صحيفة المثقف

العوالم التقنية الجديدة

ملحق: البناء على النظائر"3"

ليس لدينا في الدول العربية نظائر لهذه الورشات او دور النشر التي تعتمد اصداراتها على الطباعة الورقية والرقمية ودور النشر في الدول العربية ليس لها جمهور اصلا وتعتمد على معارض الكتب والبيع للمكتبات العامة والخاصة . ووضع اسس جديدة ليس مستحيلا من خلال ما يمكن ان نسميه : "البناء على النظائر" وامامنا برامج واضحة لدور النشر العالمية يمكن البناء عليها "كنظائر" او كدليل عمل وبرامج قابلة للتنفيذ .

أرسل لي احد الاصدقاء فيديو لمحاضرة للكاتب والروائي الفلسطيني الياس خوري تعود الى العام 2017 م لنشرها ظنا منه بانني مازلت اشرف على تحرير وادارة موقع : "الندوى" تأسس العام 2007م ليس لديه معلومة ان الموقع توقف عن البث قبل هذا التاريخ 2017م . كانت المحاضرة حول الرواية لا تختلف كثيرا عن الامسيات الادبية والثقافية المتخصصة التي تقام في الجامعات والمعاهد او تلك التي تتبناها اتحادات الادباء في الدول العربية وتتعلق في الغالب بتجربة الروائي الذاتية . ولكن على شكل ورشة ليس لها علاقة بالعالم الرقمي وتقنياته سواء على المستوى الدعائي او النشر التقليدي "الورقي" او الرقمي "المستحدث" .

والورشات الروائية التي اشرت اليها للروائية هدى بركات والكاتب والروائي الفلسطيني الياس خوري ليس لها علاقة كذلك بالعالم الرقمي اواصدارات دور النشر العالمية وتعليماتها التقنية والابداعية المتعلقة باصداراتها . وتدور عنها مقالات وبحوث كتابي : "الصحافة والمعلوماتية .

لدى وزارات الثقافة واتحادات الكتاب والادباء العرب امكانية تطوير ورشة الروائية هدى بركات وكذلك ورشة الكاتب والروائي الياس خوري او البناء عليهما ، بواسطة ادخال التقنيات الجديدة على عملها وتخليصها من الانماط التقليدية التس تسير عليه الورشات والمحاضرات والامسيات الثقافية والادبية في الدول العربية .

وتعتبر تلك الخطوة ان تمت جزء من تحرير الثقافة من الاساليب القديمة والاستفادة مما تنتجه الجامعات والمعاهد حول الشؤون الثقافية والفنون . علما ان الابداع يدرس باغلب الجامعات المتخصصة بعلوم وتاريخ الادب . بينما جامعاتنا ومعاهدنا تجتر الاسالب القديمة والكلاسيكية التي هجرها حتى الكتاب والمؤلفين العرب . وتجهل التقنيات الجديدة المتعلقة باساليب الكتابة وتقنيات النشر الرقمي الذي يفوق النشر الورقي باضعاف لا حد لها اضافة الى الارشفة الرقمية او الالكترونية التي حلت محل اساليب الارشفة الورقية والرمزية الكلاسيكية البطيئة وعديمة الجدوى .

ويعتمد ذلك في جزء كبير منه على مبادرات الادباء والكتاب والمؤلفين ، لان الثورة التقنية التي نتفرج عليها ونستغلها بشؤون محدودة بحياتنا ، انبثقت من خارج اطار المؤسسات الثقافية الرسمية بل ان لا دور فيها للمؤسسات الرسمية سواء في امريكا او الدول الاوربية . واقتصر دورها على تمويل بعض المشاريع الثقافية الوطنية التي تعزز مفهوم الدولة او "دولة المواطنة" وفق المفهوم الثقافي الذي يميز دولة عن اخرى ويضفي عليها طابعها الثقافي الخاص بها .

المشكلة الاساسية في الدول العربية ان الانظمة العسكرية والدكتاتورية وئدت المبادرات الثقافية المستقلة وسخرت معظم الكتاب والادباء في ماكنتها الدعائية التي لا تتعدى في جوهرها تمجيد الانظمة رغم تخلفها وبؤسها .

ومازال المثقف يراوح في دوامة تلك الدكتاتوريات رغم التطورات التقنية وتوسع فضاء الراي ومساحة النشر على العالم الرقمي بتكاليف قليلة او شبه مجانية بدون رقابة او الزام يقضي على حرية الابداع او يحد من نشاط منتجي الثقافة .كذلك الاعمال الفنية كالوحات التشكيلية او النحت والمعارض والفنون الشعبية التي تميز الثقافة وخصوصيتها لكل بلد وتضفي عليها طابعه الوطني الخاص الذي يعكس تميزه وحضوره الثقافي .

اما التطور الايجابي على الصعيد الثقافي ،انتشار المواقع الثقافية العامة والمتخصصة على الانترنيت التي تهتم بالشؤون الثقافية والاصدارات الجديدة في مختلف الفروع الادبية والفنية والاكاديمية ويشكل قفزة هائلة على مستوى انتشار وتداول الثقافة العربية والمنتح الثقافي العربي خارج اطار المؤسسات الثقافية الرسمية . وفتح الابواب للمزيد من النشاطات الثقافية والفنية وتحررها من عسف الانظمة ووصايتها وشروطها .

وساهم التعليم المدمج على بروز جيل جديدة على الاقل يجيد استخدام تقنيات العالم الرقمي وعصر المعلوماتية الذي بدت الطرق القديمة والكلاسيكية بالتضاؤل امامه وفق الاحصائيات العلمية من ناحيتي الاعداد والنوع . ووسعت دوائر التعليم وتنوعها الذي يعد الرافد الاساسي للنهوض بالثقافة اوتحررها من القيود والقوالب الجامدة والانماط الكلاسيكية للكتابة . ونبين ان التطورات التقنية لا تعني اهمال انماط الكتابة التقليدية او الكلاسيكية او اننا ضد انماط الكتابة الكلاسيكية وانما هناك تطورات فنية وثقافية على صعيد الكتابة او المحاضرات والامسيات الثقافية والادبية واساليب وتقنيات الطباعة والدعاية تلعب دورا اساسيا بتجديد الثقافة والفنون وجعلها بمتناول الجميع بطرق تقنية سريعة وسهلة وغير مكلفة لجميع المستويات الثقافية .

ولا يمكن للثقافة العربية ان تهمل التطورات التقنية الجديدة او تسبح عكس التيار .

والمعنى الاخر ان التطورات التقنية الجديدة ضرورة عصرية تختصر الوقت وتحرر العمل من الروتين وتزيد التنظيم وسرعة الاداء ليس في مجالي الثقافة والفنون وانما في جميع شؤون حياتنا وتصل بها الى نقطة اللاعودة .

وفيما يلي امثلة تضطر الى تغيير اساليب وطرق العمل ليس اختصارا للوقت فقط وانما لانها اكثر تنظيما ودقة من الاساليب القديمة :

الارشفة بواسطة التقنيات الجديدة "الالكترونية" : اسرع واكثر دقة وتنظيما وتصل الى مئة بالمئة بينما الارشفة بالوسائل القديمة لا يمكن ان تصل الى هذه النسبة الكاملة .

تنطبق هذه الميزات على صناعة الكتاب واساليب الطباعة والدعاية .

اعادة مشاهدة الامسيات والفعاليات الثقافية وبرمجتها وفقا للوقت المناسب لمشاهدتها وهذه من الميزات المشتركة ولكن الفرق بالتقنيات المختلفة وادوات التصوير بابعاده الثلاثية المستحدثة .

الطباعة الرقمية تتيح انجاز طباعة الكتاب بوقت قياسي لا يستغرق اكثر من دقيقتين بعد اعداده وتهيئته للطباعة باحدى الصيغتين :

 PDF او word DOCX .

وامكانية نشر روابط الكتاب على مواقع التواصل الاجتماعي .

وامكانية توفر الكتاب الرقمي مجانا او مدفوع الثمن بواسطة المفتاح الرقمي التي لا يسمح بتصفح الكتاب او قراءته قبل دفع ثمنه .

توفر منصات مجانية على الانترنيت لعرض الكتاب للبيع او القراءة المجانية او تنظيم حملة دعائية عن الاصدار .

وسواها من المميزات التي تجعل من التقنيات الجديدة ضرورة لابد منها مستقبلا .

 

قيس العذاري

7.2.2021

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم