقام :

من مهاوى الهلاك ارفعوا إلى نشيد الخراب

أسود كفحم قلوبهم المحروقة

احملوه إلى الأمم وانتشروا بين من غضب الله عليهم

وصبوا جمراته فوق رؤوسهم

وازرعوا به الخراب والدمار فى حقولهم

وليفعل كل منكم ذلك فى جهات الأرض الأربع

فإذا مرت ظلالكم فوق زنابق جناتهم

اسودت الزنابق وماتت

وإذا وقعت أعينكم على رخامهم وتماثيل متاحفهم

تكسر الرخام وتحطم المتاحف وتحطم الخوف

وليأخذوا معكم ضحكة مرة كالعلقم

ضحكة قاسية تنشرون بها الموت. (الشخصية اليهودية: رشاد عبدالله الشامى، عالم المعرفة، الكويت)

هكذا تتحقق لحظة اللذة فى الكراهية والعنف والاستيطان والإحلال والإبادة والمحو، كبرنامج إلهى يعاقب به الرب والشعب الشعوب الأخرى ويتأكد به اختياره ويتأكد به صفاء ونقاء وبقاء ووجود " يسرائيل التوراة " وثباتها وخلودها وأبديتها وسماويتها واستعلائها العنصرى والذى ينعكس فى العديد من التعبيرات التى تعكس الإيمان الحقيقى لدى اليهودى بحقارة أمم العالم مثل " جوى"  الذى يشار بها إلى الشخص غير اليهودى وتعنى القذارة المادية والروحية والكفر، و عاريل" ومعناها " الآقلف " أى غير المختتن الذى يبقى بدائياً فطرياً فيظل قذراً وكافراً فى آن واحد، وكانوا يطلقونها على المسيحيين لعدم شيوع الختان بينهم،  و"ممزير" أى ابن الزنا وهى تدل فى أسفار العهد القديم على الشعب المختلط الأنساب وقد خصصها اليهود للمسلم، نسبة إلى ما يعتقدونه من أن إسماعيل أبو العرب ولد من هاجر التى تعتبر فى نظرهم جارية أو أجنبية ".

وقد اختزل فى هذا الوجود التاريخى الربانى المزعوم التنوع العرقى الضخم للجماعات اليهودية والأفراد اليهود والذى ينتج عنه بالضرورة اختلافا على المستوى الثقافى الإثنى فيما بينهم كحقيقة قائمة وتفند كل مزاعم التوحد والتفرد والتميز، وتتبدى فى العلاقات بين الإشكناز والسفارديم وسائر الطبقات السلالية البيضاء والسوداء، والشمال والجنوب والشرق والغرب، قديماً وحديثاً، وتصبح فيه العقيدة اليهودية فى ذاتها وصفتها وطبيعتها " تركيب جيولوجى تراكمى يحوى بداخله طبقات عقيدية مختلفة ومتناقضة، وبعضها يقترب من الشرك الصريح وبعضها يصل إلى التوحد الكامل وهذه الطبقات جميعها جزء من اليهود " كما أوضح العلامة الراحل عبد الوهاب المسيرى، وهذا يكشف عمق عدم التجانس ويكشف التناقض الداخلى الحاد الذى تتسم به اليهودية كنسق دينى تم استيعابه فى الحركة الصهيونية أو حل على الأصح كل منهما فى الآخر، والعهد القديم ذاته " تكون من تراكم مصادر مختلفة لكل رؤيته ومصالحه ولكل أسلوبه ولغته وعقيدته ولكل مؤلفه ومصطلحه " وكذلك التلمود والقبالاة، وقد اكتسبت الحركة الصهيونية من هذا الاستيعاب والحلول وجودها لتصير أداة تنفيذية من أدوات الرب التى يستعملها شعبه لتركيع الشعوب الأخرى، وتصير بذلك المنهج العملى المقدس لتنفيذ الحركة الاستعمارية الاستيطانية الإحلالية . ويصف فرويد " إدعاء اليهود بأنهم شعب الله المختار بأنه خرافة مطبقة ويقرر أن تلك الحالة لا نظير لها على الإطلاق فى تاريخ العقائد الدينية، ففى الحالات الأخرى يندمج "الشعب" ومعبوده اندماجاً تاماً منذ البداية، وفى حالات أخرى يتحول الشعب إلى عبادة معبود أخر، أى يختار الناس معبودهم، ولم يحدث قط أن اختار الرب عابديه وقد أخذ اليهود عن المصريين فى إطار هذا  الاختيار الإلهى عادتين كانوا يتميزون بها، ونسبهما اليهود لأنفسهم كعهد بينهم وبين الرب، وهما عادة الختان وتحريم تناول لحم الخنزير "، أما فولتير فيقوله: " إنك لتجد فيهم مجرد شعب جاهل ومتوحش زاول لمدة طويلة أخس أنواع البخل وأبغض أنواع الخرافات،  ويحمل كراهية لا تعادلها كراهية لكافة الشعوب التى تسامحت معه وكانت سببا فى ثرائه " .

 

أحمد عزت سليم

عضو إتحاد كتاب مصر

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم